الركود المالي يهدد عالم هوليوود

خبراء يرون أن المستوى الجيد يضمن انتعاش سوق الأفلام
خبراء يرون أن المستوى الجيد يضمن انتعاش سوق الأفلام

في وجه الركود الاقتصادي، لم تتأثر صناعة السينما الاميركية بشكل كبير، وهو ما يعزوه البعض الى رغبة الجماهير في الهروب من الواقع الى عالم الخيال وأيضا الى المستوى الجيد لعدد كبير من الافلام الصادرة خلال العام.


ولكن يبدو ان على المديرين التنفيذيين في هوليوود استيعاب أن الأرباح التي حققتها أفلامهم لن تصل إلى المستوى غير المسبوق الذي حققته في العام الماضي.

ومع تردي الأوضاع الاقتصادية، تشعر كبريات الشركات المنتجة للأفلام بالسعادة لمجرد تمكنها من الخروج من العام محتفظة بجمهورها الوفي الذي استمر في الاحتشاد داخل دور العرض.

وفي هذا الصدد، علق دان فيلمان، مدير شؤون التوزيع بشركة «بروس وارنر» لوكالة اسوشيتد برس بالقول: «العام الماضي كان غير مسبوق في كل شيء.

لكن الأوضاع الاقتصادية باتت عسيرة حالياً، وأعتقد أنه إذا تمكنا من تحقيق رقم قياسي آخر من حيث العائدات السنوية أو مستوى قريب منه، فسوف نشعر جميعاً بالسعادة».

يذكر أن الشركة أصدرت فيلم «فارس الظلام» (ذي دارك نايت) الذي بلغت إيراداته 531 مليون دولار داخل الولايات المتحدة.

وحتى عشية رأس السنة الجديدة، من المتوقع أن تصل عائدات الأفلام على المستوى المحلي إلى مستوى يقل عن المستوى القياسي الذي شهده عام 2007 بإيرادات بلغت 9.7 مليار دولار، طبقاً لما ورد عن مؤسسة «ميديا باي نمبرز» المعنية بمتابعة إيرادات دور العرض.

جدير بالذكر أن عدد التذاكر التي بيعت فعلياً خلال عام 2008 يقل بنسبة 5% عن العدد المناظر في العام السابق، عندما بلغ الإجمالي 1.4 مليون تذكرة.

وتاريخياً، أبدت هوليوود دوماً قدرة كبيرة على الصمود في مواجهة فترات الركود أفضل من الكثير من النشاطات التجارية الأخرى، ويرجع ذلك إلى أن الأفلام لا تزال رخيصة نسبياً مقارنة بالأحداث الرياضية والعروض المسرحية الحية والصور الأخرى من الترفيه.

ومع أن الضغوط الاقتصادية على عاتق المستهلكين سوف تكبد بالتأكيد استوديوهات إنتاج الأفلام بعض الخسائر المالية، فإن قائمة الأفلام التي أحرزت نجاحاً كبيراً خلال عام 2008 تعد بمثابة مؤشر على تمتع هذا النشاط التجاري بصحة جيدة وقدرته على توفير المنتجات من مختلف الأنماط.

ومع تحقيقه إيرادات خلال الأسبوع الأول لعرضه بلغت 158.4 مليون دولار، حطم فيلم «فارس الظلام»، أحد أجزاء سلسلة أفلام «باتمان»، الأرقام القياسية التي سبق إحرازها من حيث عائدات الأسبوع الأول للعرض.

ووضع هذا الفيلم هيث ليدجر على قائمة الترشحات المحتملة لنيل جائزة الاوسكار بعد وفاته عن تجسيده دور «جوكر»، الشرير المخبول.

 كما سجل فيلم «الرجل الحديدي« (آيرن مان)، وهو إنتاج مشترك بين شركتي باراماونت ومارفيل، إيرادات كبيرة بلغت 318.3 مليون دولار.

وتلاه من حيث الإيرادات، بفارق ضئيل، «إنديانا جونز ومملكة الجماجم الكريستالية» من إنتاج باراماونت، والذي برع فيه هاريسون فورد، بطل المدرسة القديمة في التمثيل، بإيرادات بلغت 317 مليون دولار.

