في عيد الحب .. لا مكان للكراهية .. فتعلموا كيف نتخلص من بقاياها؟

يعتبر النموذج المثالي في هذه الحياة من يقدر على مواجهتها بكل ما يملك من حب وقوة فيجب أن نحب بإخلاص
يعتبر النموذج المثالي في هذه الحياة من يقدر على مواجهتها بكل ما يملك من حب وقوة فيجب أن نحب بإخلاص

أعزائي القراء، في الحياة لا مفر من مواجهة بعض المواقف الصعبة مثل خيبة الأمل في شيء بنينا عليه آمالا كثيرة، الرفض من جانب أناس أحببناهم وقبلناهم بعيوبهم فرفضونا بمميزاتنا، إحباطات لكثير من الأشياء التي طالما حلمنا بها ليل نهار، ولا عجب فهذه كلها أجزاء لا يمكن أن تتجزأ من الحياة وكونك على قيدها، فلكي تنال الحلو لا بد أن يحرقك ناره.
لكن ما يحدث عند مواجهتنا للصعوبات السابقة يسلك الشخص إما طريق الاشمئزاز من النفس ويصحبه شعور بعدم التوافق مع الحياة ليصل الحال من كراهية الذات، أو البدء في إلقاء اللوم عليها من ناحية أخرى، لكن كلا الطريقين لا يؤدي إلا إلى أنواع مدمرة من السلوكيات.
وبالسماح لهذه الأفكار أن تجتاحنا نحن نفقد المعنى الجوهري من وجودنا، مما يعيق تطورنا وقدرتنا على الحب، ومنها إلى حياة غير مقنعة مطوقة بالحزن والكراهية.
من الطبيعي أن نشعر بالغضب، الغم وحتى الكراهية، لأننا بشر، إنما أهم شيء علينا اكتشافه هى الطرق التي نملكها لتنقية النفس منها وإدراك أن هذه ليست نهاية العالم.
ففي آخر اليوم يجب علينا النهوض بأنفسنا والوقوف ثابتين لمواجهة التحديات حتى نحافظ على وجودنا بالحياة، لذا يلزم الاعتراف بأن ذلك لا يتحقق إلا كجزء من خطة كبيرة تدفعنا للتقدم ومنها التعايش مع المستوى الطبيعي من الكينونة، فنحن نعلم جيدا أننا خلقنا في الحياة ولدينا كل إمكانيات العيش بها وإدارتها، ولا يمكن لأحد أن يقنعنا بغير ذلك.
فلدى كل واحد منا جميع مصادر وأساسيات أي شيء، ويجب فقط السماح لأنفسنا بالتعرف عليها بطريقة واعية ويتحقق ذلك بما نقوم به من محاولات وما نمر به من محن تظهر لنا الفرص الحياتية حتى ننظر بعمق داخل أنفسنا.
الحقيقة أن الله أوجدنا في هذه الدنيا على مبدأ التنوع فنحن نختلف عن بعضنا البعض في الكثير من جوانب الحياة ومنها:
- المنزلة الاجتماعية.
- الثروة.
- البنية الجسدية.
- العلم.
لكن العامل المشترك بيننا هو وجودنا أحياء على الأرض لكي نؤهل أنفسنا لعبور طاقة الوجود النارية حتى نخرج من أنفسنا أفضل ما بها، حيث تعرض الحياة علينا عدداً لا حدود له من الخبرات، معتمدة فقط على ما لدينا من شجاعة وعزيمة للحصول عليها والانتفاع الكامل منها.
يعتبر النموذج المثالي في هذه الحياة من يقدر على مواجهتها بكل ما يملك من حب وقوة، فيجب أن نحب بإخلاص .. هذا بالإضافة إلى التوغل بالذات في نشوة الحب، مقاومين بكل ما نملك من قوة ما يطرأ علينا من أفكار هدامة حتى نستمع لما بداخلنا من أحلام، آمال ومهام، والانطلاق في الحياة بكل تركيز بدون أن نقدم أعذار أو حلول وسطية.
