وفاة مؤسس إمبراطورية «توني آند غاي» العالمية لتصفيف الشعر

غيرت محلات «توني آند غاي» مفهوم الحلاقة في بريطانيا بعد افتتاح اول فرع لها في لندن
غيرت محلات «توني آند غاي» مفهوم الحلاقة في بريطانيا بعد افتتاح اول فرع لها في لندن

نزل خبر وفاة غاي، أحد مؤسسي امبراطورية «توني آند غاي» لتصفيف الشعر العالمية، كالصاعقة على العاملين في محلات الشركة المنتشرة في 400 محل في 41 بلدا، وتوقف مجفف الشعر عن العمل يوم الجمعة الماضي في محلات المؤسسة العملاقة الواقعة في لندن، حدادا على غاي ماسكولو (65 عاما)، أحد أفراد عائلة ماسكولو الإيطالية التي جاءت في منتصف عام 1950 من مدينة سكافارتي الصغيرة الواقعة على مقربة من بوبايي في مقاطعة كامبانيا في الجنوب الإيطالي إلى منطقة كلابهام في جنوب لندن، وتعلم الأبناء الخمسة توني (اسمه الأصلي جوزيبي)، وغاي (اسمه الأصلي غيتانو)، وبرونو، وأنتوني، وأندريا مهنة الحلاقة وتصفيف الشعر على يد والدهم فرانتشيسكو ماسكولو الذي كان يملك محلا للحلاقة مع زوجته ماريا.


وفي عام 1963 أطلق الأخوان جوزيبي وغيتانو، وهما في سن صغيرة جدا، أول محل للحلاقة تحت اسم «توني آند غاي» في كلابهام، وانضم الإخوة الباقون إليهما لاحقا.

عمل الإخوة ماسكولو كان أشبه بصدمة حقيقية للمجتمع البريطاني المحافظ، فكان لعائلة ماسكولو نظرة مختلفة لعالم تصفيف الشعر والحلاقة، ويعود لها الفضل في انتشار فكرة محلات تصفيف الشعر «اليونيسيكس»، أي للرجال والنساء في بريطانيا، فالفكرة كانت جديدة بالنسبة للبريطانيين، غير أن فضول البعض لاختبار فلسفة جديدة لفن تصفيف الشعر أدى إلى شهرة المحل الذي انفرد بتقديم خدمة الحلاقة وتصفيف الشعر في قالب من الأناقة الإيطالية التي اكتسبها الإخوة، لكونهم من إيطاليا، وهم أبناء واحد من ألمع الحلاقين المتواضعين في تلك الأيام.

وفي منتصف السبعينات افتتح الإخوة ماسكولو أول محل لهم في وسط لندن في شارع دايفس في منطقة مايفير الراقية. وهذه النقلة النوعية في الجغرافية اللندنية سلطت الأضواء على المحل، الذي راحت أهم مجلات النخبة الاجتماعية تتهافت على نقل أخبار الحلاقين الإخوة الذين قاموا بابتكار قصات شعر رائعة ترتكز على أشكال هندسية.

وكان لعائلة ماسكولو الفضل في نشر فكرة المهرجانات الخاصة بالحلاقين التي تعرض فيها مهارات كل منهم، وذاع صيت محل «توني آند غاي» في مايفير؛ مما دعا توني وغاي إلى افتتاح فرعين إضافيين في كل من منطقة كوفنت غاردن التي كانت ـ ولا تزال ـ قبلة للفنانين، وسلوان سكوير التي تسكن فيها أرقى العائلات اللندنية، بالإضافة إلى تأسيس أول معهد لتعليم مهنة الحلاقة وتصفيف الشعر في وسط لندن، وأصبح بذلك توني وغاي ماركة مسجلة، أطلقت لأول مرة في تاريخ الحلاقة منتجات للعناية بالشعر خاصة بالشركة تحت اسم TIGI.

«توني آند غاي» يعتبر اسما لامعا انتشر في لندن وضواحيها ليطال الولايات المتحدة الأميركية ومختلف بقاع العالم، ففي الثمانينات ازداد الطلب على فن الإخوة ماسكولو الذين كانوا يعملون بمهنية عالية وتناغم بارز من خلال الابتكار الدائم والتوسع، ولطالما واظب جميع الإخوة على القيام بعملهم بنفسهم، ولطالما عرف عن غاي حبه وتفضيله لفرع سلوين سكوير، والكثير من الذين زاروا الفرع حالفهم الحظ للقائه والتكلم معه، فكان معروفا بلباقته في التكلم، وحبه لعمله، وكرمه، فإلى جانب كونه من ألمع الحلاقين ومصففي الشعر العالميين، كان فنانا بكل ما في الكلمة من معنى.

كان يعشق الموسيقى، فكانت له عدة أعمال فنية خاصة به، وقام بتأليف الموسيقى لغيره أيضا، وكان عازف غيتار محترفا، وكان من المعروف عنه حبه للعبة كرة القدم، وكان من مشجعي فريق تشيلسي الإنجليزي، وقام بأعمال خيرية عديدة، وكان يكرس معظم وقته في أستوديو الرسم الذي يملكه في كل من لندن ومكان إقامته في دالاس لرسم اللوحات وبيعها في مزادات؛ ليذهب ريعها إلى مختلف المؤسسات الخيرية.

وفي مقابلة مع جريدة «الشرق الأوسط»، قال الطاهي الإيطالي سالفاتوري كالا ليسينا، أحد أصدقاء غاي، إنه كان طاهيا ماهرا، وكان يقوم بتحضير طبق «سوغو نابوليتانا» الإيطالي بطريقة تفوق الوصف، وكان فنانا رائعا ومتواضعا، ولم تنسه الشهرة أصدقاءه، فبعد انتقاله إلى دالاس في عام 1983 مع أخيه برونو، بقي على اتصال دائم مع جميع أصدقائه في لندن، وكان يقسم وقته ما بين أميركا وإنجلترا، وكان له الفضل الأكبر في توسيع الشركة في أميركا، وكان أول من نقل محلات الحلاقة وتصفيف الشعر إلى المراكز التجارية هناك، كما ركز كثيرا على المنتجات الخاصة بالشركة التي احتلت مكانة كبيرة في الأسواق العالمية، وقام غاي وبرونو ببيع حقوق المنتجات الشهر الماضي إلى شركة «يونيليفر» بسعر 415 مليون دولار.

في حين انتقل غاي وبرونو إلى الولايات المتحدة، بقي توني وأنتوني في بريطانيا، وانضمت إليهما لاحقا ابنة توني ساشا التي حازت على جائزة أفضل مصففة للشعر العام الماضي. وبعد توسع الشركة بشكل لم يكن يحلم به الإخوة ماسكولو، كان لا بد من إطلاق فكرة بيع الحقوق والاسم «فرانتشايز»، وهكذا أصبحت الشركة ماركة عالمية بامتياز.

تزوج غاي ماسكولو مرتين، وأنجب من زوجته الأولى ولدين، هما غاي جونيور، وزاك الذي يعمل حاليا مدير التصميم والابتكار في محلات «توني آند غاي» في نيويورك، وأثمر زواجه الثاني من سيدة إيطالية تدعى فلورا ابنتين، هما إيمانويلا، وزارا.

توفي غاي جراء سكتة قلبية مفاجئة وهو في أستوديو الرسم الذي يملكه في دالاس، والذي كان من أحب الأماكن إلى قلبه.