ومن بين الأفلام الأخرى التي سجلت أرباحاً كبيرة فيلم المغامرات «هانكوك»، بطولة ويل سميث وإنتاج شركة سوني.

وفيلم «قدر من العزاء»، أحد سلسلة أفلام جيمس بوند التي تنتمي لنوعية أفلام الإثارة، وفيلم «مطلوب» (وونتد)، الذي ينتمي لنوعية أفلام الحركة، ومن إنتاج يونيفرسال، علاوة على عدد من الأفلام الكوميدية يتصدرها فيلم «وول إي» إنتاج شركة ديزني ـ بيكسار.

من ناحية أخرى، ففي الوقت الذي ما زال فيه الرجال الشباب يشكلون النسبة الأكبر من جمهور هوليوود، تدفقت النساء والفتيات على دور العرض من أجل مشاهدة أفلام «سكس آند سيتي» الكوميدي من إنتاج وارنر بروس، و«الغروب» (توايلايت) الرومانسي، من إنتاج سميت إنترتينمنت، و«ماما ميا» الغنائي، إنتاج يونيفرسال.

 من حيث الجودة، جاءت الأفلام التي سجلت النجاح الأكبر خلال الصيف في مستوى فني أرقى من المستوى المعتاد لأفلام الحركة السخيفة والأخرى الكوميدية التافهة. وأبدى النقاد استقبالاً جيداً لفيلم «الرجل الحديدي».

وأشادوا كثيراً بـ«وول إي» و«فارس الظلام». وترشح الأخير للانضمام لقائمة الأفلام المرشحة لنيل جائزة الأوسكار المقرر إعلانها في 22 يناير (كانون الثاني) المقبل. من جهته، أعرب روب مور، نائب رئيس شركة باراماونت، التي كان من بين النجاحات الأخرى التي قدمتها، فيلم «الرعد الاستوائي»، وهو نوعية الأفلام الكوميدية.

وتضمن نمطا مختلفا تماماً من الأداء لبطليه روبرت داوني جونيور وتوم كروز، عن اعتقاده بأن الأفلام التي حققت نجاحاً كبيراً خلال عام 2008 أثبتت أن الأفلام التي تحصد عائدات ضخمة «ليس من الضروري أن تدور حول فكرة سخيفة. إذا تمكنت من تقديم قصة مثيرة، ستنجح في اجتذاب الجمهور».

ومع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع التي تتزامن مع الاحتفالات ببداية العام الجديد، ما تزال هوليوود تقدم في دور العرض عدداً من الأفلام التي لا ينبغي تفويت فرصة مشاهدتها، مثل الفيلم الاجتماعي «مارلي آند مي»، إنتاج شركة تونتيث سنشري فوكس.

وكذلك مجموعة من الأفلام المرشحة لنيل جوائز مثل «قصة بنيامين بوتون المثيرة» و«الشك» (داوت) و«الطريق الثوري» (ريفلوشنري رود) و«غران تورينو». وأوضح بول ديرغارابديان، رئيس مؤسسة «ميديا باي نمبرز»، أنه عندما يشاهد الجمهور أفلاماً تحظى بإعجابه، فإنه يميل للعودة مرة أخرى لمشاهدة المزيد من الأفلام.

وعليه، فإن حسن النية التي يتم تحقيقها من خلال النجاحات الأخيرة ستساعد على تحقيق نجاحات أخرى خلال عام 2009، طالما ظلت الأفلام جيدة المستوى.

وأضاف أنه: «من المهم للغاية الآن أكثر من أي وقت مضى أن تأتي الأفلام على مستوى جيد، ذلك أن الناس باتوا حريصين الآن في انتقاء المجالات التي ينفقون بها أموالهم.

 لذا، يجب أن يشعروا بالرضا حيال المنتج. وعندما يستغل الجمهور الأفلام كوسيلة للهروب من متاعبهم اليومية، من الأفضل أن يشعرهم هذا الملاذ بالراحة».