السعودية فوزية النافع تقدم فساتين من وحي الطبيعة للخريف والشتاء

هذه المرة ايضا حرصت مصممة الازياء السعودية فوزية نافع على توسيع افق ابتكاراتها، بتقديم مجموعتها لخريف 2008 وشتاء 2009 في صالة البيال في بيروت أمام جمهور عرض من المعجبات والمتابعات، الا انها لم ترحل بعيدا، كعادتها في كل مجموعة، وهي المعروفة ببحثها عن الافكار المستقاة من الثقافات والحضارات والتراث في أقاصي الدنيا.


فقد اكتفت بالتوغل الى دواخل المرأة لتقطف من ورودها ما يليق بها ويزيدها انوثة وجمالا ويعكس شخصية قوية سواء من خلال اللون الواضح والتصميم الذي يسمح بخطوات واثقة ولا يكبل لابسته ليشعرها بالثقة والراحة.

«الوردة» كانت العنوان. ومن الوردة انطلقت نافع الى حيث يقودها خيالها ومقصها. وضعت الخطوط العريضة للفكرة، التي قد تبدو للوهلة الاولى بسيطة ولا تستدعي جهودا للابتكار.

فالورد له حضوره المألوف في عالم المرأة، لكن دخوله في تصميم مجموعة راقية هو السؤال الكبير، سواء لجهة القماش او اللون او الثنيات والطيات.

ربما انطلاقا من هذا التحدي حرصت المصممة على البساطة في تقديم افكارها على القماش، إذ غابت المبالغة في الشك والتطريز لمصلحة الثنيات التي تغلق الزي او تفتحه كما برعم الزهر، وبالتالي اكتفت بالتفنن بالقصات.

لكن البساطة لم تحل دون توغل المصممة أكثر في مفهوم فساتينها. فما قدمته لم يكن طبيعة خام، وانما حديقة مدروس كل ما ينبت فيها.

 لذا كانت الألوان محدودة، فقط ما يلزم ليعطي الاناقة ابعادها. غلب عليها الليلكي والبنفسجي بتدرجاته والاصفر المخضوضر والبني الطالع من جذوع الشجر والمطعم بأخضر الوريقات والمتدرج بالظلال والاشعة. حتى الاسود كان ورديا بامتياز من خلال لعبة معينة نجحت في إظهاره كوردة مرصودة لحديقة الاناقة السرية.

ولأن صخب الوردة يبقى شفافاً لم تغادر النافع ألوان الباستيل، وانما أضفت عليها بعض الألق المنبثق من كل ما يمت الى الزهور بصلة، اضافة الى حرصها على الالتزام بطبيعتي الخريف والشتاء وضرورة اضفاء الدفء على البيئة الانسانية من خلال ما ترتديه المرأة.

اما عن القماش الذي غلب على المجموعة فكان الساتان والشيفون فضلا عن الاورغنزا.

المهم لدى فوزية النافع هو اعتماد الاقمشة المنسابة والناعمة التي تلين تحت لمس مقصها، وتحضن لابستها فيما بعد ولا تكبل حركتها، مع ابراز جمال الجسم واستداراته، ولتحقيق غايتها عبرت المجموعة مع مصممتها من قصّات الدرابيه، إلى العُقد المربوطة بأقمشة الساتان التي لا تختلف عن لون الفستان، أو شبيهة التلوين التي يحسب من ينظر اليها انه حيال أقمشة موحّدة اللون، لتضيف أناقة على الفساتين كما تقرّبها من مختلف الأعمار.

الواضح ان النافع طوّعت الأقمشة في مجموعتها، فخلطت بين أنواعها المختلفة، لتقدّم الحرير والساتان والشيفون على غيره من الأقمشة.

وجاء اللعب على القصّات، لا سيما الزمّ عند الخصر والصدر، مكمّلاً ومضيفا لمسة جاذبية وأناقة على إطلالة المرأة.

كذلك انحسرت الاكسسوارات في مجموعة النافع لهذا الموسم، فالتركيز كان على الأزياء وتصاميمها التي تجمع بين الرقي والبساطة، ولم تكن الغاية إخفاء أي من التفاصيل التي برعت المصممة في ابداعها، بعيداً عن التكلّف، فلامست خط الاناقة الاوروبي البسيط.

