تحسن الأمن يزيد من طلب العراقيين علي عمليات التجميل

لم تعد عمليات التجميل المنتشرة في العراق، تقتصر على ضحايا التشوهات الناجمة عن التفجيرات، بل إن عدداً متزايداً من العراقيين باتوا يبحثون عن الجمال في عيادات التجميل، رغم صعود المد الديني في البلاد.


لكن التشدد الديني لم يردع نادية كاظم (45 عاما) وهي، ام لطفلين، من دفع 1900 دولار مقابل عملية شد البطن وتكبير الارداف، آملة في التشابه مع الفنانة الامريكية الشهيرة بيونسيه.

وتقول في هذا السياق، "اجريت عملية تجميل ارضاء لنفسي ولكي املك الثقة، و اريد الحفاظ على شبابي حتى اشعر بالسعادة" مؤكدة انها تلقت "كامل الدعم" من زوجها لاجراء العملية.

لكن بسبب دعوة بعض رجال الدين الى التشدد في تطبيق التعاليم الاسلامية، فإن نادية وغيرها ليسوا قادرين على اظهار جمالهن في الاماكن العامة.

اما الخريجة الجامعية رولا حميد (23 عاما) التي اجرت عملية تجميل لانفها فتقول "كنت قادرة على ابراز جمالي في السابق لكن الامور تغيرت لأن الميليشيات والاسلاميين اجبروا النساء على ارتداء الحجاب".

وتضيف "كنا ننعم بالحرية اكثر زمن صدام،  اعرف العديد من الفتيات من اللواتي لا يسمح لهن ابائهن بالخروج بسبب جمالهن".

وتتابع رولا "اعرف ان بعض رجال الدين يعارضون الجراحة التجميلية لكنني لا اعتقد ان التخلص مما يزعجك حقا يعتبر حراما".

ونساء العراق لسن الوحيدات اللواتي يرغبن في اكتساب مزيد من الجاذبية.

ويقول مصطفى عباس (27 عاما) مهندس كمبيوتر "اجريت جراحة تجميلية لانفي الكبير. ليس فقط لحل مشاكل التنفس التي كنت اعاني منها" بل لتحسين فرص لقائه مع الفتيات.

ويضيف "اردت اجراء العملية، لانني اعرف تماما ان انفي يبعد عني الفتيات،  الجراحة وسيلة لتغيير الصعوبات. اريد بدء حياة جديدة وان التقي بفتاة لاتزوجها، و استطيع تحقيق ذلك الان".

75% من النساء
ويتزامن ازياد الطلب على الجراحة التجميلية في ظل تحسن الاوضاع الامنية في البلد، مع تزايد نفوذ المتدينين.

فمنذ سقوط النظام السابق الذي كان من اصحاب التوجه العلماني، اصبحت المرأة اكثر فاكثر مرغمة على ارتداء الزي الاسلامي المحافظ بشكل عام واجبرت النساء على تغطية اجسادهن ووضع الحجاب.

لكن على غرار اطباء كثر في العراق, يعتقد حيدر ان الجراحة التجميلية ينبغي ان تكون محكومة بقسم ابيقراط وليس بالتعليمات الدينية.

ويقول في هذا الصدد "انه عملي, يجب ان نحاول مساعدة الناس لمنحهم الثقة بأنفسهم. لكن اذا شعرت ان كلامي لا يساعدهم، الجأ حينها الى الجراحة"، بحسب ما يقول في تقرير لوكالة رويترز، الأربعاء 3-8-2008.

وجهة نظر حيدر شائعة في مجتمع محافظ مثل العراق، حيث لم يعترض معظم رجال الدين على الجراحات التجميلية لكنهم الزموها باحترام الشريعة الاسلامية.

وبناء على ذلك، يجب ان لا ينظر الاطباء الى اجزاء "محرمة" من جسد المرأة مثل الصدر والساقين والبطن.

الا ان معظم الاطباء يتجاهلون ببساطة تعيلمات رجال الدين اذ انه من المستحيل شفط الدهون او تغيير حجم الصدر والارداف من دون اللمس او النظر.

من جهته، يقول الطبيب طارق آل حمداني ان "رغبة الشخص ينبغي ان تكون عاملا حاسما في جراحة التجميل انما ضمن حدود معينة".

ويضيف "في بعض الاحيان، لا اشجع على الجراحة التجميلية اذا لم تكن لازمة مثل حقن الشفاه، او تغيير حجم الصدر" مشيرا الى ان 75% من الذين يطلبون عمليات تجميل هم من النساء.

مشوهو التفجيرات
وإلى جانب هذه الفئة، يقول الجراح العراقي حيدر ان غالبية مرضاه العام الماضي كانوا ضحايا التشوهات الناجمة عن التفجيرات لكن الزبائن تغيروا واصبح اهتمامهم منصبا الآن على عمليات تجميل تمنحهم ثقة اكبر بانفسهم.

وقد عمل حيدر، ويفضل عدم اعطاء اسمه كاملا بسبب استهداف الاطباء في العراق, منذ بداية الاحتلال الامريكي عام 2003 على اجراء عمليات لضحايا الحرب لمعالجتهم من اثار الحروق والتشوهات.

ويوضح لفرانس برس "ما يزال في ذاكرتي وجه الفتاة الصغيرة التي كانت تعاني من حروق في وجهها وعنقها بعد سقوط قذائف هاون على منزلها. كانت حروقها خطرة وجاءت تطلب جراحة تجميلية صيف العام 2005".

ويضيف ان "العمليات الترقيعية هدفها طبي" اكثر من عمليات التجميل الأخرى التي تلاقي اقبالا في العراق كتصغير الانف وتكبير الصدر وشد البطن وشفط الدهون.

ويؤكد حيدر "ينتابني شعور متناقض عندما اذهب صباح كل يوم للعمل واستقبل نوعين
من المرضى، مجموعة مرغمة على عمليات تجميل بسبب تشوهات حدثت جراء الحرب والتفجيرات، والاخرى تأتي اشباعا لرغبتها في اجراء عملية تجميلية".

ويرى ان "الشخص الذي يريد ان يجري عملية تجميل ليس بحاجة الى جراح، انما الى طبيب نفسي لكي يتمكن من كسب ثقته بنفسه ويتقبل هيئته".