أول عملية زراعة قصبة هوائية باستخدام الخلايا الجذعية

ستمثل هذه العملية خطوة هامة ونقطة تحول هائلة في عالم الجراحة
ستمثل هذه العملية خطوة هامة ونقطة تحول هائلة في عالم الجراحة

أجرى جراحون أوروبيون في إسبانيا بنجاح أول عملية زراعة لعضو كامل من أعضاء الجسم تمت هندسته باستخدام خلايا المريض الجذعية، إذ زرعوا قصبة هوائية لمريضة تبلغ من العمر 30 عاما كانت رئتها قد أُصيبت بداء السل.


فقد ذكرت مجلة "لانسيت" الأسبوعية الطبية المتخصصة أن الإنجاز العلمي الكبير يعني أيضا أن الجراحين تمكنوا، وللمرة الأولى في العالم، من استخدام زراعة أنسجة خلوية بدون الحاجة إلى حقن المريض بمضادات المناعة اللازمة عادة لمنع جسم المريض من رفض العضو المزروع.

وأضافت المجلة أن المريضة كلوديا كاستيلو، التي أُجريت لها عملية زراعة القصبة الهوائية المذكورة منذ خمسة أشهر، تشعر الآن بأنها على ما يُرام ولا تشكو من أي أعراض كانت.

مرض السل
يقول العلماء إن العملية المعقدة تتلخص ببساطة في أن المريضة كاستيلو كانت تعاني من خلل في الجزء من القصبة الهوائية الذي يغذي إحدى رئتيها نتيجة إصابتها بمرض السل الذي أصاب قصبتها الهوائية بالعطب والتضيُّق.

وقد قام العلماء بأخذ جزء من قصبة هوائية لمتبرع متوفي حديثا وغسلوها بمواد كيماوية من أجل تنظيفها من كل الخلايا العالقة بها كي لا يرفضها جسم المريضة.

بعد ذلك أُخذت القصبة ووُضعت في جهاز صنع في إيطاليا حيث غُمرت في محلول مليء بالخلايا الجذعية التي تم أخذها من المريضة نفسها.

تحضير القصبة
وعندما أصبحت القصبة مهيأة للزراعة بعد أربعة أيام من وجودها في المخبر، تم قصها وتحديد شكلها وحجمها المناسبين لجسم كاستيلو ورئتها. 
 
بعد ذلك، زُرعت القصبة بنجاح وأصبحت المريضة قادرة على التنفس بسهولة ويسر وعادت إلى ممارسة حياتها الطبيعية بشكل نشط دون أن تكون بحاجة إلى تناول العقاقير المضادة للمناعة لمنع جسمها من رفض العضو المزروع لاحقا.

وقالت كاستيلو إنها باتت تستطيع العناية بطفليها الاثنين: جوناثان، البالغ من العمر 15 عاما، وإيزابيلا، وعمرها أربع سنوات. كما قالت إنها تستطيع صعود الدرج بدون الإحساس بأن نفسها يكاد ينقطع.

خداع الجسم
وقال العلماء إنهم تمكنوا من خداع جسم المريضة "الذي ظن أن القصبة الهوائية المزروعة هي جزء منه، وبالتالي تجنب رفضها."

وقد شارك علماء من جامعة بريستول في بريطانيا بتطوير وتنمية الخلايا الجذعية التي أُخذت من المريضة واستُخدمت في العملية الجراحية.

مفاجأة سارة
وقال الجراح البروفيسور باولو ماتشياريني من مستتشفى برشلونة بأسبانيا إنه أجرى العملية للمريضة كاستيلو في شهر يونيو/حزيران الماضي، لكن لم يتم الإعلان عنها قبل مراقبتها والتحقق من نجاحها على مر الفترة الماضية.

وأضاف: "كنت خائفا للغاية، فقد كنا في السابق نجري هذا النوع من العمل الجراحي على الخنازير فقط."

وأردف قائلا: "لكن، عندما خرجت قصبة المتبرع من المختبر، كانت المفاجأة سارة للغاية بالنسبة لي."

وأكد البروفيسور ماتشياريني أن القصبة المزروعة تعمل بشكل مشابه ومماثل تماما لأي قصبة طبيعية مأخوذة من متبرع بشري عادي.

نقطة تحول
أما البروفيسور مارتين بيرتشال من جامعة بريستول في بريطانيا والذي أسهم أيضا بالعملية، فقال: "ستمثل هذه العملية خطوة هامة ونقطة تحول هائلة في عالم الجراحة."

وأضاف قائلا: "يستطيع الجراحون الآن البدء برؤية وفهم إمكانية أن تقوم الخلايا والأنسجة الجذعية البالغة بهندسة وتطوير قدرتها على معالجة المرضى المصابين بأمراض خطيرة."

وتوقع البروفيسور بيرتشال، من حيث المبدأ، أن تتم أي عملية زراعة أعضاء بشرية باستخدام نفس التقنية التي استُخدمت في العملية، وذلك في غضون 20 عاما من الآن.

يذكر أنه يتم تشخيص الإصابة بمرض سرطان الحنجرة لما بين 50 إلى 60 ألف شخص في أوروبا كل عام، ويقول العلماء الأوروبيون إن نحو نصف هذا العدد من المرضى يمكن أن يعالجوا عبر زرع القصبة الهوائية لهم وفق الطريقة الجديدة