تقنيات حديثة لقياس نسبة السكر في الدم

 كانت البدايات أن يتذوق الطبيب طعم البول وانتهت بأبحاث تكنولوجيا النانو التي سوف تبهر نتائجها مرضى السكري قريبا. وبالعودة إلى بدايات مراقبة السكر لدى مريض السكري، نجد أنها انطلقت عام 1776 عندما بدأ الأطباء اكتشاف أن المريض لديه سكر عن طريق تذوق «بول المريض» المصاب، فإذا ما وجدوه حلوا قيل إن المريض لديه سكر.
واستمرت هذه الطريقة لسنوات كثيرة إلى أن بدأت تقنية اختراع شرائط تحليل السكر عن طريق البول في عام 1900 التي كانت في ذلك الوقت، بمثابة تقنية مذهلة لمعرفة النسبة التقريبية لمستوى السكر في البول. ولم تقف تلك التقنية عند ذلك الحد، وإنما استمر التطور قدما إلى أن وصل في هذه الأيام إلى «تكنولوجيا النانو».
في البداية فأن أجهزة قياس السكر في الدم بدأت بالتصنيع منذ عام 1977 إلى وقتنا الحاضر وأن تقنية وتكنولوجيا صناعة الأجهزة تطورت كثيرا من حيث الحجم والدقة وكمية الدم التي توضع على الشريط ودقة النتائج.
الجهاز الأول
أما عن أول جهاز لقياس السكر في الدم، فتم تصنيعه بالفعل عام 1977 وكان كبير الحجم، حيث يصل حجمه لحجم الراديو وكان يأخذ كمية كبيرة من الدم، ولم تكن النتائج دقيقة.
وقد تطورت هذه التقنية يوما بعد يوم، والآن نجد الكثير من الشركات تنتج أجهزة قياس السكر صغيرة الحجم ودقيقة في نتائجها وتأخذ كمية بسيطة من الدم وهي خفيفة في الحمل من مكان لآخر.
والجدير بالذكر أن هذه الأجهزة تقيس السكر في الدم كاملا، وهو ما يختلف عن قياس السكر في البلازما في المختبرات. وكما هو معروف أن السكر في الدم يكون 10 – 15 في المائة أقل عن السكر في البلازما لذلك يكون هنالك اختلاف بسيط ما بين قياس السكر في أجهزة السكر وقياسه في المختبرات.
وعليه فإن كمية الدم المستخدمة في قياس السكر في الأجهزة الموجودة حاليا تتراوح ما بين 0.3 ميكرولتر و3 ميكرولتر وتستغرق 5 ثوان لظهور نتيجة تحليل السكر.
هذه الأجهزة موجودة في كل مكان وأصبح كل مريض سكري يقتني جهازين أحدهما موجود لديه في المنزل والآخر في العمل، بحيث إنه يراقب دائما مستوى السكر في الدم ولا يكتفي بالأعراض، فعلى سبيل المثال لا يكتفي بالتحليل عندما يشعر بالهبوط أو الارتفاع فقط فهذا غير صحيح.
أوقات تحليل السكر 
تختلف عدد مرات تحليل السكر في هذه الأجهزة للشخص المصاب بالسكر على حسب نوع المرض، فالنوع الأول من داء السكري الذي يتناول مرضاه الإنسولين يحتاج للكثير من التحاليل المنزلية يوميا وعلى الأقل 4 مرات في اليوم (قبل الفطور وقبل الغداء وقبل العشاء وقبل النوم) ويفضل أن يزيد المريض على هذه الأربعة تحاليل أخرى تجرى بعد ساعتين من تناول الأكل للتأكد من نسبة السكر بعد الوجبات الغذائية، بعكس النوع الثاني من داء السكري الذي يتناول مرضاه الحبوب فهم بحاجة يوميا إلى تحاليل أقل من التحاليل المستخدمة لمرضى النوع الأول. 
لقد أثبتت الدراسات أن مريض السكري الذي يحلل يوميا أكثر من 4 – 6 مرات تكون نسبة انتظام السكر لديه، وخصوصا معدل السكر التراكمي، أفضل بكثير من الأشخاص الذين لا يحللون بشكل منتظم أو يحللون بشكل منتظم ولكن عدد التحاليل تكون أقل من 4 تحاليل يوميا مما ينعكس على نسبة تحكم السكر في الدم.
