إنفلونزا الطيور تمتد لـ9محافظات مصرية.. والصحة العالمية تدعو للهدوء

أعلن مصدر رسمي اليوم الأحد 19-2-2006م ظهور بؤر جديدة لانفلونزا الطيور في عدة محافظات مصرية جديدة رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من انتشار هذه العدوى، الأمر الذي أصبح يهدد بالقضاء على صناعة تربية الدواجن في مصر، كما يقضي أيضا على عادة المصريين في تربية الطيور فوق أسطح المنازل.


وقد رصد وجود فيروس ا5ان1 في تسع محافظات على الأقل منذ الإعلان الخميس عن اكتشافه، وقال مسؤول في اللجنة القومية العليا لمكافحة انفونزا الطيور لوكالة الأنباء الفرنسية "في معظم الحالات تقع البؤر في مزارع خاصة وليس في مزارع صناعية", مؤكدا أن السلطات بدأت حملة توعية لدفع المصريين إلى التخلص منها.

وقال المسؤول إن "هذه المزارع محظورة نظريا. لقد سمح بها منذ وقت طويل لكننا سنعمل حاليا على تطبيق القانون"، وأوضح أنه تم التخلص من نحو 10 آلاف دجاجة بعد ظهور حالة إصابة في محافظة القليوبية (شمال القاهرة)، وأكد من جهة أخرى ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف شخص ظهرت عليهم أعراض مثيرة للقلق خضعوا لاختبارات جاءت نتيجتها كلها سلبية.

شفافية عالية في مصر
وقال المستشار الإقليمي لترصد الأوبئة والأمراض المستجدة في إقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية الدكتور حسن البشرى إن اكتشاف دواجن مصابة بأنفلونزا الطيور في مصر، أمر لا يدعو بأي حال من الأحوال للذعر، لكنه يبقى "مقلقا".

وأكد البشرى في حديث خاص لـ"العربية.نت" بأن كل الدول الواقعة في مسارات الطيور المهاجرة، تظل في مرمى انتشار المرض، مشيرا إلى أن "أنفلونزا الطيور" ما تزال إلى الآن مرضا حيوانيا، و"ليست هناك حالات إصابة بشرية في مصر".

ولفت إلى أن الاختبارات الطبية التي خضع لها عاملون في مزارع دواجن مصابة في مصر، أكدت خلوهم من المرض. وشدد على أن الإصابات التي حدثت في مصر، "ليست هي الوباء الذي نخشاه"، فالفيروس ما يزال ينتشر بين الطيور، لكن "ربما يتكون فيروس جديد بين البشر".

وقال البشرى إن منظمته والسلطات المصرية تعمل الآن جاهدة على تقليل التماس بين الدواجن المصابة والبشر في مصر. ويتم ذلك بحسبه، بإبادة جماعية وسريعة للطيور المصابة، والطيور الأخرى في دائرة قطرها 3 كيلومترا. وأشار إلى سهولة السيطرة على المزارع الكبيرة، أما بشأن تربية الطيور على أسطح المنازل، فإن هناك "تجاوبا كبيرا جدا من قبل المصريين لقتلها".

وأكد أن السلطات المصرية أظهرت شفافية عالية في إعلانها عن الإصابات بالفيروس، و"نحن نتابع الموقف عن كثب". وأوضح بأنه لا داعي للمخاوف بشأن احتمال انعدام شفافية بعض الحكومات في الشرق الأوسط، ما إذا حدثت إصابات فعلية بالفيروس، فالأنفلونزا مرض يصعب إخفاؤه، كونه يؤدي لنفوق أعداد كبيرة من الطيور في وقت وجيز.

وقال البشرى إن الحكومة المصرية تنفذ حاليا بدقة، الخطة التي كانت أعدتها سابقا بهذا الخصوص. وأوضح بأن توقعات منظمته تشير إلى أن الدول على طول نهر النيل، معرض للفيروس، أما بخصوص الدول شرق البحر الأحمر، وخصوصا السعودية، فإنها تبقى بعيدة عن مسار الطيور المهاجرة.

وأكد بأن منظمة الصحة العالمية بعثت وفودا مشتركة مع منظمة الأغذية والزراعة العالمية (فاو) إلى مصر وسوريا ولبنان وإيران والأردن والعراق، لإجراء اختبارات ميدانية على الأرض، و"تأكدنا بشكل كامل عن حقيقة الموقف".

وبخصوص مخاوف الناس من تناول الدواجن والبيض، قال البشرى إنه لا داعي للحذر طالما أن الدواجن والبيض تطهى جيدا، كما أن "الإصابات كلها حتى الآن حدثت في أوساط العاملين في مزارع الدواجن".

ودعا البشرى ربات المنازل بألا يقمن بذبح الدواجن في المنازل، وأن يعتمدن فحسب على الطيور المذبوحة الجاهزة. وأكد البشرى أخيرا بأن حالتين فقط - في العراق، تم اكتشافهما وسط البشر في الشرق الأوسط إلى غاية الآن.

