أزمة جوتشي وعارضات الأزياء .. ما زالت تلقي بظلالها علي أسبوع لندن للموضة

بين غوتشي ومارك جايكوبس .. كاد البريق يتبخر
بين غوتشي ومارك جايكوبس .. كاد البريق يتبخر

رغم المنافسة المتقاربة في أسابيع أزياء ربيع - صيف 2012 بين عدد من عواصم العالم التي انطلقت أولا من مدينة نيويورك ووجدت طريقها بعد ذلك إلى لندن، انتقلت أمس في محطتها الثالثة إلى عاصمة الأزياء الأشهر في العالم ميلانو. وتزاحم أمس مشاهير العالم من مصممين وممثلين ووجوه اجتماعية في الحفلات الصاخبة وعرضوا آخر صيحات الموضة ليس من خلال العارضات وعلى منصات العرض أمام عدسات أشهر المصورين وإنما من خلال هذه اللقاءات الخاصة. السوق الإيطالية تواجه حالة من الكساد بسبب الضائقة المالية التي تمر بها البلاد، إلا أن ما يعرض في هذه التجمعات وعلى المنصات ومن خلال أشهر دور الأزياء في العالم مثل «غوتشي»، التي تباهت في تشكيلتها في اليوم الأول، كان يهدف إلى استمالة الأسواق الناشئة. ومن هنا جاء هذا العدد الضخم من دور الأزياء المشتركة في الأسبوع الذي وصل إلى 73. وقد فتحت دار «غوتشي» بعض المتاجر في ميلانو التي تستخدم التكنولوجيا الحديثة في تسويق منتجاتها.


أسبوع لندن للموضة الذي انتهى أول من أمس سبب حالة من الجدل، ودخل في أزمة في أعقاب طلب دار «غوتشي» من عدد كبير للغاية من العارضات السفر إلى ميلانو مبكرا للبدء في الترتيب للعروض هناك.

تركت هذه الخطوة حدث الموضة النصف سنوي في حالة من الفوضى عبر سحبه عارضات في اللحظات الأخيرة، تاركة وكالات عارضات الأزياء في لندن غاضبة ومهددة بمقاطعة أسبوع لندن للموضة. واضطر مجلس الأزياء البريطاني لإعادة تنظيم جدول أسبوع الموضة والتدخل لمنع ما اعتبروه أساليب استفزازية من قبل منظمي أسابيع الموضة في كل من أسبوعي نيويورك وميلانو.

بدأت المشكلة عندما أجل مارك جاكوبس عرضه في نيويورك لتعويض الوقت الذي فقده فريق المصممين عندما ضرب إعصار آيرين الساحل الشرقي للولايات المتحدة. وأقيم عرض جاكوبس في وقت متأخر من مساء الخميس حتى إن العارضات لم يتمكن من اللحاق بالطائرات العائدة إلى لندن، ومن ثم كان لا بد من استبعادهن من عروض لندن التي بدأت الجمعة.

وتقول كارول وايت، مؤسسة وكالة العارضات برمير مودل ماندجمنت، ومقرها لندن: «نحن لا نتحدث عن عارضة أو عارضتين، جاكوبس لديه الكثير من العارضات اللاتي ينتظرن حتى يوم عرضه، وهو ما يعني أنهن ينتظرن في نيويورك في حال إمكانية توجيه طلبات لهن».

وعلى الرغم من المشكلة فإن قطاع الموضة البريطانية حاول خلال الأسبوع الماضي إثبات أهمية لندن في دائرة الموضة العالمية. لكنه افتقد وجود نجم حقيقي لدرجة أن المصممة البريطانية الشهيرة فيفيان ويستوود فضلت عرض تصميماتها التي تحمل «الشعار الذهبي» في باريس. كما أن المصممة ستيلا مكارتني فضلت أيضا باريس مدينة الحب لتكون مسرحا لتصميماتها الجديدة. ومن بين مصممي الأزياء البريطانيين البارزين الآخرين الذين افتقدهم أسبوع الموضة المصمم ألكسندر ماكوين الذي انتحر وجون جاليانو الذي تم تجاهله بسبب تعليقاته المعادية للسامية التي مثل بسببها أمام محكمة فرنسية مطلع هذا العام. ومع ذلك قالت مصممة الأزياء لوتا اسبينبيرغ التي تعيش على ضفاف نهر التيمس إن لندن تعد «عاصمة الموضة الأكثر حرية وإبداعا مقارنة بجميع المدن الأخرى». وأضافت أنها تعتقد أن أسبوع الموضة في لندن «يمثل أهمية كبيرة لأنه يعرض في وقت واحد كلا من الموضة الشابة والموضة الراسخة في لندن». لكنها تعترف بأن «المكان المفضل بالنسبة لها لحضور عروض الأزياء» هو باريس.

ويضع قطاع الموضة آمالا كبيرة على ما يطلق عليه «تأثير كيت» في إشارة إلى كيت ميدلتون دوقة كامبريدج زوجة الأمير ويليام حيث إنها من محبي الموضة البريطانية وخاصة ماركات «إيسا» و«تمبرلي» و«إيرديم». وقال المصمم بيرسي باركر الذي يعمل لدار أزياء «بي بي كيو»: «إنه لأمر رائع أن ترتدي كيت ماركات بريطانية». كما أن قطاع الموضة يريد أن يستفيد من دورة الألعاب الأولمبية المقررة في لندن عام 2012. فقد بدأ مجلس الموضة البريطاني حملة تسويقية. وقال هاردولد تيلمان رئيس فريق التنظيم «إننا نريد أن نظهر للعالم أن بريطانيا العظمى تمثل القوة الدافعة للمسرح الإبداعي في العالم».

