التفسير العلمي لظاهرة الحب من أول نظرة

يمكن أن يكون بينك وبين شخص ما تجاذب جسدي بينما لا تكن له مشاعر الحب الحقيقي، كما يمكن أن يكون بينك وبين شخص ما مشاعر حب مع عدم وجود التجاذب الجسدي
يمكن أن يكون بينك وبين شخص ما تجاذب جسدي بينما لا تكن له مشاعر الحب الحقيقي، كما يمكن أن يكون بينك وبين شخص ما مشاعر حب مع عدم وجود التجاذب الجسدي

الحب من أول نظرة .. ظاهرة مثلها مثل البحر المترامي الذي يغرق به معظم من هم ذوى أحاسيس مرهفة ومشاعر حرة غير مقيدة بمال أو جاه أو تقاليد، إنه طائر طليق يهبط على العش المرغوب حيث تشده جاذبية الطلة وسحر العيون، منذ أن تقع عيناها عليه يعشقه قلبها ويصبح أقصى حلم لها أن تكون بجانبه وأن تغرقه بمشاعرها الفياضة وتتبع كل مكان يذهب إليه ولو بإحساسها.


تصاب بالرعشة عند سماع صوته، إنه حقا شيء رائع له تأثير سحري على من يمرون به ويتنفسون نسماته، لكننا نعلم أن العلم هو رفيق هذه الحياة العصرية ولا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتدخل بها ليبحث ويفحص، وآخر ما توصل إليه هو التفسير العلمي لهذه الحالة الرقيقة وهو الحب من أول نظرة .. فهيا بنا نتعرف على ما بداخل جعبته.

الحب من أول نظرة هو جاذبية فورية عبر مملكة الحيوان:
قام العلماء ومختصو الطبيعة النباتية والحيوانية بتسجيل هذه الظاهرة الفورية من الجاذبية لدى مئات الفصائل، فقاموا بتسجيل هذا الحدث مع بعض النماذج ومنها الأنواع التالية:
- Throatpatch 
 
- Priscilla
 
- إنسان الغاب (نوع من القردة).
 
- زوج من حيوان الرباح.
 
- إسكندر وثاليا (إلهين رعويين عند الإغريق).
 
- زوج من حيوان القندس.
 
- زوج من كلاب الإسكيمو.
 
- زوج من الشامبانزي.

وغيرها من العديد من المخلوقات الأخرى التي وقع خلالها الزوجين في غرام بعضهما بمجرد نظرة أولى في عين أحد الطرفين، وكما كتب "تشارلز داروين" عن اثنين من البط حيث قال:"لقد كانت حالة حب واضحة من أول نظرة، عندما سبحت تجاه القادم الجديد باهتمام .. تمهيدا لعاطفتها الجياشة".

كيف يحدث الوقوع السريع في الحب:
يرث كل منا - أنا وأنت - الدائرة الكهربية بالمخ الخاصة بهذه الجاذبية الفورية المعروفة باسم (الحب من أول نظرة) تنبع هذه العاطفة العفوية من ماضينا البدائي ونشأتنا الأصلية مثل الثدييات الأخرى التي كانت تملك خلالها أسلافنا من الإناث دورة شهرية تتحكم في حرارة الحب والجاذبية.

مثل باقي الثدييات التي تملك فقط ساعات قليلة، أيام أو أسابيع للإنجاب، فعلى هؤلاء الأسلاف أن يتم التجاذب بينهم بسرعة لم يتمكنوا من قضاء شهرين أو عامين في مناقشة مؤهلات الخاطب المتقدم لهم أو خطط الأسرة، وكان عليهم أن يلتقوا سريعا لينتجوا الذرية.

هذه الأيام مازالت المقابلات الأولى حاسمة:
ومع قليل من المعلومات عن هذا الشخص الغريب، نميل إلى تقدير تلك السمات القليلة التي تعرفنا عليها من أول مرة، وبالاعتماد على هذا الفتات من المعلومات نقوم على الفور بتكوين رأي قوي عنه أو عنها، وبصفة عامة خلال الثلاث دقائق الأولى.

