عالم الموضة في 2008 .. بدأ جميلا وانتهى مرا

عام 2008 شهد إفلاسات .. وتراجع مبيعات .. وموت إيف سان لوران
عام 2008 شهد إفلاسات .. وتراجع مبيعات .. وموت إيف سان لوران

عام في عالم الموضة مضى في لمحة البصر، بدأ حلوا وانتهى مرا، بعد أن ذابت حلاوته في النصف الأخير. فالأزمة المالية العالمية، وإن لم تصبه في مقتل، إلا أنها قصت أجنحته وخففت من إيقاعه الذي كان يتصاعد بسرعة جنونية.


عام 2008 بيعت اسماء معروفة في بريطانيا وحدها. اسماء كانت بمثابة مؤسسات، مثل محلات «دولسيس» للأحذية، فيما أغلقت محلات أخرى مثل «وولوورثس» ابوابها، وركن مصممون الإبرة والكشتبان إلى الأبد، مثل هاردي أيميس، خياط الملكة، وبيعت شركة المصممة أماندا وايكلي لمجموعة جديدة، مما اضطرها لتقديم استقالتها وأخذ قسط من الراحة تستجمع فيها انفاسها وافكارها لتقرر ماذا ستفعل عام 2009.

ويبدو ان الناجين من هذه العاصفة المالية هم مواقع التسوق على الإنترنت مثل «اي.إس.أو.إس» و«نيت أبورتي» اللذان لا يزالان يحصدان الأرباح، الأمر الذي يشير إلى ان المستقبل سيكون لمواقع الانترنت وليس لشوارع الموضة بسبب تكاليفها الكثيرة.

كعادته اكد عالم الموضة انه طاحونة لا ترحم، بدليل ما وقع للمصممة الشابة أليساندرا فاتشينيتي، التي خلفت مؤسس دار «فالنتينو»، لموسمين فقط تم بعدها إصدار قرار إعفائها من مهمتها. أليساندار لم تبلغ بالخبر من المسؤولين عن الدار، بل من وسائل الإعلام، الأمر الذي كان بمثابة ضربة مؤلمة.

كذلك الأمر بالنسبة لإيفانا أوماجيك، مصممة دار «سيلين» التي عملت مع الدار لثلاث سنوات فقط، حاولت فيها ان تحقن الدار الفرنسية العريقة بروح «سبور»، لكن محاولاتها لم تشفع لها لدى المجموعة المالكة «إلفي آم آش» التي ارتأت ان مصممة دار «كلوي» السابقة فيبي فيلو أنسب لترأس الدار. لكن في المقابل، كانت 2008 سنة فأل على فكتوريا بيكام، التي كانت تعتبر ضحية موضة وفاشلة كمغنية ومصممة على حد سواء من قبل.

في هذا العام أكدت انها وضعت أقدامها في عالم الموضة بطريقة صحيحة، من خلال تشكيلة محدودة، تقتصر على 10 فساتين، قدمتها خلال اسبوع نيويورك في شهر سبتمبر، على نطاق صغير أيضا.

فكتوريا أثبتت انها مصممة تعرف ماذا تريد، حتى وإن لم تكن هي التي ترسم وتنفذ. وكانت فكتوريا قد دخلت هذا المجال عام 2006 من خلال تصميم نظارات شمسية وبنطلونات جينز، لكنها قررت هذا العام التوسع بطرح تشكيلة من الفساتين الكلاسيكية الناعمة، استوحتها من الراحلة أودري هيبورن في فيلمها الشهير «إفطار في تيفاني».

حتى بالنسبة للمستغربين والمشككين لم يستطيعوا انتقادها بعد عرض المجموعة في محلات «سيلفريدجز اخيرا.

عام 2008 بزغ نجم المصمم الشاب، كريستوفر بايلي، مصمم دار «بربيري» البريطانية العريقة الذي نال عدة جوائز من جهات مختلفة، وارتفعت اسهم العارضة أجينيس دين، كما شهدنا عودة العارضات المخضرمات إلى الساحة من خلال الإعلانات، بدءا من ليندا إيفانجيليستا وسيندي كروفورد إلى كلوديا شيفر وناعومي كامبل، لأن بيوت الازياء العالمية كانت تريد ان تخاطب المرأة الثلاثينية والأربعينية التي أصبحت لها سطوة اقتصادية مهمة. ورغم ان هؤلاء العارضات أخذن حصتهن من الاهتمام، إلا ان البريق الحقيقي كان من نصيب السياسيات هذا العام.