وبالمقارنة مع أسابيع الموضة في نيويورك وميلانو وباريس عادة ما تواجه لندن صعوبات، إذ يبدو من المستحيل التفوق على إثارة وبريق مانهاتن على الأقل منذ ظهور مسلسل «الجنس والمدينة» الأميركي.

وعلى الرغم من أن فيكتوريا بيكام شاركت كعارضة أزياء ربما مرة في أسبوع الموضة بلندن ولكن الآن بصفتها مصممة أزياء فهي تعرض تصميماتها في هدسون.

وعودة إلى ميلانو، وإلى جانب عرض دار «غوتشي» الذي افتتح الأسبوع، عرضت أيضا دور فيرتي وإليساندرو ديل أكوا، فيما تعرض دور فيندي ودي آند جي وبرادا اليوم الخميس، وموستشينو وفيرساتشي يوم الجمعة وهما سيختتم بهما نهاية الأسبوع قبل بدء عطلة نهاية الأسبوع.

ويشهد يوم السبت عروض بوتيغا فينيتا وإمبوريو آرماني وجيل ساندرز وإميليو بوتشيني فيما يشهد يوم الأحد عروض دور مارني ودولتشي آند غابانا وميسوني قبل أن يختتم عرض كريستوفر كين نهاية الأسبوع. أما جورجيو آرماني وروبرتو كافالي فقد بدآ الأسبوع الجديد خارج لندن في ميلانو، وهو ما كان كفيلا بإنهاء الحفل، نظرا لتوجه الصحافة والمشترين إلى باريس من أجل العروض الختامية للموسم.

وفي أسبوع ميلانو استعد المصممون لسباقات مطولة من العروض والافتتاحات لإبهار المتسوقين واستنفاد ما في جيوبهم. وتراهن دور الأزياء العالمية مثل غوتشي وجورجيو آرماني وبرادا وسلفاتوري فيراغامو على الصيف القادم، الموسم الرئيسي لمبيعات الموضة، لجذب العملاء الذين يتوجهون إلى خريف أوروبي حذر في الإنفاق.

تدابير التقشف، وسوق الأسهم الشرسة وخفض وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني لإيطاليا تؤثر بقوة على الحالة المزاجية للمتسوق الأوروبي حتى في الاقتصادات القوية مثل ألمانيا. ويقول ماريو بوسيلي، رئيس غرفة الموضة الوطنية الإيطالية، في تقديمه أسبوع ميلانو الذي يستمر حتى يوم الثلاثاء المقبل: «هناك فرصة بالقيام برد فعل حيال الأزمة».

عادة ما تتمكن صناعة الأزياء العالمية من تجاوز الأزمات الاقتصادية لأنها تخاطب الأثرياء. بيد أن دور الأزياء العالمية ليست محصنة ضد الانتكاسات فقد بدت دار أزياء مثل فيراغامو مترددة في الحديث عن أي نمو.

وقال تقرير رئيس غرفة الموضة الوطنية الإيطالية حول التوجهات الاقتصادية كما ذكرت وكالة «رويترز»: «مع بداية الخريف، كانت الشكوك الكاملة بشكل المستقبل الملمح الأبرز للموقف الاقتصادي الحالي».

وبوسع المصممين الفرنسيين والإيطاليين الاعتماد على تاريخ طويل من الجودة والأناقة. فقد أصبحت الماركات الفاخرة مثل «غوتشي» و«شانيل» مرغوبة بصورة خاصة في الأسواق الآسيوية الكبرى. كما يتدفق كبار مصممي الأزياء والمشاهير وعارضات الأزياء والصحافيون لحضور أسابيع الموضة في باريس وميلانو.

من ناحية أخرى، فإن مدنا مثل برلين وبروكسل التي تعد مسرحا للإبداع بما تتميز به من مساحات مفتوحة وتكاليف معيشة يمكن تحملها عادة ما تجتذب صغار مصممي الأزياء. ومع ذلك ما زالت لندن مستمرة في تقديم خليط من الحرية والإبداع والفن والموضة والثقافة والمال والقدرة على الوصول للمستهلكين في أنحاء العالم عبر شبكة الإنترنت. وقال اليستاير كار مدير التصميم في دار أزياء برينجل، في تصريحات أوردتها الوكالة الألمانية «إنني بحاجة للعصرية في الشارع»، مضيفا «هذا لا يوجد في أي مكان آخر بالعالم».

وربما هذا ما سيتحقق من خلال إعطاء أكبر عدد من المشاهدين وإقحامهم مباشرة في صناعة الأزياء وفي أي مكان في العالم. مجلة «كريزيا» بدأت تبث عروض أسبوع ميلانو مباشرة على موقعها على الإنترنت. وأصبح من السهل جدا مشاهدة ما يعرض مباشرة من أي مكان في العالم دون الحاجة إلى الوجود في المكان. وتم أمس نقل عروض «غوتشي» مباشرة بهذه الطريقة، وهذا الأسلوب الجديد سيعطي المهتم فرصة أخرى بأن يشاهد التصميمات، ليس فقط خلال تقديم العروض، وإنما ما تم عرضه في أي فترة أخرى. هل سيعني ذلك تغييرا جذريا ونقلة نوعية في صناعة الأزياء؟