الألوان الزاهية وباقات الورود عنوان جديد لأسبوع لندن لربيع وصيف 2013

من عرض هولي فولتون Holly Fulton وفي الأسفل م عرض جون روشا John Rocha ومن عرض هاوس أوف هولاند House of Holland ومن عرض إيسا Issa
من عرض هولي فولتون Holly Fulton وفي الأسفل م عرض جون روشا John Rocha ومن عرض هاوس أوف هولاند House of Holland ومن عرض إيسا Issa

منذ اليوم الأولى لانطلاقته، وأسبوع لندن للموضة يرسل باقات ورد وأزهار متفتحة للعالم، ولسان حال مصمميه يقول بأنهم يحلمون بصيف متفتح بالأمل يدخل الفرحة على القلوب ويجعلها متفتحة على الحياة والشراء حتى تتحرك السوق وتخرج من ركودها.
باقات الورد هذه، جاءت إما مطبوعة على الأقمشة كما هو الحال في عرض كل من غاسبر كونران وإيسا وتود لين مثلا، أو مزروعة فوقها كما في عرض هولي فولتون، أو بتقنية الأوريغامي كما في عرض المخضرم غون روشا. وحتى هؤلاء الذين لم يعتمدوا هذه الأساليب، فإنهم أخذوا من الورود ألوانها الزاهية وأمتعونا بها.
الهروب من أجواء المدن، لما تتضمنه من مراكز تجارية وبنوك، تذكر بالأزمة الاقتصادية التي لا يبدو أنها ستختفي أو تخف قريبا، إلى أجواء بعيدة أو حقب سعيدة كان أيضا سمة غالبة على هذه العروض.
في اليوم الثاني من الأسبوع، كان عرض «داكس» (DAKS) الوحيد تقريبا الذي اكتفى بألوان طبيعية هادئة، وكأنه يمهد للآتي. لأنه كان على الساعة التاسعة صباحا، شكل ما يشبه ألكنفس الذي سيرسم عليه باقي المصممين تشكيلاتهم، إذ لم يلعب على الورود واكتفى بالألوان السادة مثل الأبيض والبني والأسود مع زخات قليلة من النقوشات الصغيرة الحجم التي لا تكاد العين تراها من بعيد.
ويبدو واضحا أن الدار الإنجليزية العريقة، التي تمسك زمامها المصممة شيلا ماكاين وايد، الأميركية المولد، تريد تشكيلة يعتبر القليل فيها كثيرا لتخاطب امرأة عاملة وعملية. 
وتمخضت عن هذه الرغبة، تشكيلة غابت فيها النقوشات المربعة التي ارتبطت بالدار، ارتأت المصممة أن تعوض عنها بالتلاعب بالأقمشة بدل التلاعب بالألوان والطبعات، مما أصبغ عليها أناقة هادئة ممزوجة بكلاسيكية عصرية.
إذ لا تخدعك خطوطها البسيطة فالجانب الرقي فيها قوي يفوح من كل قطعة، سواء كانت هذه القطعة فستانا يغطي نصف الساق، وهو الطول الغالب هنا، مثل فستان أسود ببليسيهات أقرب إلى الطيات أو العكس، أو كانت معطفا قصيرا أو فستانا ناعما أو تايورا مفصلا بأسلوب أنثوي عصري تأتي فيه البنطلونات قصيرة نوعا ما بحيث تقف فوق الكاحل. 
المصممة شيلا، ولكي تخاطب امرأتها العاملة، كان لا بد أن تكون سخية بالقطع المنفصلة حتى تمكنها من تنسيقها بسهولة حسب متطلبات حياتها. وهذا ما نجحت فيه إلى حد كبير من خلال استعمالها طبقات متعددة في الإطلالة الواحدة مثلا وأقمشة خفيفة جدا منحتها انسيابية زاد من خفتها اللون الأبيض على وجه الخصوص، الذي تدرج فيما بعد إلى البيج والبني ثم الأسود. بعد عرض «داكس» توالت الرحلات بإيقاع سريع وممتع.
