هل طرق تنشيط الذاكرة فعالة؟

هل طرق تنشيط الذاكرة فعالة
هل طرق تنشيط الذاكرة فعالة

يبحث الكثير من الناس عن طرق فعالة لتنشيط الذاكرة، وتحسين القُدرة على الحفظ والتذكّر. ولعل بحثًا سريعًا على الإنترنت، يعود بعشرات أو حتى مِئات المواقع، التي تُقدم نصائح لتنشيط الذاكرة، ولكن هل حقًا ما تُقدمه تلك المواقع، أي طُرق تنشيط الذاكرة فعالة؟


يبحث هذا المقال في موضوع طُرق تنشيط الذاكرة، ويُجيب على عدد من الأسئلة الهامة حول ذاكرة الإنسان بشكل علمي دقيق، من بينها: ما هي الذاكرة؟ ما الذي يُسبب ضعف الذاكرة حتّى يتسنّى تجنبه؟ هل طرق تنشيط الذاكرة فعالة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فما هي أبرز هذه الطرق؟ وغيرها من الأسئلة.

 ما هي الذاكرة؟

الذاكرة هي قُدرة العقل البشري على تخزين المعلومات التي تصل إليه ثم استرجاعها فيما بعد متى ما كان هُناك حاجةً لذلك. وقد يظن الكثير من الناس أن الذاكرة لدى البشر هي أحد أجزاء الدماغ، وأن هذا الجزء مسؤول بمفرده عن عملية تخزين المعلومات، إلاّ أن آخر ما توصّل إليه الباحثون في هذا المجال، هو أن الذاكرة عبارة عن عملية مُعقدة تتألف من ثلاث مَهام رئيسية، يتشارك في القيام بهذه المهام الثلاث 6 أجزاء من الدماغ.

كما أن الدماغ البشري يقوم بتصنيف المعلومات التي يخزنها أو الذكريات إلى عدد من الأنواع، ويختلف مكان تخزين المعلومات في الدماغ بحسب نوعها.

فيما يلي العمليات الثلاث التي يُجريها الدماغ والتي تُشكل بمجملها طريقة عمل الذاكرة:

التشفير (Encoding): 

بالنسبة للعقل البشري، التشفير هو طريقة استيعاب العقل للمعلومات التي تصل إليه، أو هي عملية إعادة تشكيل أو صياغة المعلومة بصورة يَسهُل تخزينها. هُناك أربع طُرق لتشفير المعلومات في الدماغ، وهي التشفير البصري، والذي يُستخدم لِمُعالجة المعلومات حول أشكال الأشياء. 

والتشفير السمعي، وهو خاص بالمعلومات التي تصل إلى الدماغ عن طريق حاسة السمع. بالإضافة إلى تشفير المعاني والذي يُستخدم لتشفير المعلومات المُتعلقة بمعنى أمر ما. 

والتشفير الحِسّي، والذي يُستخدمه العقل مع المعلومات حول مَلمس الأشياء ودرجة حرارتها مثلًا، وغيرها من المعلومات التي تصِل إلى العقل حول شئٍ ما، عن طريق اللّمس.

التخزين (Storage): 

خلال هذه العملية، يقوم الدماغ باتخاذ القرار حول مكان تخزين المعلومة، وكيفية تخزينها، بالإضافة إلى المُدة الزمنية التي يجب أن تبقى خلالها هذه المعلومة مُخزنة، قبل أن يتم التخلص منها. يوجد نوعين من الذاكرة في الدماغ البشري وهما الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى. خلال عملية التخزين، يُقرر الدماغ في أي قسم أو نوع سيقوم بتخزين كُل معلومة يتعامل معها. 

جدير بالذكر أن المعلومات التي يتم تشفيرها باستخدام التشفير السمعي، أي التي تَصِل إلى الدماغ عن طريق حاسة السمع، يتم تخزينها في الغالب في الذاكرة قصيرة المدى. 