القضاء على الطيور فوق الأسطح
ومع ظهور انفلونزا الطيور في مصر أصبح تقليد تربية الدواجن فوق أسطح المباني في الأحياء الشعبية القاهرية والذي يعتبر غالبا مصدر رزق أساسيا لمربيها مهددا بالزوال بعد اعتباره واحدا من مصادر خطر انتقال العدوى إلى الإنسان.

وفي حي بولاق الدكرور الشعبي يربي إسماعيل محمود محمد فوق سطح منزله نحو خمسين بطة ودجاجة وسط أطباق استقبال الإرسال الفضائي والغسيل الذي تنشره العديد من أسر البناية على السطح الذي يستخدمه أيضا الأطفال كمكان للعب.

ويقول محمد البالغ الخامسة والأربعين من العمر "عندما لا نملك المال الكافي لاستئجار شقة أكبر هناك دائما مكان على السطح"، ويضيف شاكيا "يقولون إنه من الخطر العيش وسط الدواجن لكن تربيتها هي مصدر رزقي الوحيد. دواجني والحمد لله في صحة جيدة وسنأكلها لكن بعد ذلك ماذا سأفعل لكسب رزقي؟".

وكان رئيس الوزراء المصري احمد نظيف دعا السبت المصريين إلى التوقف عن تربية الدواجن فوق الأسطح إذ أن أربع من بؤر الإصابة بالفيروس "اتش5ان1" في القاهرة كانت مزارع منزلية فوق الأسطح حيث من السهل تعرض الدواجن للإصابة نتيجة اختلاطها بمخلفات الطيور المهاجرة المريضة. كما طلب وزير الصحة حاتم الجبلي إبعاد الأطفال عن الأسطح التي تضم حظائر للدواجن.

ورغم أن الحكومة لم تمنع رسميا تربية الطيور على الأسطح وحول المنازل إلا أن الأزمة الحالية تهدد باختفاء هذا التقليد الذي يشكل جزءا من فولكلور المدن المصرية.

ويقول طلعت الخطيب الأستاذ في كلية الطب البيطري بجامعة اسيوط إن "الشروط الصحية جيدة في معظم المزارع إلا أن المشكلة تكمن في تربية الدواجن في المدن وخاصة عندما يتقاسم الناس المكان نفسه مع الدواجن"، وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية أن "الوضع سيء في هذه الأماكن وخطر انتقال المرض كبير". واعتبر أنه "لمعالجة هذه المشكلة علينا تغيير طريقة حياتنا وإزالة كل مزارع الدواجن المنزلية".

وفي شوارع بولاق الدكرور الضيقة يلهوا الأطفال حفاة بالقرب من الخراف التي تتغذى على الفضلات وسط زحام عربات الكارو التي تجرها الحمير وعربات الميني باص المكتظة.

وبلا أي قلق جلست سيدة مسنة وقد أمسكت بواحد من طيور الحمام التي تربيها وفتحت منقاره لتضع فيه الماء من فمها مباشرة لتجنب إصابته بالجفاف غير عابئة على الإطلاق بهاجس الخوف من انفلونزا الطيور الذي بدأ ينتاب المصريين.

ومن المفارقات أن الإقبال على تناول الدجاج ازداد بين المصريين الفقراء بعد انتشار انفلونزا الطيور في العالم وذلك نتيجة ارتفاع أسعار الأسماك واللحوم إلى الضعفين.

وأوضح وزير الصحة في حديث لقناة "ام بي سي" أن خطورة مزارع الدواجن فوق الأسطح تكمن في زيادة خطر تعرضها لمخلفات الطيور المهاجرة المريضة الذي ينقله الهواء وأيضا للمياه الملوثة ولا سيما بالنسبة لطيور البط.

من جانبه يقول جمال عبد الفتاح وهو صيدلي شاب في حي بولاق الدكرور "هناك أشياء في القاهرة لن تتغير أبدا, لكنني اعتقد أن الكثير من الأشخاص باتوا يدركون الآن أن تربية الحيوانات على الأسطح أمر غير صحي".

وعلى سطح منزل والده تقفز العشرات من طيور البط والديكة حول الصحن اللاقط على أرض مغطاة بالفضلات والألعاب البلاستيكية وأوراق الكرنب (الملفوف). ويقول جمال "سأحاول إقناع والدي بإزالة هذه المزرعة. إننا نستخدم هذه الدواجن للاستهلاك الخاص. وهي على الأرجح نهاية تقليد قديم".

قلق في أوروبا ووفاة شخص في الهند
وخارج العالم العربي يواصل المرض إثارة الذعر، إذ تخشى الدول الأوروبية انتشار انفلونزا الطيور في القارة العجوز بينما أعلنت الهند اليوم الأحد وفاة أحد مربي الدواجن قد يكون أصيب بالفيروس المسبب للمرض في غرب الهند.

فقد تأكدت إصابة أوَزة برية في فرنسا هي الأولى في هذا البلد الذي يحتل المرتبة الأولى بين البلدان المصدرة للدواجن في الاتحاد الأوروبي, بينما اكتشفت حالات جديدة في ألمانيا. وتجري تحاليل للتأكد من إصابة حوالى 15 طيرا نفقت في مناطق عدة في فرنسا.

