العلماء يسعون لاستكشاف مؤشرات المرض من خلال فحص رائحة النفس الكريهة

العلماء يسعون لاستكشاف أعراض المرض من خلال عناصر إلكترونية وكيماوية فمعجون الأسنان أو أقراص النعناع أو العلكة سلاح للتأكد من أن رائحة النفس طيبة وأجهزة تحليل النظام الجديد يمكنها الكشف عن المركبات الم
العلماء يسعون لاستكشاف أعراض المرض من خلال عناصر إلكترونية وكيماوية فمعجون الأسنان أو أقراص النعناع أو العلكة سلاح للتأكد من أن رائحة النفس طيبة وأجهزة تحليل النظام الجديد يمكنها الكشف عن المركبات الم

 عادة ما يلجأ من يعاني من رائحة النفس الكريهة إلى معجون الأسنان أو أقراص النعناع والعلكة. إلا أنه في المستقبل، ربما تتضمن مسألة مراقبة رائحة النفس ما هو أبعد بكثير عن مستحضرات إنعاش رائحة الفم.
 
ويعكف علماء حاليا على صنع عناصر إلكترونية وكيماوية معقدة للشم بمقدورها تفحص هواء الزفير لاستكشاف مؤشرات الإصابة بالسرطان أو السل أو الربو وأمراض أخرى، علاوة على التعرض للإشعاع. 
 
عن ذلك، يقول الدكتور راد دويك، مدير برنامج الأوعية الرئوية في «كليفلاند كلينيك»، والذي يدرس كيفية تحليل النفس: «هناك مؤشرات واضحة في النفس على أمراض الكبد والكلى والقلب»، وكذلك الرئة.
 
وأضاف: «أعتقد أن تحليل النفس الخارج من الفم هو المستقبل للاختبارات الطبية، حيث سيكمل الكثير من اختبارات الدم وعمليات التصوير التي نجريها اليوم». 
 
واستطرد موضحا أن «النفس عبارة عن نسيج ثري يعكس حالتنا الصحية والأمراض التي ربما نعانيها». وقد لاحظ أن النفس غني للغاية بمركبات كيماوية وتحمل مسألة السعي لفهمه تحديات كبيرة.
 
ويحتوي كل نفس خارج على غازات مثل ثاني أكسيد الكربون، بالطبع، ولكن أيضا يتم استنشاق البقايا المتطايرة من بقايا الوجبات الخفيفة والأدوية الموجودة على أشياء مثل المفروشات والسجاد أو أنواع مختلفة من تلوث الهواء. 
 
ولكن أجهزة الرصد يمكنها فرز المواد التي تخرج مع الزفير بدقة بالغة، مما يجعل تحليل التنفس أقرب إلى أن يكون أداة للتشخيص الطبي والعلاج. 
 
وقال الدكتور مايكل فيليبس، الرئيس التنفيذي لشركة «مينسانا للأبحاث» وأستاذ الطب السريري في كلية الطب بنيويورك، إن شركة «مينسانا»، وهي شركة للتكنولوجيا الحيوية في منطقة فورت لي بنيو جيرسي، تقوم باختبار نظام يسمى «بريثلينك» لاستخدامه في التعرف السريع على السل الرئوي النشط وغيره من الأمراض. وقد تم تصميم هذا النظام بحيث يكون قادرا على العمل في أي مكان يوجد به اتصال بالإنترنت. 
 
وأوضح الدكتور فيليبس أن أجهزة تحليل النظام الجديد يمكنها الكشف عن المركبات الموجودة في التنفس بتركيزات أجزاء لكل تريليون - أكثر حساسية بمقدار مليار مرة من تحليل النفس الذي تستخدمه الشرطة للكشف عن تركيزات الكحول في الدم.
 
وتتلخص عملية استخدام نظام «بريثلينك» كالتالي: يقوم الشخص بالتنفس في أنبوب طويل، ويتم جمع عينة التنفس وتحليلها داخل الجهاز. وبعد ذلك، يقوم الجهاز بإظهار تفاصيل التركيزات الكيميائية للتنفس على شكل رسوم بيانية. 
 
