بين السادية وعشق الفن هناك .. أحذية مثيرة للجدل

منذ بضعة اشهر، وعندما ظهرت النجمة الأميركية جوينيث بالترو في حذاء من كريستيان ديور بكعب عال، يقدر علوه بأكثر من خمس بوصات، زادت مبيعات الأحذية العالية، بفضل إقبال المرأة عليها.


جوينيث لا ينقصها الطول، لكن (زيادة الخير خيرين)، كما يقولون، الأمر الذي جعلها تبدو في غاية الانوثة فيها، لكنها ايضا لا تحتاج إلى المشي فيها لساعات، كما هو الأمر بالنسبة للمرأة العادية التي رغم ذلك اقبلت عليها إقبال المدمن على الهيروين. لكن هناك فرقا كبيرا بين الأحذية العالية التي تسبب آلام الظهر والأكتاف والرقبة، وبين تلك التي قد تتسبب في كسور ورضوض.

وهذا بالذات ما أشعل فتيل الجدل في أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2009، الذي اتحفنا فيه المصممون بأجمل الأزياء وأحلى الاكسسوارات، لكن كانت هناك أيضا مآخذ كثيرة على أحذيته. ولا نقصد هنا فقط ما أصبح يعرف بـ«سقوط» ميتوشا برادا، إشارة إلى إرسالها عارضات في أحذية عالية بشكل مؤلم وخطير، أدى إلى تعثرهن وسقوط اثنتين منهن، الأمر الذي أجج عليها غضب أوساط الموضة، بل نقصد ان المصممين لم ينجحوا في الإمساك بخيوط فكرة معينة بخصوص هذا الاكسسوار.

فنحن لا نعرف لحد الآن ما هي موضة الموسم المقبل، سوى انها ستكون عالية جدا..لافتة جدا، وأن الحذاء المنخفض من دون كعب، أو ما يعرف بالباليرينا، لم يدخل حسابات المصممين الإيطاليين، بمن فيهم ميتوشا برادا، مما يجعل الحل الأمثل هو ان تتجاهلهم المرأة وتوخي الراحة الانيقة بعيدا عن املاءاتهم المجنونة. فهناك فرق كبير بين خطوط الموضة وصرعاتها، وان نكون انيقات أو ضحيات لشطحاتهم غير الموفقة دائما.

في كل عرض كانت هناك تصميمات معينة، وهو الأمر الذي يصب في صالح المستهلكات، لأنه يقدم لهن خيارات اكبر، لكن كونها غير واقعية، هو ما جعل العديد من النساء يتحاملن على «برادا» التي كانت محبوبة جماهير الموضة، التي لا تخطئ، إلى أن سقطت عارضتان في عرضها. فالمرأة قد تفهم عشق المصممين الرجال للكعوب العالية، وما تمثله لهم من انوثة وجاذبية، حتى وإن لم تتفق معهم، لكن عندما يخرج الأمر من معامل امرأة عصرية تعرف احتياجات بنات جنسها، ولا تلبس هي هذه الأحذية، فإن الأمر يصعب هضمه بسهولة.

لكن هذا لا يعني ان ميتوشا برادا هي الوحيدة التي اسهبت في هذه الأشكال الخطيرة، ولولا سقوط العارضتين لما تعرضت لكل هذه الحملة، لأن ما طرحته كان هو الشكل المفضل لدى العديد ممن عرضوا في اسبوع ميلانو الاخير.

فالعديد من المصممين سبقوها إلى هذا، ونذكر منهم جيسوبي زانوتي، روجيه فيفييه، ديور، جيامباتيستا فالي، من دون ان ننسى كريستيان لوبوتان طبعا، وتميز معظمها بأنها بكعوب رفيعة ومدببة عالية، بينما الجهة الأمامية تكون على شكل «بلاتفورم»، كما رأينا في عروض كل من «بيربيري»، «جيل ساندر»، «دولتشي اند غابانا»، «موسكينو»، جيورجيو أرماني، جيانفرانكو فيري، سلفاتوري فيراغامو وغيرهم.

بالنسبة للألوان والنقوشات، فكانت متنوعة. ففي حين رأيناها في عرض جيل ساندر بالاسود، رأيناها في عرض دولتشي اند غابانا بكل الوان البحر والمرجان، وفي عروض كل من كافالي، بلومارين، غوتشي وبوتشي وآخرين بألوان فاتحة تحاكي الوان الأحجار الكريمة.

السؤال الذي طرحه أسبوع ميلانو، والذي قد يؤدي إلى زوال هذه الموضة المجنونة والسادية إن صح القول، هو: إذا كانت عارضات متمرسات، وعملهن يقوم أساسا على المشي لم يستطعن التحكم فيها وفقدن توازنهن، فما البال إذا كانت من ستستعملها امرأة عادية تقضي وقتها في الركض من بيتها إلى مكان عملها، او إلى روض اطفالها عدا عن المناسبات التي تتطلب وجودها إذا كانت سيدة أعمال. فعدا انها غير عملية، فهي ايضا لا تضفي على المرأة أي جاذبية، لأنه ليس هناك ما هو اسوأ من منظر امرأة لا تتقن فن المشي.