زواج "البارت تايم" يثير الجدل في مصر.. فما هو؟ وما رأي الدين؟

زواج البارت تايم
زواج البارت تايم

رد أحمد مهران، صاحب مبادرة "زواج البارت تايم"، على الهجوم الذي شنه رواد مواقع التواصل الاجتماعي عليه، عقب طرحه لمبادرته، والتي وصفت بأنها "تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي وتحرض على الفسق والفجور".


وقال مهران من خلال حسابه على موقع فيسبوك، ردًا على الانتقادات التي وجهها له واد مواقع التواصل الاجتماعي: بحثت بعناية وسألت الأزهر وأهل العلم وأفتوني بحلالها.

وكان أحمد مهران، الذي يُعرف نفسه بأستاذ القانون العام، والمحامي المتخصص في قضايا الأسرة، قد أثار الجدل من جديد على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بطرحه لمبادرة جديدة، أطلق عليها مبادرة "زواج البارت تايم".

وأعلن مهران عن مبادرته الجديدة، من خلال عدة منشورات عبر حسابه على موقع فيسبوك، أدعى خلالهما أن مبادرته تقوم على زواج الرجل لصديقات زوجته إذا طلقن من أزواجهن، أو زواج العازب لعازبة وصديقتها.

وأوضح مهران، أن زواج البارت تايم، هو زواج شرعي تتنازل فيه الزوجة عن الحق في المبيت، مضيفًا: سلفى صاحبتك زوجك يتجوزها بالحلال وتشاركك الحياة، ولو صاحبتك غالية عليكي ومن غير جواز اتجوزوا سوا راجل واحد، المهم الحياة تستقر بينكم.

وأردف مهران: زوج سلف ولو ليوم واحد في الأسبوع أفضل من الانحراف الأخلاقي الذي وصل إليه المجتمع ووصل إليه حال الرجال والنساء.

وعلل مهران، أسباب طرحه للمبادرة، بأنها تقضي على ارتفاع نسب الطلاق وتحد من انتشاره، وكذلك تقضي على ظاهرة ارتفاع سن الزواج.

واستند مهران، لعدد من الأقوال، أدعى أنها من أقوال السلف ليبرر بها طرحه لهذه المبادرة، كقول القاضي أبي مسعود: «"من كانت له زوجة واحدة لا يصلح للقضاء ولا الفصل بين الناس"، وقول أبو حيان التوحيدي: "أدركت قوما لا يُجلسون بينهم من كانت له زوجة واحدة يحسبونهم من صغار الناس".

وأتم مهران، حديثه عن مبادرة "زواج البارت تايم"، قائلًا: مع تغيير ثقافة المجتمع أصبح ضرورة ملحة لتسهيل الزواج والحد من المشاكل الزوجية.

وفور إعلان مهران عن مبادرته، تلقى وابل من الهجوم شنه رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر على المبادرة وصاحبها، باعتبار أنها مبادرة غير شرعية وتتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي وتحرض على الفسق والفجور، وغيرها من الاتهامات الأخرى التي وجهها رواد مواقع التواصل الاجتماعي لصاحب المبادرة.

وسرعان ما تحول الهجوم الذي شنه رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، على مبادرة "زواج البارت تايم" وصاحبها، من مجرد انتقادات للفكرة إلى المطالبة بمعاقبته للجرائم التي يرتكبها بفضل الأفكار التي يدعو إليها، وذلك على حد وصفهم.

وبحسب موقع "المصري اليوم" المصري، أوضح أحمد مدكور، وهو باحث بمشيخة الأزهر الشريف، بأن هناك عدة شروط لقيام الزواج في الإسلام، تقوم كلها على المودة والرحمة بين الزوج والزوحة، وهو ما يؤكده كافة الأدلة الشرعية، كقوله تعالى «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ».

وأوضح «مدكور»، أن شروط الزواج الشرعي في الإسلام تقوم على الإيجاب، والقبول، والوالي، والشاهدان، والصيغة، والعقد، والإشهار، مضيفًا: « إذا إنتقض أي من هذه الشروط بطل العقد».

ويردف «مدكور»: «إذا اتفقا الزوجين على مدة معينة للزواج، أو كان الزواج بينمها منقطعًا، أي يتزوجها ثم يطلقها ثم يرجع ليتزوجها، أو اتفقا في العقد على وقت محدد فهذا زواجًا باطلًا لعدم إتمامه لأركان الزواج كاملة».

ويتم «مدكور» حديثه عن ما يسمى بـ «زواج البارت تايم»، قائلًا: «لما واحدة تقول لصحبتها سلفيني زوجك كما يدعي صاحب المبادرة فهذا زنا وليس زواج في الإسلام ومن يفعل ذلك يأثم شرعًا ويعاقب قانونًا، وكل الأدلة من القرأن والسنة وما اجتمع عليه جمهور العلماء والفقهاء ومؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء تأكد إن هذا الزواج حرام شرعًا».

جدير بالذكر أن أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، كان قد أطلق في منتصف ديسمبر الماضي، مبادرة، للحد من ارتفاع نسب الطلاق في مصر، على حد تعبيره، أطلق عليها حينها «زواج التجربة».

وأدعى «مهران» حينها، استنباطه فكرة المبادرة من أرقام الإحصاءات الرسمية، التي تشير إلى ارتفاع نسب الطلاق في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة، بمعدل حالة طلاق كل دقيقتين و١١ ثانية.

 

ودلل «مهران» على صحة الأسس التي قامت عليها مبادرته، استنادًا لموروث «قائمة المنقولات»، التي توثق ملكية كل من الزوجين من قطع أثاث أو أجهزة كهربائية أو ما شابه، ويلتزم كلا الطرفين بردها إذا ما طٌلب منه ذلك، ويوافق عليها طرفي عقد القران دون أي ضغينة.
 