هناك الكثير من البشر الذين واجهوا عدداً لا يحصى من خيبات الأمل، الرفض، الألم، الخيانة والتعدي مما دفعهم إلى مزيد من الأوجاع بدرجة لا يمكن أن يتحملها بشر حتى وصلت معاناتهم لأقصى درجات الجحيم، ومع ذلك تجلدوا وصبروا ومازالوا صامدين أقوياء، وتمنوا من أعماق قلوبهم أن لا يتعرض أحد لما تعرضوا له فليس هناك من يستحق ذلك.
وكان من السهل عليهم إلقاء اللوم على الآخرين لما حدث لهم، لكنهم لم يفعلوا هذا بل اعترفوا أن ما أصابهم ناتج عن بعض تصرفاتهم الحمقاء الساذجة، وهذا ما عليهم لومه وشكر الله على نعمة الحياة فرغم مما عانوه مازالوا أحياء.
ولم يوجهوا آلامهم أو يترجموها في صورة كراهية للغير لأنهم لم يرغبوا في الانتقال من مكان إلى كراهية، فعليهم تحمل مسؤولية قراراتهم ونتائجها بغض النظر عما إذا كانت جيدة أو سيئة، ولم يسمحوا لها أن تحولهم إلى كهول لا حول لهم ولا قوة؛ لأن هذا النوع من الاستسلام يفقد الإنسان الإحساس بالمسؤولية كبشر ويجعله شخصاً انهزامياً كسولاً قعيداً ينتظر أن تأتيه الحياة بعطاياها دون أن يتحرك من مكانه.
فهيا بنا نزرع بذور الحب حتى يعم خيرها على الجميع ونعلمهم كيف يحيون الحياة بكل ما بها بكرم وحب وقلوب صافية، فقط علينا الالتزام بهذه المباديء العظيمة:
- اقذف بمشاعرك السلبية في بئر لا مخرج منه أبدا:-
يعتبر التحكم في كل ما بداخلك من مشاعر سلبية أول خطوة للتخلص من الكراهية ومسامحة الآخرين على ما اقترفوه في حقك، فإذ تخلصت من الغضب الذي يغلي بقلبك يصبح من السهل عليك مغفرة أخطاء الغير ونسيان ما ارتكبوه في حقك، حيث تتشكل الحياة التي نعيشها بناء على مشاعرنا وكيفية التفاعل معها.
- تعامل مع الغضب بحكمة وصبر:-
لا تستسلم للغضب، واتركه يذهب لحالة بفعل شيء إيجابي يفرج عنك، وهنا اقتراح بسيط وفعال يساعدك في هذه المهمة:-
- اكتب خطاباً إلى الشخص الذي أغضبك.
- ولا ترسله له.
- ستكون بحاجة إلى مفكرة أو جريدة لتكتب الخطاب للشخص الذي يزعجك.
- بالخطاب عبر عن مشاعرك الحقيقية والسبب الذي أثار حنقك منه.
- اطلب منه المغفرة.
- و اتخذ قراراً بعدم التفكير في هذا الموضوع مرة ثانية؛ بحيث تكون المغفرة الأداة التي استخدمتها لمحو ذلك الغضب.
- وبذلك يذهب عنك هذا الضيق وتنقي قلبك منه أولا بأول.
- دع الحياة تمر بحلوها ومرها وعش:-
اعلم أنك لو لم تتمكن من المغفرة، ستقف حياتك عند نقطة واحدة ولن تتقدم للأمام، فكلما احتفظت بالأحقاد والغضب داخل قلبك كلما آذيت نفسك على المدى الطويل، فستظل حبيس المشاعر السلبية لاهثا وراء أناس وراغبا في الانتقام منهم بينما هم يعيشون الحياة ويستمتعون بها.
ولا يعيرونك أي اهتمام، لذلك لا فائدة من الكبت وإرهاق القلب والعقل بما يثقل عليه ويسبب له المرض، إنما عليك تنقيته بصفة مستمرة فليس هناك ما يستحق أن تشعر بالضيق ولو للحظة، إنما عش حياتك وافعل الصواب واترك كل شيء على الخالق الذي يمدنا بالإيمان والقوة، فالدنيا دار ابتلاء واختبار إن تمكنا من مرورها بنجاح سنصل إلى الغاية الأسمى والحياة الآخرة التي لا تعب فيها ولا عناء، اللهم امنحها لنا جميعاً وثبت قلوبنا على طاعتك والرضا بقضائك وعدم الاستسلام للهزيمة والانكسار .. آمين يارب العالمين.