النوبة القلبية .. لم تعد قاتلة كما كانت قبل عقود من السنين

تعود بعض أسباب تدني أعداد الوفيات بالنوبة القلبية إلى قدرة الأطباء على تشخيص وعلاج نوبات القلب الصغرى الأقل شدة في تأثيراتها المميتة
تعود بعض أسباب تدني أعداد الوفيات بالنوبة القلبية إلى قدرة الأطباء على تشخيص وعلاج نوبات القلب الصغرى الأقل شدة في تأثيراتها المميتة

قبل عقود من السنين، كانت النوبة القلبية غالبا ما تؤدي إلى الوفاة، وتقضي على نحو نصف ضحاياها خلال أيام معدودات.


ولم يكن الأطباء يملكون سوى تصورات غامضة عن العمليات الفسيولوجية التي تقود إلى النوبات القلبية وتصاحبها. ولذا، فلم يكن بمقدورهم عمل الكثير، بل كانوا يتركون الأمور تأخذ مجراها، طبيعيا.

ويقول الدكتور توماس لي، رئيس تحرير «رسالة هارفارد للقلب»: «في أثناء دراستي بكلية الطب في السبعينات من القرن الماضي، كان المدرسون يعلموننا كيفية التعامل مع المرضى المصابين بنوبات قلبية، وذلك بالعمل على تهدئتهم وتطمينهم، وتخفيف آلام الصدر لديهم، واتخاذ كل الإجراءات المتاحة لمنع وقوع مشكلات اضطراب إيقاع القلب، والأمل في ألا تكون هناك نوبة قلبية أخرى في طريقها إليهم».

واليوم، ينجو أكثر من 90 في المائة من المرضى بعد تعرضهم لاحتشاء عضلة القلب (نقص التروية الدموية) myocardial infarction، وهو المصطلح الطبي للنوبة القلبية. ويعني هذا المصطلح حدوث عملية تضرر أو موت في عضلة القلب بعد وقوع اضطرابات في تغذية العضلة بالدم.

وتعود بعض أسباب تدني أعداد الوفيات بالنوبة القلبية إلى قدرة الأطباء على تشخيص وعلاج نوبات القلب الصغرى الأقل شدة في تأثيراتها المميتة. ويعود البعض الآخر من الأسباب إلى تأسيس وحدات العناية الاختصاصية بأمراض الشرايين التاجية في الستينات من القرن الماضي، التي وصفها الدكتور يوجين براونوالد مراسل «رسالة هارفارد للقلب»، بأنها «تقدم منفرد مهم واحد لعلاج احتشاء عضلة القلب الحاد».

ويمكن أن يعزى الكثير من التحسن في فرص النجاة من النوبات القلبية، إلى فهم الأطباء المتدرج في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، للسبب الرئيسي الذي يؤدي إلى حدوث النوبات القلبية، وهو التشكل المفاجئ للخثرات الدموية التي تمنع تدفق الدم في الشرايين، وكذلك إلى العلاجات الجديدة التي تم تطويرها انطلاقا من المعارف حول تلك الخثرات.

كما أن الاستعمال المتزايد لحبوب الأسبرين رخيصة الثمن، والأدوية المفتتة للخثرات الدموية، وعمليات إزالة تضيق الشرايين في المراحل الأولى للنوبة القلبية، أدت إلى تقليل الوفيات بسبب النوبات القلبية لأكثر من النصف منذ عام 1983، وفقا لتحليلات باحثين في جامعة ستانفورد.

عواقب النجاة
إلا أن هذا التحسن في حالات النجاة من النوبة القلبية لم يأت من دون مقابل. فازدياد أعداد الناجين من النوبات القلبية يعني أن أعدادا أكبر من المصابين أصبحوا يعيشون مع قلوب متضررة، ولها ندبات.

وهذا ما أسهم في الازدياد المتنامي في أعداد الإصابات بعجز القلب، الذي يؤدي إلى تنويم أكثر من مليون مريض سنويا في الولايات المتحدة، ويكلف مبالغ تصل إلى 40 مليار دولار سنويا.

وعلى الرغم من أننا حققنا تقدما كبيرا، فإن علينا أن نعمل الكثير: كالإسراع في نقل ضحايا النوبة القلبية إلى المستشفى وعلاجهم خلال ساعة من ظهور أول الأعراض، وتطوير وسائل أسرع وأدق لتحديد وقوع النوبة القلبية، والبحث عن طرق لحماية القلب ودعمه في أثناء وقوع النوبة القلبية، وتطوير علاجات لإعادة بناء عضلة القلب وإعادة تجديدها بعد وقوع النوبة القلبية.

إلا أن الأمور الأكثر أهمية من كل ذلك، هي البحث عن طرق لدرء حدوث النوبة القلبية.