التنهيدة نعمة كبيرة.. إليك أسبابها وفوائدها

التنهد ومعناه الحقيقي
التنهد ومعناه الحقيقي

نعلم أن الإرهاق والحزن والراحة لكل واحدة منهم شعور مختلف، لكن كما يبدو أن التنهد هو النهاية المكملة لكل حالة انفعالية نشعر بها، لكن لماذا نتنهد؟ 


لقد كان هناك الكثير من النظريات بخصوص هذا الأمر، لكن ليس هناك تأكيد على أسباب التنهد، والآن قام الباحثون بملء جزء هام من هذا اللغز المعروف بالتنهد فقد اكتشفوا المسارات العصبية المسؤولة عن تكرار التنهد بعيدا عن التنفس المنتظم، وتم نشر الدراسة التي توضح ذلك هذه الأيام في المجلة الدورية المعروفة باسم Nature.

ماهو التنهد؟

طبقا لما أقره الباحثون يعرف التنهد بأنه نفس عميق طويل يقدر حجمه ضعف حجم النفس النمطي ويرتبط بالطبع بالمشاعر التي يشعر بها الإنسان، ويعرف أيضا بأنه نوع من تمدد الرئتين ويؤدي التنفس الدوري العميق إلى تضخم الحويصلات الهوائية وهي أكياس صغيرة توجد في الرئتين حيث يمر الأكسجين وثاني أكسيد الكربون من وإلى الدم.

ولو تمكن الأطباء من رفع مستويات هذه المركبات بالتالي يمكنهم زيادة التنهد لدى المرضى الذين يعانون من صعوبة في تنفس بمفردهم.

وهذا التمدد هام للحفاظ على عمل الرئتين بشكل صحيح، وعندما تنهار الحويصلات الهوائية فإنها تعرض قدرة الرئة على تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون للخطر، وهذا ما صرح به جاك فيلدمان عالم الأعصاب في جامعة كاليفورنا وهو أحد مؤلفي الدراسة وقد صرح بهذا في بيان صحفي.

والطريقة الوحيدة لمساعدة هذه الحويصلات على أن تنفتح مرة أخرى يكون بالتنهد الذي يضاعف الحجم الطبيعي للنفس ولو لم يتنهد الشخص سوف تصاب رئتاه بالفشل مع مرور الوقت.

ولهذا السبب يقوم المخ بتحفيز التنهد عدة مرات في الساعة لدى البشر ويتكرر التنهد أكثر لدى الحيوانات، لكن لم يستطع العلماء أبدا أن يحددوا الخلايا العصبية في المخ التي تنشط هذا العمل اللاإرادي.

ومن هذا المنطلق قرر الباحثون النظر داخل مركز التنفس في المخ في جزع الدماغ، وقاموا بتحليل الجينات في تلك الخلايا ووجدوا أن مئات قليلة منها تنتج واحدة من مادتين كيميائيتين تسمحان لها بالتواصل مع ما يعرف بـ (preBotzinger Complex) وهو عبارة عن حزمة من بضعة آلاف من الخلايا العصبية المعروفة بالتحكم في معدل وإيقاع التنفس.

وعندما قام الباحثون بحقن هذه المركبات المعزولة مسبقا والمعروفة بـ (Nmb) أو (Grp) في مخ الفئران، اكتشفوا أن الفئران تتنهد على الأغلب عشر مرات أكثر في الساعة. وعندما قام الباحثون بغلق ببتيد الـ Nmb تنهدت الفئران نصف عدد التنهيدات التي يقومون بها من البداية، كما أن منع المسارات التي تساعد الفئران على التنهد جعلتهم يتوقفون تقريبا عن التنهد تماما ولم تؤثر هذه التغيرات على التنفس الطبيعي للفئران.

وتوجد نفس الببتيدات لدى الإنسان ويعتقد الباحثون أنها أيضا تنظم التنهد لديه ولو تمكن الأطباء من زيادة هذه المركبات يمكنهم بالتالي زيادة التنهد لدى المرضى الذين يعانون من مشكلات في التنفس وتقليلها لدى المرضى المصابين بالقلق أو أي اضطرابات نفسية أخرى تجعلهم يتنهدون بشكل متكرر وزائد عن الحد.

ويعتقد الباحثون أنهم اكتشفوا الكثير من الدوائر وراء التنهد، لكنهم مازالوا غير متأكدين مدى ارتباط المشاعر والانفعالات بالمسارات العصبية المرتبطة بالتنهد. وقد قال الدكتور فيلدمان إنه ربما تكون الخلايا العصبية الموجودة في الدماغ والمسؤولة عن معالجة العواطف هي التي تؤدي لإطلاق الببتيدات العصبية للتنهد، لكنهم لايعرفون حتى الآن.

وهناك دراسات أخرى تناولت الجانب النفسي للتنهد وكشفت أن التنهد قد يكون وسيلة اجتماعية يستخدمها الإنسان للتعبير عن مشاعره أو ربما هي زر لإعادة ضبط الجهاز التنفسي.

ومازال العلم مستمراً في البحث عن أسرار قدرة الخالق في مخلوقاته.