«دايان برينيه» .. المرأة التي أطلقت «أفلام الموضة» كفن جديد

الموضة والفن وجهان لعملة واحدة، أحيانا يستقي بعضهما من بعض، وأحيانا يستعين بعضهما ببعض، وفي كل الحالات تكون النتيجة ناجحة فنية وتجاريا في الوقت ذاته.


وأكبر دليل هو عروض الأزياء التي أصبحت مصورة على شكل أفلام قصيرة بسبب ضيق اليد أو بسبب نظرة فنية محضة، كذلك الحملات الترويجية التي لم تعد في السنوات الأخيرة مجرد جلسات تصوير عادية يتم فيها استعراض المنتج بطريقة جذابة، بل أصبحت تتم على أيدي مخرجين حائزين على جوائز الأوسكار وغيرها من الجوائز العالمية.

لكل هذا ليس غريبا أن يعتبر بعض المصممين الشباب الطرق القديمة لعرض الأزياء والمنتجات المرفهة شيئا من الماضي يجب أن يصبح في خبر كان، خصوصا مع دخول الإنترنت الحياة اليومية. على الأقل هذا ما تؤمن به دايان برينيه، مؤسسة المدونة الشهيرة «أشايدد فيو أوف فاشون»، التي أسست منذ نحو أربع سنوات مهرجانا خاصا يجمع بعض هذه الفنون ببعض لتعبد الطريق إلى تغيير مهم في صناعة أفلام الموضة.

فما إن انتهى أسبوع باريس لربيع وصيف 2012 حتى شهد مركز «بومبيدو» مهرجانا سينمائيا يحتفل بهذا التداخل بين الفنين، أطلقت عليه عرابته ومؤسسته دايان اسم «A Shaded View Of Fashion Film».

لمن لا يعرف اسم دايان برينيه فهي تلك المرأة التي تكون حاضرة في كل عروض الأزياء العالمية تقريبا، بزي أسود من الرأس إلى أخمص القدمين ويغطي رأسها خمار من الدانتيل مرفوع إلى أعلى على شكل مثلث وتخفي عيونها بنظارات على شكل القطة مستوحى من السبعينات. أي أنها لا يمكن أن تمر بهدوء ودون لفت الأنظار.

لكن دايان لا تستمد شهرتها من الصورة التي خلقتها لنفسها، أو من كونها من أهم المدونات وأقدمهن، بل من هذا المهرجان الذي أصبح الكثير من المهتمين بصناعة الموضة يرونه وسيلة لاستعراض فنيتهم بأسلوب حيوي أكثر، ومن ثم الوصول إلى شرائح أكبر.

فهو بات يستقطب أسماء مهمة في عالم الموضة وفن التصوير الفوتوغرافي والإخراج، فهذا العام مثلا يشهد مشاركة المصمم مانيش أرورا، ودافني غينيس، وروسي دي بالما، إلى جانب نجمات مثل درو باريمور، وفاي دوناواي، وغيرهما، إلى جانب مشاركة 88 مخرجا وعرض 103 أفلام من 17 بلدا.

عن السبب الذي شجعها على إطلاق المهرجان، تقول دايان: «عندما بدأ لأول مرة في عام 2008 كان لدي ما يشبه الحاسة السادسة بأنه سيملأ فراغا مهمّا في عالم الإبداع.

ربما لأني كنت أعرف أن هناك جمهورا متعطشا لمثل هذه الفعالية، لكن ما لم أكن أتوقعه هو السرعة التي انطلق بها وهذا التلاقح بين الموضة وعالم السينما الذي تمخض عنه شكل فني مهم ووسيلة للتسويق.

في البداية كانت الفكرة أن (فيلم الموضة) هو وليد حاجة حقيقية لحقن الأسلوب التقليدي لتقديم الأزياء بجرعة حيوية تحرك الموضة من خلال سحر السينما، لكن ما فعله المهرجان هو أنه قدم للعاملين في المجالين مسرحا يعبرون فيه عن أنفسهم، مما حركه أكثر وأعطاه حيوية لافتة».

ما أهمية هذا التزاوج بين السينما والموضة في الوقت الحالي، حسب رأيك؟ - بعد أربع سنوات فقط من انطلاق المهرجان لاحظت أنهما أصبحا أكثر التحاما، والفضل يعود إلى ثورة التكنولوجيا، وطرق التعامل مع التسويق، فضلا عن الإعجاب المتبادل بين العاملين في كلا القطاعين وانبهار بعضهما ببعض.

لكن اللافت أيضا أنه مع تطور الإنترنت وتزايد أهمية وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، فإن «موضة الفيلم» أصبحت هي الأخرى قطاعا تجاريا مهمّا، يقدم حلولا فنية وتحديات لم نكن نتصورها منذ بضع سنوات.

وعلى هذا الأساس فإن تزاوجهما مناسب للعصر، خصوصا وأننا بدأنا نرى عروض الأزياء تبث على الإنترنت مباشرة للعالم، وعمليات شراء وبيع تتم بضغطة زر واحدة على الكومبيوتر، وأفلام وثائقية عن بيوت أزياء، وتصوير حملات دعائية بشكل فني.

ثم لا ننسى أن الموضة لا تزال موضوعا مهمّا وساخنا في حياتنا وفي برامج الواقع التي غزت الكثير من تلفزيونات العالم، كما أن هناك عددا لا يستهان به من المصممين الذي يولدون كل يوم، بعضهم يعمل في أوقات الفراغ في استوديوهات هوليوود، عدا عن النجمات اللواتي يجربن حظهن في تصميم الأزياء وطرحن تشكيلات بأسمائهن. لكل هذا أرى أن الوقت مناسب جدا لمثل هذا المهرجان.

هل تطور المهرجان من حيث البرامج التي أصبح يضمها ونوعية الضيوف؟

- بلا شك، إلى حد أننا فوجئنا هذا العام بالتنوع وحجم المشاركة. فقد قدمنا أفلاما عن الموضة التقطت كل شيء، من الحبكة المسرحية إلى النقد، مرورا بلقطات تجسد فخامة الأزياء أو بساطتها.

بعبارة أخرى، أخذت هذه المشاركات الحضور في رحلة عبرت عن الكثير من المشاعر والانفعالات. ثم أريد أن أوضح أن أفلام الموضة ليست جديدة، فقد ظهرت منذ الستينات مع ويليام كلاين الذي قدم لنا «هو آر يو بولي ماغو»، وفي أواخر السبعينات مع ريتشارد أفيدون وهيلموت نيوتن وسيرج لوتان الذين قدموا أفلاما دعائية مدهشة. لكن هذه النوعية لم تصبح أكثر وضوحا ورواجا إلا مؤخرا.