ما هو “زواج التجربة”؟

على نفس منوال «قائمة المنقولات»، يوقع طرفي عقد القران، قسيمة قانونية، تتضمن بعض الشروط التي تنظم حياة كلًا منهما مع الآخر وفقًا لرؤيتهما المشتركة، كالأمور المادية، أو أمور عمل الزوجة من عدمه، ومدى موافقة الزوجة لتعدد زيجات زوجها من عدمه، ومدى الرغبة المشتركة في الإنجاب، وغيرها من الأمور التي تعد بمثابة دستور حياتهما، ويعد عقد القران لاغيًا في حالة تراجع أيًا من الطرفين عن أي بنود تضمنها تلك الوثيقة.

ليس ذلك فحسب، اقترح «مهران» خلال مبادرته، أن يحدد المقبلون على الزواج مدة معينة في العقد، تكون بمثابة فترة معايشة أولية، تتراوح ما بين 3 إلى 5 سنوات، ولا يجوز الطلاق في هذه المدة، لكي يستطيع الزوجان الحكم على التجربة، وإصدار نتائج حقيقية بعد اكتمال فترة المعايشة، ولكي طرف منهما الحق أن ينهي الزواج إذا أراد بعد تلك الفترة دون شروط.

 

ما في حالة طلب أحد الزوجان الطلاق قبل انتهاء المدة، فإذا كان الرجل هو من طلب، فيمنحها نفقتها وعدتها ومتعتها كاملة ومؤخر صداق وقائمة المنقولات كاملة، ومسكن الزوجية في حالة إذا كانت حاضنة، أما إذا كانت الزوجة هي من طلبت الطلاق فلابد أن تعيد الشبكة والمهر فقط.
 

كيف استقبل المجتمع المبادرة؟

فور إعلان «مهران» عن مبادرته، تلقى وابل وسيل من الهجوم شنه رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر على المبادرة وصاحبها، وحاول مهران بعدها تهدئة الأوضاع، فخرج في مقطع مصور عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، قال خلاله: «قررت أن أكون أول من يطبق على نفسه زواج التجربة في مصر، ومنتظر أن أرى من هي التي ستشاركني وتوافق أن تتزوج بنظام التجربة».

 

وأوضح «مهران» خلال حديثه: «ما أعنيه بزواج التجربة ليس ما يعرف بزواج المتعة أو المسيار، ولكن التزام الزوجين بالشروط التي اتفقا عليها في العقد الملحق لعقد القران وفقًا للمدة المحددة قبل الحكم على تجربتهما بالنجاح أو الفشل.
عقود «قران تجربة» تمت على خلفية طرح «مهران» لمبادرته

وكان أحمد مهران، أستاذ القانون العام ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، قد قال في تصريحات خاصة لـ «المصري لايت»، في يناير الماضي، إن حوالي 221 عقد «زواج تجربة» قد وقع في مصر منذ طرحه لمبادرته حتى وقت إدلائه بتصريحاته حينها.

الأزهر يعلق على مبادرة زواج التجربة

وعلى ضوء ما سبق، نشر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، التابع للأزهر الشريف، بيانًا عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، أمس الأحد، تضمن أهم ما جاء فيه أن «الزواج ميثاق غليظ لا يجوز العبث به، واشتراط عدم وقوع انفصال بين زوجين لمدة خمس سنوات أو أقل أو أكثر في ما يسمى بزواج التجربة اشتراط  فاسد لا عبرة به، واشتراط انتهاء عقد الزواج بانتهاء مُدة مُعينة يجعل العقد باطلًا ومُحرَّمًا».

رأي «الإفتاء» فيما يعرف بـ «زواج التجربة»

ولم تمضي دقائق معدودة على بيان الأزهر، حتى خرجت دار الإفتاء المصرية ببيان هي آخرى للتعليق على ما يعرف بـ «زواج التجربة»، قالت خلاله: «المبادرة بكافة تفاصيلها الواردة إلينا قَيْد الدراسة والبحث عبر عدةِ لجان مُنْبَثِقةٍ عن الدار، وذلك لدراسة هذه المبادرة بكافة جوانبها الشرعية والقانونية والاجتماعية؛ للوقوف على الرأي الصحيح الشرعي لها، وسوف نعلن ما تَوصَّلنا إليه فور انتهاء هذه اللجان من الدراسة والبحث».

رأي الفقهاء

في هذا السياق، قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، تعليقًا على مبادرة «زواج التجربة»، أن وضع شرط المدة يبطل عقد القران.

وأضيف «كريمة»، خلال استضافته ببرنامج «مصر بلدنا»، المذاع على قناة «الحدث اليوم» الفضائية، حينها: «لطرفي عقد الزواج أن يتفقان على شروط حياتهما معًا وفقًا للشريعة الإسلامية، ولكن أن يحدث أن يحدد الطرفين مدد معينة فهنا يحدث الخلط في الأوراق».

ويردف «كريمة»: «زواج التجربة زيه زي زواج المتعة عند الشيعة وأن حدث ذلك ووافق أي زوجين مقبلين على الزواج على هذه المبادرة فعقد قانهما باطل وما يحدث بينهما زنا، لأن شرط المدة ألغى عقد القران».

ويستشهد «كريمة» بقول رسول الله «المسلمون عند شروطهم إلا شرطًا أحل حرامًا وحرم حلالًا» ليؤكد على بطلان شروط «زواج التجربة»، مختتمًا حديثه باعتبار أن تلك المبادرة انبثقن من الانفلات المجتمعي السائد حاليًا وجرأة البعض على الدين.