ويُمكن نقل المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى من خلال التكرار المُستمر، كما أن قِلة الاهتمام أثناء الاستماع، بالإضافة إلى مرور مقدار من الوقت يُؤديان إلى فُقدان هذه المعلومات من الذاكرة قصيرة المدى.

الاسترجاع أو التذكّر (Retrieval): 

هي عملية استعادة معلومة أو مجموعة من المعلومات التي سَبَق وأن قام الدماغ بتشفيرها وتخزينها على هيئة ذكريات في الماضي من أجل استخدامها أو الاستفادة منها في الحاضر. 

وبالرغم من أن الآلية التي يقوم من خلالها الدماغ باستعادة أو تذكر معلومة ما، لا تزال غامضة إلى حدٍ كبير بالنسبة للباحثين، لكنهم توصلوا إلى أن العملية تتم من خلال مُحاكاة النشاط الذي قام به الدماغ أثناء وقوع ذلك الحَدَث، الذي تكوّنت تِلك الذِكرى بناءًا عليه.

جدير بالذكر أن مناطق الدماغ التي تُشارك في أداء وظيفة الذاكرة هي:

- القشرة الجبهية. - القشرة المُخية الحديثة. - النوى القاعدية. - المُخيخ. - الحُصين (hippocampus). - اللوزة الدماغية (amygdala).  

ما الذي يُسبب ضعف الذاكرة؟ 

هُناك العديد من العوامل والأسباب التي تُؤدي إلى ضعف الذاكرة، بعضُها يُعتبر أمراضًا جسدية أو نفسية، وبعضها الآخر أسباب طارئة أو مُؤقتة. كما أن هُناك عادات غير صحية تُؤثر سلبًا على الذاكرة. فيما يلي عدد من العوامل التي تُؤدي لضعف الذاكرة:

- نقص فيتامين B12. - وجود ورم في الدماغ. - التخدير الكلي أو البنج لدى الخضوع لعملية جراحية. - بعض أنواع علاج السرطان. - التعرض لإصابة في الرأس وارتجاج المخ. - عدم النوم بشكل كافي. - اضطرابات الغدة الدرقية. - تناول المشروبات الكحولية. - الاكتئاب والضغط العصبي واضطراب القلق (Anxiety). - نقص إمدادات الأكسجين للدماغ.  هل طرق تنشيط الذاكرة فعالة؟

بشكلٍ عام يُمكن القول أن الإجابة هي نعم، فقد أثبتت العديد من الدراسات أن هُناك طُرق فعالة لتنشيط الذاكرة. وذلك لأن الذاكرة هي أحد الوظائف التي يقوم بها الدماغ، والتي ثَبُت علميًا أنها تتأثر بشكل سلبي بعدد من العوامل والأسباب التي يُمكن مُعالجتها، كما أنها تتأثر بعدد من الأسباب التي تُعتبر عادات غير صحية يُمكن الإقلاع عنها. 

وبالتالي، يُمكن القول أن علاج أسباب ضعف الذاكرة والحرص على اتباع نظام غذائي مُتوازن، بالإضافة إلى الالتزام بنمط حياة صِحي، كُلها أمور تُشكل بمجملها طُرق فعالة لتنشيط الذاكرة.

فيما يلي عدد من النصائح التي يُسديها الأطباء والخُبراء النفسيين، والتي تُعتبر من ضمن طرق تنشيط الذاكرة الفعالة:

- تجنب السُكّر والكربوهيدرات المُعالجة:

أظهرت الدراسات أن تناول كميات كبيرة من السُكر المُضاف كما في الشاي والقهوة والمشروبات الغازية، وكذلك الحلويات والمخبوزات يُؤدي إلى ضعف الذاكرة وتراجع حجم الدماغ. يُشار إلى أن تجنب السُكر له تأثير إيجابي على الصحة العامة للجسم وليس تنشيط الذاكرة فقط.

- تناول السّمك:

أو المُكملات الغذائية التي تحتوي على زيت السمك. زيت السمك غني بالأحماض الأمينية التي تُسمى أوميغا-3، وهي عناصر غذائية مُهمة للصحة العامة ومُضادة للالتهابات، كما أن لها تأثيرًا وقائيًا ضد أمراض القلب، بالإضافة إلى أنها تعمل على تنشيط الذاكرة.

