منظمة الصحة العالمية: 60% من ضحايا التدخين السلبي من الأطفال في الدول النامية

التدخين السلبي يودي بحياة أكثر من 600 ألف شخص حول العالم سنويا
التدخين السلبي يودي بحياة أكثر من 600 ألف شخص حول العالم سنويا

أكد تقرير صدر أخيرا برعاية من منظمة الصحة العالمية مسؤولية التدخين السلبي (Scond-hand Smoke) المباشرة في وفاة نحو 1 في المائة من إجمالي الوفيات السنوية حول العالم، وهو ما يناهز أكثر من 600 ألف شخص كل عام، بينهم ما لا يقل عن نحو 165 ألف طفل.


التقرير المثير للذعر، الذي أفردت له دورية «لانسيت» The Lancet مساحة مطولة على موقعها الإلكتروني في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي قبيل نشره في طبعتها الورقية لاحقا، أوضح حقائق تتعلق بالتدخين السلبي للمرة الأولى، إذ كان الغموض والشكوك تحيط بحجم المخاطر المترتبة على التعرض للتدخين السلبي، والتي شهدت الكثير من الجدل على مدى عدة أعوام ما بين تأكيدات على مخاطرها، وتهوين من أمرها.

ولكن الدراسة التي أجراها عدد من العلماء والباحثين، ينتمون إلى مؤسسة كارولينسكا السويدية وجامعة أولو الفنلندية وجامعة أوكلاند النيوزيلاندية تحت إشراف ومشاركة جادة من منظمة الصحة العالمية، وتناولت بجدية شديدة عددا من الإحصاءات والدراسات التي تمت تحت إشراف المنظمة وهيئات دولية أخرى منذ عام 2004، التي اشتملت على بيانات صحية مؤكدة تخص 192 دولة حول العالم، أكدت على مخاطر التدخين السلبي بأرقام واضحة لا تدع مجال للشك في حقيقة الأمور.

تدخين سلبي
وأشارت الدراسة إلى أن ما يوازي 1 في المائة من إجمالي تعداد حالات الوفاة السنوية على مستوى العالم نتيجة الآثار المترتبة على التدخين السلبي، وقسمت الدراسة حالات الوفاة إلى فئات، اشتملت على نحو 379 ألف حالة وفاة جراء الإصابة بأمراض قصور وظائف القلب ونقص التروية القلبية Ischaemic heart diseases، ونحو 165 ألفا جراء الإصابة بعدوى الجهاز التنفسي السفلي lower respiratory infections، و36.9 ألف جراء الإصابة بأمراض الربو asthma، و21.5 ألف جراء الإصابة بالسرطان، ليفوق الإجمالي 600 ألف حالة وفاة، وهو ما يمثل نحو 1 في المائة من إجمالي تعداد الوفيات السنوية حول العالم، والتي يمكن تجنبها (أو خفضها على أقل تقدير).

وأظهرت الدراسة أن 40 في المائة من الأطفال حول العالم معرضون لخطر الوفاة جراء التعرض للتدخين السلبي، في حين أن نسبة نحو 35 في المائة من السيدات و33 في المائة من الرجال معرضون لذات المخاطر على الترتيب.

كما أشارت الدراسة إلى أن أكثر الأشخاص عرضة للتدخين السلبي يتركزون في دول شرق أوروبا وغرب المحيط الهادئ وجنوب شرقي آسيا، بما يفوق نسبته الخمسين في المائة، ولكن الدراسة ذاتها أوضحت أن أعلى معدلات الوفاة مسجلة في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا، حيث سجلت نحو 60 في المائة من إجمالي حالات الوفاة في فئة الأطفال.

آثار مدمرة
وفيما يخص إجمالي حالات الوفاة ومعدل السنوات المخصومة من الحياة الصحية (وهي السنوات التي يقضيها الإنسان في عناء، جراء الإصابة بالأمراض المزمنة) السنوية حول العالم «Deaths and Disability-Adjusted Life-Years» DALYs، تقول الدراسة إن التدخين السلبي وحده مسؤول عما يقدر بنحو 0.7 في المائة من تلك النسب، إذ وصل إجمالي تلك الحالات (الناجمة عن التعرض للتدخين السلبي) إلى نحو 11 مليون شخص في عام 2004.