وأضاف فيليبس: «وبعد ذلك يمكننا أن نرسل هذه المعلومات إلى مختبرنا في ولاية نيو جيرسي من أي مكان في العالم» بهدف إجراء مزيد من التحليل. 
 
وقد نبعت فكرة نظام «بريثلينك» الجديد من خلال عمل الشركة في وقت سابق على نظام «هيرتبريث» وهو إجراء لمراقبة زفير المرضى الذين يعانون من عمليات زرع القلب لمعرفة ما إذا كان الجسم سيقبل العضو الجديد أم لا.
 
وقد تم الموافقة على جهاز «هيرتبريث» من قبل إدارة الغذاء والدواء، ولكن لم يتم استخدامه على نطاق واسع، ويرجع ذلك جزئيا إلى رفض مختبرات «ميديكير» لتغطية نفقات الاختبار حتى تتأكد دراسات سريرية أخرى من فعاليته. ولا تزال الدراسات مستمرة، حسب تصريحات الدكتور فيليبس. 
 
وقالت الدكتورة مارييل بيجنينبيرغ، وهي متخصصة في طب الأمراض التنفسية لدى الأطفال في المركز الطبي لجامعة ايراسموس في روتردام بهولندا، إن الكشف عن مركب واحد في الزفير وهو أكسيد النيتريك يستخدم بالفعل على نطاق واسع في علاج الربو. 
 
وأضافت: «إنه جزيء صغير جدا، ولكن إذا نظرت إلى مرضى الربو فستجد أن لديهم مستويات أعلى منه في الزفير. إنه يعكس وجود التهاب شديد الحساسية في الرئتين». 
 
وقالت بيجنينبيرغ إن أدوات تحليل التنفس المستخدمة للكشف عن أكسيد النيتريك باهظة الثمن، وهو ما يجعل من الصعب تطبيقها على جميع مرضى الربو.
 
وأضافت: «يتمتع أكسيد النيتريك بالبساطة التي تمكنه من عكس العمليات المعقدة التي تحدث في الرئتين لمرضى الربو». وسوف تتمكن الأجهزة التي يتم التوصل إليها في المستقبل من قياس الكثير من الجزيئات الأخرى التي قد تكون مرتبطة بالمرض. 
 
وقد يكون أحد هذه الأجهزة عبارة عن جهاز سهل النقل لتحليل التنفس عند الأطفال الذين يعانون من الربو، ومن شأن هذا الجهاز أن يبحث عن علامات الالتهاب الشائعة عن هذا المرض، حسب تصريحات فريدريك دومبروس، وهو رئيس مؤسسة «هارتويل» في ممفيس.
 
ومن الجدير بالذكر أن المؤسسة التي تدعم الأبحاث في مجال صحة الأطفال قد قدمت منحة لكريستينا ديفيز، وهي أستاذة مشاركة في الهندسة الميكانيكية وهندسة الطيران بجامعة كاليفورنيا، لكي تقوم بتطوير الجهاز الذي يقوم بتحليل التنفس. 
 
وقال دومبروس: «نريد جهازا يتم استخدامه باليد بسهولة حتى يكون مريحا للأطفال لكي يتمكنوا من رصد حالتهم». 
 
وفي «كليفلاند كلينيك» يقوم الدكتور بيتر مازون بتحليل تنفس المرضى لتحديد ما إذا كانوا يعانون من سرطان الرئة. وفي هذا الاختبار، يتم توجيه التنفس عبر أجهزة الاستشعار التي يتغير لونها ويتم التقاطها على الكاميرات الرقمية. وبعد ذلك، يتم مقارنة تلك العينة مع تلك العينات المأخوذة من الناس التي لا تعاني من المرض. وتتميز هذه التجربة بدقة تصل إلى نسبة 85 في المائة حتى الآن من حيث اكتشاف المصابين بالمرض. 
 
وأشار مازون إلى أن بعض الكلاب المدربة يمكن أن تتعرف على السرطان بنسبة دقة تبلغ 99 في المائة – على الرغم من عدم القدرة على تحديد مركبات بعينها، وهو ما تتمكن أجهزة التحليل من القيام به. 
 
وأضاف مازون: «إننا نتطور بشكل أفضل، ولكننا لا نعرف هل سنقترب من الدقة التي تقوم بها الكلاب بالكشف عن المرض أم لا».