ولعل هذه الملامسة دمغت المجموعة بنكهة تجديد مغايرة للهوية المعروفة التي طالما برزت في المجموعات السابقة بألوانها المتوهجة وتطريزاتها واكسسواراتها السخية.

فالخط الواحد جعل فساتين المجموعة اشبه بحبات عقد، مهما تنوعت، لا تنافر بينها، ومن لا يدقق في تفاصيل كل فستان يخال للحظة ان بعض التكرار يشوب ما قدم.

الا ان النظرة المتأنية تظهر ان النافع حرصت على أعلى درجات التنسيق في مجموعتها لتبدو متآلفة، واضحة كأنها سليلة جذر واحد. لكن هذه السلالة لم تغرق في كلاسيكية جامدة وانما تطايرت اقمشتها لتتسم بالعصرية والألوان المبهجة لتواكب التطور السريع، ما يوضح ان النافع ومن خلال تصاميمها الجديدة تتوجه إلى الأذواق والطبقات الاجتماعية الانيقة والعملية، ولكن من دون نمطية طاغية.

فهي لا تريد ان تحصر الخط الواحد وانما تجتهد لتحافظ على التنويع مع توازن يعكس هويتها وأسلوبها، كما يعكس شخصيات المرأة المتعددة.

فهي تارة متمردة كما في الفستان الاحمر الطائر بأطيافه الى عالم يكسر الواقع بشفافيته، وطورا جريئة وواثقة كما في فستان بارد الالوان من البني الى الاخضر المدخن مع حزام يحدد الخصر.

وهي ايضا رومانسية تفيض بـأنوثة هادئة كانت واضحة في فستان ابيض مطرز بخيوط من الليلك.

فالنافع لا تصمّم لامرأة واحدة بل لمجموعة من النساء اللواتي تتباين أذواقهن ونظرتهن إلى الموضة، وان تميزن بشخصية خاصة وذوق راق.

اللون الواحد في المجموعة شكل بدوره محطة في تصاميم النافع. فقد قدمت فساتين من لون واحد ومن دون تطريز او ترصيع، فقط ركزت على قماش الساتان الساطع سواء بالرمادي او البني المحمر او البني المحروق.

أما الابتكار، فتمثل في القصّات التي تتنوّع بين أسفل الخصر وأعلاه، من دون ان تغفل العمل على تقوية القماش بتقنية معينة تمنحه لمعة الكريستال او تضيف اليه بطانة ليتطاير الشيفون مع الاورغانزا، او الساتان مع الحرير. ولا ينتهي اللعب على القماش في فساتين اللون الواحد.

فقد تنبت في الخصر باقة ورد تدور حول القوام بكل ثنياتها وبهائها، او تتفرع على شكل طبقات مع تكسير ناعم وخيوط ذهبية معتقة، أو من خلال بستان مرصع بحبيبات كريستال وقماش من لون الفستان، بحيث تحار ان كان البستان يسطع بالورد او بالنجوم.

الحزام لم يغب عن غالبية الفساتين، فالخصر بالنسبة للنافع مهم في إضفاء الأنوثة على المرأة التي تتوجه لها وترويض جموح التصاميم وجرأتها، إن كانت جريئة، وطغت عليه الأشكال الكلاسيكية.

ويبقى لفرحة العمر نصيب في هذه الباقة، من خلال تقديم فستان زفاف واحد، جمعت فيه النافع كل التفاصيل الجميلة التي تميزت بها فساتين المجموعة. فقد اعتمدت فيه على التطريز الرصين لتحديد القوام، كما استخدمت خيوطا افقية من الكريستال واللؤلؤ الابيض والرمادي الخافت، وأخيرا وليس آخرا، حضنت القوام بقماش محفور بالورود الكبيرة لتكرس عنوان الوردة مرة اخرى. الملاحظ انها هذه المرة استغنت عن الذيل الطويل، واكتفت بطرحة تصل الى الخصر من دون اي تطريز او إضافات.