كارلا بروني، زوجة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ألهبت ساحة الموضة وتصدرت الصحف خلال زيارتها لبريطانيا في شهر مارس الماضي بأناقتها «الكينيدية». فقد ظهرت بأزياء وقبعات وحقائب يد من دار «كريستيان ديور» كلها تستحضر صورة الراحلة جاكلين كينيدي/أوناسيس، وهو نفس المظهر الذي تبنته ميشال، زوجة باراك أوباما، أول أميركي أسود سيدخل البيت الأبيض كرئيس، من خلال الفساتين الناعمة والبسيطة واكسسوارات اللؤلؤ المرصوص على عنقها أو أذنها.

وطبعا لا ننسى سياسية اخرى أثارت نفس الضجة، أو أكثر، هي سارة بالين، نائبة المرشح الجمهوري، جون ماكين، التي كان لها الفضل في زيادة مبيعات النظارات الطبية، والتايورات المفصلة، إلى أن كشف المستور، بأن الأزياء التي ظهرت بها خلال الحملة الانتخابية كلفت الحزب آلاف الدولارات، من أجل ان تظهر بمظهر حسن وتسرق القلوب ومن ثم الاصوات، وهي مبالغ لا تقدر عليها الأغلبية.

وهكذا لم تصمد تايورات باهظة الثمن بتوقيع عمالقة من أمثال اوسكار دي لارونتا وكارولينا هيريرا أمان فساتين بسيطة بتوقيع مصممة قد تكون معروفة في واشنطن، لكن لم يسمع بها أحد في العالم، قبل ان تلبس ميشال أوباما فساتينها، هي ماريا بينتو، التي يقدر سعر قطعة من تصميماتها بمائة أو ثلاثمائة دولار على أكثر تقدير. كان العالم كمن يتوقع التقشف الذي سيطال الموضة ويستعد له.

ولأن الأحوال الاقتصادية تعكس طول الأزياء، فهي عندما تكون قصيرة جدا تعكس أوضاعا اقتصادية واجتماعية منتعشة، وعندما تكون طويلة تعكس اجواءا كئيبة ومضطربة، فإن الفساتين هذا العام بدأت تكتسب طولا، وحتى القصيرة التي ظهرت في المواسم الماضية، بدأت تنسق مع بنطلونات أو جوارب سميكة لخلق نفس التأثير، ولاستغلالها اكثر تحسبا للمزيد من التقشف.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الحقائب تأخذ أشكالا متوسطة أصبحت الاحذية ترتفع بشكل صاروخي مخيف، إلى حد أنها اصبحت خطرا يتربص بسلامتنا، بعد ان وصلت إلى أكثر من 12 بوصة تقريبا. ورغم ان عددا من العارضات سقطن على المنصة بسببها، مثلا في عروض كل من «برادا»، «رودارت» و«روكساندا إلينشيك»، فإن المصممين لم يعتبروا ولم يتوقفوا عن الإسهاب فيها، كل واحد يريد استعراض فنيته ومهارته من خلالها.

أما أكثر الأحداث مدعاة للحزن، فكان موت العبقري، إيف سان لوران، في الأول من شهر يونيو، الذي ثكلته الموضة، رغم انه تقاعد منذ سنوات. إرثه لن ينسى أبدا، سواء تعلق الأمر بالتايور «التوكسيدو» الذي أهداه للمرأة أو تصميم «السافاري» أو الفستان «الترابيز» أو الاحتفال بالعارضات السمراوات، الذي كان أول من استعان بهن في عروض باريس.

وكل هذا سيبقى معنا لعدة مواسم وعقود مقبلة، سواء تعلق الأمر بالفساتين الواسعة او «التوكسيدو». اما بالنسبة لسطوة السمراوات التي يلاحظ انها تزيد بالتدريج، فقد يكون الفضل فيها دخول أول رئيس أسود البيت الأبيض، مما جعل مجلة «فوغ» الإيطالية تطرح في منتصف هذا العام عددا تتصدره صور مجموعة من العارضات السمراوات، وهي اول بادرة من نوعها.