وهذا يعني أن السمات الأصلية والبدائية للمخلوقات هي التي تطغى على قراراتهم مهما تغير العصر أو طريقة التفكير.

أيهما يقع في الحب أسرع من الآخر: الذكر أم الأنثى؟:
في الواقع يميل الرجال للوقوع في الحب بشكل أسرع من النساء، ويعود السبب في ذلك إلى أن الدائرة الكهربية بمخ الرجل والمسئولة عن الجانب الرومانسي تتأثر بشكل أسرع بواسطة المؤثرات المرئية.

لكن يمكن لأي منا أن يدخل إلى غرفة مزدحمة، يتحدث مع شخص ما يقابله لأول مرة وهذا لدقائق قليلة، وإما إن يشعر بما يطلق عليه (الكيمياء) أو (التعارف) هناك الذي يفتح مجالا لمرور الحب واختراقه القلب.

لكن هل تنبع هذه الجاذبية من مشاعر الحب الحقيقي أم من الرغبة؟:
في الحقيقة تتضمن هذه المشاعر شبكات عمل مختلفة بالمخ؛ حيث يمكن أن يكون بينك وبين شخص ما تجاذب جسدي بينما لا تكن له مشاعر الحب الحقيقي، كما يمكن أن يكون بينك وبين شخص ما مشاعر حب مع عدم وجود التجاذب الجسدي. لكن يمكن أن تجذب هذه الدوائر الدماغية بعضها البعض، تاركة لك القرار لتحدد عما إذا كان هذا التجاذب مجرد ميل جسدي بحت أم غير ذلك.
 
هل تستمر المشاعر الناتجة عن الانجذاب السريع؟:
ستدرك إذا كانت مشاعر الجاذبية من أول نظرة هي مشاعر حب حقيقي أم مجرد رغبة عندما تتمكن من الإجابة على سؤال واحد وبسيط.
 
كم يحتل من تفكيرك هذا الشخص في الليل والنهار؟:
الحب الرومانسي الحقيقي يتملك الإنسان، يمكن أن يحدث في لحظة، لكن عندما يخترق القلب لا يمكنك التخلص منه ويسيطر على كل تفكيرك.
وفي هذه الحالة يستمر تأثير الحب من أول نظرة لسنوات عديدة.
 
كما قال الشاعر الشهير "بايارد تايلور":  "الحب هو الجرأة" .. كلنا نملك تلك الجرأة ولا يمكنا منع أنفسنا من الوقوع به. منذ ملايين السنيين طورت البشرية ثلاث أنظمة داخل المخ ذات سلطة من أجل المغازلة والتكاثر وهما:
- الرغبة الجنسية.

- الجاذبية الرومانسية.

- مشاعر الارتباط العميق.

تم تطوير الرغبة الجنسية لتقودنا إلى التناسل مع سلسلة من الشركاء، بينما تطور الحب الرومانسي ليمكننا من التركيز على ما لدينا من طاقة على شخص واحد فقط وهو ما يختاره القلب، تؤلف العاطفة بشكل معقد من جزء على الأقل بواسطة نشاط عنصر كيميائي مؤثر وهو هرمون (الدوبامين).

وتستقر هذه الدائرة الكهربية القوية بالمخ في سكون داخل كل واحد منا، نائمة مثل القطة التي ترقد وإحدى عينيها مفتوحة منتظرة اللحظة المناسبة لكي تنطلق.

حقا .. مشاعر الحب المركزة يمكن لها أن تستيقظ في اللحظة الأولى التي تقع عينيك خلالها على شخص ما تجده مناسب مع مفهومك العقلي لشريك الحياة المثالي .. وهذا هو الحب من أول نظرة.