إرشادات حول القياس 
هناك جملة من الإرشادات لمرضى السكري، وأخطاء يجب التنبه لها عند قياس السكر بالأجهزة:
- يجب التأكد من صلاحية أشرطة السكر المستخدمة في الأجهزة وأنها ما زالت مستمرة.
- يجب متابعة تاريخ صلاحية هذه الأشرطة المسجلة على نفس علبة الشريط.
- يجب التأكد من وجود الكود (الرمز) الخاص بالأشرطة في كل علبة، وبالتالي عندما يفتح المريض علبة جديدة من الأشرطة لا بد أن يغير الكود في الجهاز.
- بعض الأجهزة الحديثة لا تحتاج إلى إدخال الكود.
- يجب ألا يترك المريض علبة الأشرطة والجهاز في مكان رطب أو حار، بل في مكان مكيف مبرد، حتى يكون التحليل سليما.
- عدم ترك جهاز تحليل السكر والأشرطة في السيارة، خصوصا في الجو الحار مما يؤدي إلى تلفها وعدم صحة قراءة التحاليل.
- ينصح بغسل اليدين بالماء الدافئ والصابون ثم تجفيفهما قبل التحليل وتفادي استخدام الكحول (المسحات الطبية الكحولية) فذلك قد يؤدي إلى عدم صحة قراءة تحليل السكر.
- من الأخطاء الشائعة أن تكون كمية الدم قليلة جدا على شريط تحليل السكر ما يؤدي إلى عدم صحة قراءة السكر، فكمية الدم لا بد أن تكون كافية من أجل الحصول على قراءة صحيحة.
- التأكد من البطارية في الجهاز، فبطارية الجهاز الضعيفة تعطي قراءات للجهاز غير صحيحة.
- على المريض أن يضع الشريط في الجهاز وأن يضع نقطة الدم عليها مباشرة، فكل تأخير في وضع نقطة الدم يؤدي إلى قراءة غير سليمة.
- الأماكن التي يجب على المريض استخدامها في التحليل هي أصابع اليدين لإعطاء قراءة دقيقة وصحيحة.
- ينصح مريض السكري باستخدام مرطبات الجلد على الأصابع المستخدمة بشكل يومي منتظم وذلك لحماية أصابع اليدين من آثار التحاليل اليومية.
- يجب على الأهل مراقبة طفلهم مريض السكري لعمل التحليل باستمرار وحسب التعليمات حتى وإن أصبح كبيرا، تشجيعا وتحفيزا له من أجل الانتظام في عملية التحليل المهمة.
- الأجهزة الحديثة أصبحت مزودة ببرامج كومبيوترية تمكن من تنزيل القراءات من الجهاز إلى الكومبيوتر الذي يقوم بعمل رسم بياني لهذه القراءات وطباعتها وتقديمها للطبيب من أجل رؤية حسنة.
- تحليل السكر التراكمي السكر التراكمي هو كذلك من التحاليل المهمة التي يجب على كل مريض سكري عملها بمعدل مرة كل شهرين إلى 3 شهور، وهذا السكر التراكمي هو حقيقة الذي يرشد الطبيب إلى وضعية انتظام السكر لدى المريض سواء كان كبيرا أم طفلا: هل هو منتظم أم لا؟
وقد أثبتت الدراسات العالمية أن السكر التراكمي مهم جدا من أجل الحكم على انتظام السكري واحتمالات الإصابة بمضاعفاته. وقد ثبت أنه عندما يكون السكر التراكمي عند الكبار أقل من 7 في المائة (وفي دراسات أخرى أقل من 6.5 في المائة) تكون نسبة مضاعفات السكري قليلة جدا.
أما بالنسبة للأطفال فإنهم يختلفون عن البالغين، فالأطفال الصغار دون عمر السادسة يقبل منهم نسبة سكر تراكمي 8 – 8.5 في المائة، والأطفال ما بين عمر 6 و12 سنة يقبل منهم نسبة سكر تراكمي أقل من 7 في المائة، أما الأطفال فوق الـ12 سنة فمثلهم مثل البالغين تقبل نسبة أقل من 7 في المائة أو 6.5 في المائة وذلك من أجل انتظام نسبة السكر.