وأوضحت الدراسة كذلك أن نسب وفيات الأطفال جراء التعرض للتدخين السلبي ترتفع بالمجتمعات الفقيرة إلى المتوسطة أكثر من المجتمعات الغنية، وهو ما يبرر ارتفاع تلك النسب في أفريقيا وجنوب شرقي آسيا أكثر من الدول الأوروبية والأميركتين، معللة ذلك بنقص الرعاية الصحية العام في المجتمعات الأكثر فقرا. بينما تزداد معدلات الوفاة جراء التعرض للتدخين السلبي في فئة البالغين، وخاصة بين السيدات، في الدول الأكثر تقدما.

وأكدت الدراسة أيضا أن نحو 1.2 مليار مدخن حول العالم، يعرضون ما لا يقل عن 1.8 مليار شخص من غير المدخنين لآثار التدخين السلبي الضارة والقاتلة (حسب تقديرات عام 2004، والتي زادت بالتأكيد في السنوات الست الأخيرة).

ولم تهمل الدراسة أيضا الإشارة إلى أن أكثر من 5 ملايين شخص يقضون نحبهم سنويا جراء التدخين الإيجابي، ليصبح إجمالي عدد الوفيات الناجم عن التدخين بشقيه نحو 5.7 مليون حالة وفاة سنويا (وفقا لإحصاءات عام 2004).

وأكد القائمون على الدراسة ضرورة اتخاذ الحكومات لإجراءات أكثر صرامة تجاه التدخين، حيث إن نسبة لا تزيد على 7.4 في المائة من سكان العالم فقط هم الذين يتمتعون بالحياة في مجتمعات خالية من التدخين بحكم القوانين.

ووضع الخبراء ثلاث نقاط أساسية في إطار مكافحة مغبة التعرض لمخاطر التدخين السلبي، أولها التدعيم الفوري لاتفاقيات مكافحة التدخين لخلق مجتمعات خالية من آثاره المدمرة، التي تشمل عدة عوامل من أهمها رفع الضرائب المستحقة على منتجات التبغ، وحظر وتجريم الإعلان عن تلك المنتجات.

وثانيا البدء في برامج وسياسات التوجه إلى منازل آمنة خالية من التدخين في المجتمعات التي طبقت بالفعل قوانين حظر التدخين بالأماكن العامة.

وثالثا حتمية التخلص من خرافة أن المجتمعات النامية يمكنها تأجيل البدء في استراتيجيات حظر التدخين بالأماكن العامة لحين تمكنها من حل مشكلات الأمراض المعدية أولا، حيث إن التدخين (الإيجابي والسلبي) لا يقل خطورة عن الأمراض المعدية، ويجب بالضرورة مكافحة الاثنين معا.

الأطفال والبالغون في مصر والعراق يتضررون أكثر من السعودية وسورية
بالنسبة للإحصاءات الواردة في تقرير منظمة الصحة العالمية لمنطقة إقليم شرق المتوسط (والتي شملت معظم الدول العربية)، فقد صنفت المنظمة كلا من البحرين والأردن والكويت ولبنان وليبيا وسلطنة عمان وقطر والسعودية وسورية وتونس والإمارات العربية المتحدة ضمن الفئة B (وهي الفئة التي سجلت أعدادا منخفضة من الوفيات في كل من مرحلة الطفولة والبالغين).

فيما صنفت جيبوتي ومصر والعراق والمغرب والصومال والسودان واليمن ضمن الفئة D (وهي الفئة التي سجلت أعدادا مرتفعة من الوفيات في كل من مرحلتي الطفولة والبالغين)، في حين ضم إقليم أفريقيا كلا من الجزائر وموريتانيا في الفئة D.

وقال التقرير إن الفئة B في إقليم شرق المتوسط تشهد تعرض 38 في المائة من إجمالي تعداد الأطفال فيها إلى مخاطر التدخين السلبي، بينما تنخفض النسبة بين الرجال والنساء البالغين لتصبح 24 و25 في المائة على الترتيب.

أما الفئة D في إقليم شرق المتوسط، فتشهد تعرض 33 في المائة من إجمالي تعداد أطفالها للتدخين السلبي، مقارنة بـ21 و35 في المائة من الرجال والسيدات على الترتيب.

في حين أن الفئة D بإقليم أفريقيا تشهد تعرض 13 و7 و11 في المائة من إجمالي تعداد سكانها من الأطفال والرجال والنساء لمخاطر التدخين السلبي على الترتيب.