الدليل الكامل لتجنب السكتات الدماغية الصغرى

نقص التروية الدموية يتطلب علاجًا فوريًا لدرء حصول سكتة كبرى
نقص التروية الدموية يتطلب علاجًا فوريًا لدرء حصول سكتة كبرى

من الممكن أن تمثل النوبات الإسكيمية (أي نوبات نقص تروية الدم) العابرةTransient ischemic attacks إشارة إلى قرب التعرض لسكتة دماغية، لكن سرعة توفير الرعاية اللازمة قد يقلص الأضرار بدرجة كبيرة.


نقص تروية الدم
هل تعرضت يومًا لنوبة قصيرة تشعر خلالها أن الصور تبدو أمامك ضبابية وتخرج الكلمات من فمك متداخلة بعض الشيء، أو أن جانبًا من جسدك أكثر وهنًا عن الآخر؟ إذا كانت الإجابة «نعم»، فإن هذا قد يعني أنك تعرضت لنوبة نقص تروية عابرة، حسبما تقول الدكتورة ناتاليا روست، طبيبة الأعصاب بمستشفى ماساتشوستس العام التابع لجامعة هارفارد. وأضافت أن كثيرا من السيدات قد يفترضن أنهن تعرضن لصداع نصفي، ويعاودن حياتهن كالمعتاد بمجرد زوال النوبة. إلا أن حقيقة الأمر هي أن نوبة نقص التروية العابرة تعد مشكلة صحية خطيرة تتطلب علاجا فوريا.

أهمية العلاج الفوري
تمثل نوبة نقص التروية العابرة عادة مؤشرًا إلى وجود بضع «سكتات صامتة»، بمعنى حدوث إعاقات لتدفق الدم إلى المخ؛ وقد تكون قد ألحقت بعض الأضرار بالمخ، حسبما تقول الدكتورة روست. ومع ذلك، فإن توجيه اهتمام سريع إلى نوبة نقص التروية العابرة بإمكانه التقليص بدرجة بالغة من احتمالية التعرض لسكتة دماغية كبيرة تخلف وراءها أضرارًا أفدح.

كان فريق من الباحثين الفرنسيين قد خلص في أبريل (نيسان) 2016 إلى أن الأشخاص الذين تلقوا رعاية من جانب متخصص في التعامل مع السكتات الدماغية في غضون 24 ساعة من التعرض لنوبة نقص تروية عابرة، واجهوا مخاطرة بنسبة 4 في المائة فقط لأن يتعرضوا لسكتة دماغية في غضون الأشهر الثلاثة التالية، مقابل متوسط مخاطرة من 12 في المائة إلى 20 في المائة بالنسبة لمن لم يتلقوا رعاية.

كما أوضحت دراسات أجريت مؤخرًا أن الأفراد الذين يتلقون علاجًا سريعًا من متخصصين في علاج السكتات الدماغية في مستشفى أو عيادة، كانوا أكثر احتمالاً بكثير لأن ينالوا علاجات مناسبة خلال فترة المتابعة، بما في ذلك الأسبرين ومضادات التخثر وعقاقير ضبط ضغط الدم. وهنا، أوضحت الدكتورة روست أنه: «مثلما أن الحصول على علاجات سريعة لآلام الصدر تقلل الضرر الناشئ عن التعرض لأزمة قلبية، فإن الحصول على مساعدة بعد التعرض لنوبة نقص تروية عابرة يقلل التأثيرات الضارة على المخ».

إلا أن دراسات كشفت فجوة بين النوعين من الدعم بخصوص الحصول على علاجات لحماية المخ. وعلى سبيل المثال، أشارت دراسة أجريت عام 2013 إلى أن المشكلة هنا لا تكمن في التمييز بين النوعين، وإنما في أن النساء يَكُنّ أقل احتمالاً من الرجال، في السعي للحصول على عون طبي في غضون 4 ساعات من بداية ظهور الأعراض، وهي الفترة التي تكون خلالها العلاجات المضادة للتخثر أعلى فاعلية. أما السيدات اللائي سعين لتلقي علاج في غضون 4 ساعات، فحصلن على علاجات بالفاعلية ذاتها للعلاجات التي تلقاها الرجال.

مادة المخ البيضاء
غالبًا ما يعني التعرض لنوبة نقص تروية عابرة أنك تعرضت بالفعل لبعض الضرر في المادة البيضاء بالمخ.

وتحوي هذه الأنسجة الموجودة بعمق داخل المخ، أليافا عصبية تحمل دفقات إلى الخلايا العصبية الموجودة داخل المادة الرمادية على سطح المخ. وفي جوهرها، تعمل المادة البيضاء كمنظومة النقل داخل المخ، بينما تشكل المادة الرمادية مركز المعالجة الخاص بها.

وقد رصد أطباء الأعصاب حدوث تغيرات بالمادة البيضاء على نحو ينبئ عن وقوع ضرر غير محدد بسبب ضغط الدم المرتفع أو تعرض الشرايين للانسداد. وبمجرد تراكم عدد من مثل هذه الإصابات «الصامتة»، فغالبًا ما يتعرض الأفراد لنوبات نقص تروية عابرة أو سكتات دماغية.

وعن ذلك، قالت الدكتورة روست: «هناك تقليل كبير لخطورة المرض الصامت». وتكشف الإحصاءات أن تعرض المادة البيضاء لضرر ما، يشكل السبب وراء خُمس حالات السكتات الدماغية، بجانب أنه يسهم في 45 في المائة من حالات الخبل. ومن الممكن أن يؤدي وجود ضرر بالمادة البيضاء إلى إبطاء وقت صدور رد الفعل وإعاقة الاتصالات بين مناطق المخ المرتبطة بعمليات التخطيط والتنظيم وحل المشكلات.

وتقترح الدكتورة روست ضرورة بذل كل مجهود ممكن للحد من الضرر بالمادة البيضاء، مثل السيطرة على ضغط الدم والكولسترول وغلوكوز الدم.

كما ينبغي أن يتضمن أسلوب الحياة ممارسة تدريبات رياضية بانتظام، واتباع نظام غذائي صحي، والامتناع عن التدخين.

وأضافت الدكتورة روست: «بينما من المهم الحصول على مساعدة حال التعرض لنوبة نقص تروية عابرة، فإنه من الأفضل تجنب التعرض لها من الأساس».