أدوات قياس السكر 
ساعة السكر. هناك أجهزة تقيس السكر من دون وخز الإبرة، وبالتالي لربما يستحسنها الآباء لأطفالهم رحمة بهم من الوخز، ومنها على سبيل المثال «ساعة السكر» التي انتشرت منذ 10 - 12 سنة. إلا أن الدراسات العلمية أثبتت أنها غير دقيقة وأنها تتأثر بعوامل الحرارة والعرق والجلد مما يؤدي إلى عدم دقة قراءتها.
مستشعرات حساسة 
مستشعر حساس للسكر: حديثا، يوجد مستشعر حساس السكر الذي يقيس السكر بشكل منتظم على مدار 24 ساعة ويوضع هذا المستشعر تحت الجلد كإبرة صغيرة بلاستيكية يكون المستشعر في داخلها. ويتم تغييره في فترة 3 - 7 أيام على حسب الشركة المنتجة له، وتكون دقته دقيقة جدا مثلها مثل دقة تحاليل السكر المخبرية. وهذه المستشعرات بدأت تنتشر في جميع أنحاء العالم بما فيها المملكة العربية السعودية ولكنها باهظة الثمن.
ومن ميزات الجهاز:
قياس السكر كل 5 دقائق، وأنه يرحم الطفل أو الشخص المصاب من كثرة التحاليل ووخزة الإبر، وبالإضافة إلى ذلك فإن الجهاز الذي يتعامل مع هذا المستشعر يظهر القراءات كل 5 دقائق على شاشة الجهاز مما يجعل المريض والطبيب على خلفية جيدة عن وضع السكر على مدار الـ 24 ساعة، كذلك يوجد جهاز إنذار معه، فعند انخفاض السكر أو ارتفاع السكر يعطي جرس إنذار مما ينبه الطفل وأهله عن انخفاض السكر أو ارتفاعه وبالتالي يحمي الطفل من الانخفاضات والارتفاعات الشديدة المفاجئة، وهناك إمكانية إنزال جميع القراءات التي أجريت على مدار الأسابيع على جهاز الكومبيوتر ومن ثم قيام جهاز الكومبيوتر بتحليلها ورسمها رسما بيانيا ومن ثم طباعتها لتمكن الطبيب المعالج من مراقبة السكر خلال تلك الفترة بوضوح تام وتغيير الجرعات لهذا الطفل وبالتالي يتحسن مستوى السكر وانتظامه في الدم.
إن هذه الأجهزة أدت إلى تحسن أداء انتظام السكر وقلة مضاعفاته، وأثبتت التجارب والدراسات أن الأطفال أو الأشخاص الذين يستخدمون حساس السكر يكون انتظام السكر لديهم أفضل بكثير من الذين يستخدمون الأجهزة العادية.
تكنولوجيا النانو 
يدرس العلماء حاليا تطوير تقنية وتكنولوجيا تحاليل السكر، فهنالك استخدامات كبيرة لتكنولوجيا النانو في الطب بما يرمز لها بالإنجليزية (Nanomedicine).
وعلى سبيل المثال هنالك اتجاه كبير لاستخدام مستشعر حساس سكر بحجم النانو (وهو جزء من المليار) بحيث يوضع تحت الجلد، لا يرى، ويقرأ قراءات السكر، ويتعامل مع جهاز خارجي تظهر عليه جميع القراءات مثله في ذلك مثل المستشعر الحساس الحالي، إلا أن المستشعر هو بحجم الإبرة تقريبا من 2 - 3 سم، بينما بتقنية النانو سيكون حجمه جزءا من مليار ولا يحس به المريض وتكون دقة قراءته عالية.
ومن المتوقع في تجارب النانو أن يوضع هذا المستشعر المستخدم في جل (مادة هلامية) وربما يوضع الجل في عدسة مثل عدسة العين ومثل العدسات اللاصقة، يقيس السكر عن طريق قرنية العين وبالتالي فإن المريض لا يحتاج إلى أي وخز للإبر على مدار الـ24 ساعة وهي الآن في المراحل الأخيرة من التجارب.