- مُمارسة التأمل والاسترخاء (Meditation):

ممارسة التأمل والاسترخاء أمر يعمل على تنشيط الذاكرة، كما أنه يُكافح التوتر والضغط العصبي، وهُما أي التوتر والضغط العصبي من العوامل التي تُؤدي إلى ضعف الذاكرة.

- الحفاظ على وزن مثالي أو صحي:

- يُشير عدد من الدراسات إلى أن الاصابة بالسُمنة، هو أحد العوامل التي تُؤدي لضعف الذاكرة العام، كما أنه من العوامل التي ترفع احتمال الإصابة بمرض الزهايمر.

- الحصول على القسط الكافي من النوم: 

عدم النوم بشكل كافي، أمر له تأثير سلبي على القدرات العقلية والذاكرة، مما يعني أن الحرص على النوم بشكل كافي يُقلل من احتمال التعرض لضعف الذاكرة ويعمل أيضًا على تنشيط الذاكرة. يُذكر أن مقدار النوم الكافي للبالغين يتراوح بين 7 و 9 ساعات، أي في المتوسط 8 ساعات يوميًا.

- تجنب المشروبات الكحولية:

تناول المشروبات الكحولية له عدد من التأثيرات السلبية على صحة جسم الإنسان، ومن بينها إضعاف الذاكرة.

- المُحافظة على نشاط الدماغ والذاكرة: 

تمامًا كما هو معروف بالنسبة للعضلات، أن التمرين يُؤدي إلى زيادة قوة العضلات وزيادة حجمها، كذلك بالنسبة للدماغ والذاكرة. ويُمكن الاستعانة بألعاب الذكاء كالكلمات المُتقاطعة وألعاب التذكر كنوع من التمرين للذاكرة.

- مُمارسة الرياضة: 

بطبيعة الحال، ممارسة الرياضة تُعتبر عامل أساسي من أجل خسارة الوزن الزائد، وكذلك المُحافظة على الوزن الصّحي دون زيادة، أي أن الرياضة تُساعد على تطبيق أحد طُرق تنشيط الذاكرة المذكورة أعلاه، لكن تأثير الرياضة على تنشيط الذاكرة لا يقف عند هذا الحد، فقد توصل الباحثون أن الرياضة في حد ذاتها تعمل على تحسين صِحة الدماغ وتنشيط الذاكرة. 

يُشير أحد المصادر إلى أن التمارين الرياضية التي تُؤدي إلى رفع مُعدل ضربات القلب (Aerobic exercise) لها تأثير إيجابي على صحة الدماغ والذاكرة، ويَذكُر المشي السريع على رأس قائمة من النشاطات الرياضية المُقترحة، من أجل تنشيط الذاكرة.

يُقدم أحد المقالات التي نُشِرت سابقًا على مسبار بعنوان هل المشي ينقص الوزن؟ معلومات شاملة حول خسارة الوزن، ورياضة المشي.

- تناول القهوة والكاكاو:

تُشير الدراسات إلى أن الكافيين يعمل على تنشيط الذاكرة بنوعيها، أي الذاكرة قصيرة المدى والذاكرة طويلة المدى، وتُعد القهوة والشاي الأخضر من المصادر الجيدة للكافيين، لكن وَجب إعادة التذكير بأضرار السُكر على الذاكرة، لذا يُنصح بتناول القهوة والشاي الأخضر دون إضافة السُكّر.

أما فيما يخص الكاكاو، فقد وجدت دراسة أُجرِيت في عام 2011 أن الكاكاو، ولأنه يحتوي على مواد تُسمى الفلافونويدات (flavonoids)، يعمل على تحسين صحة الدماغ، كما أن الفلافونويدات تعمل على زيادة تدفق الدم إلى الدماغ. 

ويُنصح بتناول كميات معتدلة من الشوكولاتة المُرّة (dark chocolate)، التي تحتوي على الكاكاو بنسبة تزيد عن 70%.