واكتشفت 28 إصابة جديدة بالفيروس "اتش5ان1" القاتل على الأرجح إذا انتقل إلى الإنسان, بين طيور نافقة في جزيرة روغن في بحر البلطيق مما يرفع إلى 41 عدد الإصابات التي اكتشفت الأسبوع الماضي في شمال شرق ألمانيا, حسبما ذكرت السلطات التي تحدثت عن احتمال وجود إصابات أخرى.

وفي مواجهة هذا الوضع دعت وزيرة الصحة النمساوية ماريا راوش-كالات نظراءها في الاتحاد الأوروبي وكذلك في تركيا وبلغاريا وكرواتيا ورومانيا إلى "تبادل معلومات" حول انفلونزا الطيور الجمعة المقبل في فيينا.

وقالت راوش كالات التي تتولى بلادها حاليا الرئاسة نصف السنوية للاتحاد إنها تعتزم أيضا دعوة خبراء من منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة إلى "اجتماع تبادل المعلومات هذا". وخلال زيارته لبانكوك, أكد الرئيس الفرنسي أن السلطات "قررت أن تطبق فورا إجراءات الحماية والمراقبة المعززة" التي تنص عليها الخطة الحكومية.

ولم تسجل أي عدوى لدواجن في مزارع في فرنسا أو ألمانيا حتى الآن. والإصابات سجلت بين طيور برية في ست من الدول الـ25 الأعضاء في الاتحاد وهي ألمانيا والنمسا وإيطاليا وفرنسا وسلوفينيا واليونان.

وقررت فرنسا وألمانيا وهولندا وسلوفينيا والدنمارك والسويد والنرويج والجمهورية التشيكية واستونيا وسويسرا ولوكسمبورغ وضع الطيور الدواجن في أماكن مغلقة لتجنب إصابتها بالعدوى من طيور برية مثلما حدث على الأرجح في تركيا ورومانيا. واتخذت النمسا قرارا مماثلا السبت.

وقررت المفوضية الأوروبية ذبح الدواجن واتلاف منتجاتها في حال انتقال العدوى إليها. ورومانيا التي شكلت مدخل المرض إلى أوروبا, هي الدولة الأكثر تضررا في القارة. وقد تم ذبح 150 ألفا من الطيور الداجنة فيها منذ ظهور المرض في أكتوبر/ تشرين الأول. وتقدر الخسائر فيه بأكثر من مليار دولار.

ولم يسبب الفيروس ضحايا بشرية. لكن في تركيا توفي أربعة أشخاص أصيبوا بالمرض في يناير/كانون الثاني. وقال خبراء إن انتقال الفيروس إلى الإنسان يبقى نادرا لكنه غير مستبعد وهو يمكن أن يؤدي إلى تغير الفيروس وتحويله إلى عامل قاتل.

ووسط انتشار المرض الذي يمكن أن يسبب خسائر كبيرة لتربية الدواجن في الاتحاد الأوروبي, يعقد وزراء الزراعة الأوروبيون غدا الاثنين في بروكسل اجتماعا للبحث في كيفية مساعدة هذا القطاع

وقال مصدر أوروبي إن الإيطاليين واليونانيين طالبوا خصوصا بهذه المناقشة بعد أن تراجعت مبيعات الدواجن في البلدين منذ ظهور المرض.

وفي نيودلهي أعلنت وكالة الأنباء الهندية "برس تراست اوف انديا" اليوم الأحد وفاة أحد مربي الدواجن قد يكون أصيب بانفلونزا الطيور في غرب الهند حيث اكتشفت دواجن مصابة بالفيروس.

والرجل الذي توفي يبلغ من العمر 27 عاما وهو من منطقة ناندوربار في ولاية ماهاراشترا (غرب) حيث أكد مختبر هندي السبت إصابة دواجن بالفيروس "اتش5ان1".

وقال المسؤول الإداري لمنطقة غوجارات سورات المجاورة فاتسالا فاسوديف "لا يمكننا في هذه المرحلة سوى أن نشتبه بان سبب الوفاة هو انفلونزا الطيور لكن لا نستطيع تأكيد ذلك إلا بعد الحصول على نتائج التحاليل المخبرية".

وأوضحت الوكالة أن حكومة غوجارات أرسلت احد عشر فريقا بيطريا وأقامت خلية مراقبة دائمة في الولاية. ولم يتمكن مسؤولون في ولاية ماهاراشترا من تأكيد سبب الوفاة اليوم الأحد.

وقال مسؤول طلب عدم الكشف عن اسمه "حدثت وفاة لكن علينا أن نعرف ما إذا كان سبب الوفاة التهاب رئوي ناجم عن فيروس أو انفلونزا الطيور".

وقد أدخل 12 شخصا إلى المستشفى يخضع أربعة منهم -- امرأة وثلاثة أطفال -- للمراقبة حتى الآن. ويتوقع أن تعلن نتائج الفحوص خلال أيام.