في عرض المصمم جاسبر كونران، (Jasper Conran) مثلا، وبمجرد ولوج قاعة العروض الرسمية في «سومرست هاوس» عرف الحضور أنه سيحملنا في رحلة إلى أجواء ما. فقد زين الجهة التي ستخرج منها العارضات بورود بألوان النيون، وفرش المنصة التي سيمشين عليها بالعشب الأخضر، ومن أول نغمة موسيقية رافقت العرض عرفنا أننا سنتوجه إلى الغرب الأميركي.
وبالفعل تأكد الشعور بظهور فساتين بكشاكش مطبوعة بالورود والكثير من الدينم. فمرة هو على شكل بنطلون مطرز ومرة على شكل جاكيت أيضا مطرز أو «شورت» ليتطور الأمر إلى استعماله الجلود وتقنية «الباتشوورك» التي اشتهر بها المهاجرون الأميركيون.
الألوان أيضا كانت عبارة عن «باتشوورك» على الرغم من تضاربه واختلاطه كان منعشا مثل «كوكتيل» من الفواكه المشكلة. فقد تباينت بين الأخضر والأبيض والأزرق على تصاميم متنوعة ضمت أيضا فساتين ناعمة تميل إلى الاتساع مطرزة بالترتر بالكامل حتى يخاطب بها المصمم كل زبوناته. ما يحسب لجاسبر كونران أنه نجح في تقديم تشكيلة مرحة وحيوية وجد أنيقة من دون أن يقع في مطب اللعب بشكل مبالغ فيه على التيمة الأميركية. 
فهو لم يستعن بقبعات «كاوبوي» مثلا بل وحتى الأحذية غابت تماما من عرضه، إذ أرسل عارضاته حافيات يمشين بثقة وانطلاق على العشب الأخضر، الأمر الذي زاد من انتعاش الإطلالة وجمالها.
بعد العرض شرح المصمم أنه استلهم البداية من المغنية والشاعرة الأميركية باتي سميث، التي يطلق عليها لقب عرابة حركة البانكس في عام 1975 بفضل ألبومها «هورسز». أي امرأة فنانة ومستقلة تعيش في عربة كبيرة تمكنها من التحرك والتنقل في أي وقت تشاء. لكن المهم هو أن العربة والمرأة على حد سواء يتميزان بالأناقة وحب الراحة.
من الغرب الأميركي كانت الوجهة الثانية هي المكسيك، وهي الوجهة التي أخذتنا إليها المصممة الشابة هولي فولتون (HollyFulton). كان واضحا أنها تفكر في شواطئ المكسيك وشمسه، لكن في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. فالألوان الغالبة كانت الوردي والسماوي والليموني مع ورود وكثير من الورود التي إما جاءت مطبوعة على القماش أو مغروسة في حقائب يد وقبعات رأس وجاكيتات من البلاستيك. 
صحيح أنها من البلاستيك، لكنها جد أنيقة ويمكن استعمالها في الأيام العادية لعمليتها. وربما تكون العملية أو الواقعية هي التغيير الذي طرأ على أسلوب هولي فولتون. ففي السابق كانت تبدع تحفا فنية أكثر من قطع للحياة اليومية، الأمر الذي لا ينطبق على هذه التشكيلة، التي يمكن القول إن أي امرأة، بغض النظر عن عمرها أو بيئتها أو أسلوبها، يمكن أن ترى نفسها فيها.
فهي منعشة، فنية وغنية بالقطع المنفصلة التي ستغني خزانة أي أنيقة في الصيف المقبل وتبقى معها لسنوات كثيرة مقبلة، من الفساتين الناعمة المطبوعة بالزهور أو الفسيفساء، إلى البنطلونات القصيرة التي تغطي الساق وتتوقف فوق الكاحل، مرورا بالتنورات والجاكيتات المفصلة. 
تجدر الإشارة إلى أنها كلها وبدون استثناء جاءت مطبوعة بالورد، وإن على شكل وردة على الياقة أو جانب تنورة.
من جهته قدم هنري هولاند، مؤسس ماركة «هاوس أوف هولاند» (House Of Holland) عرضا دسما على كل الأصعدة. من فتيات المجتمع مثل أليكسا تشانغ وبيكسي غيلدوف وكيلي أوسبورن اللاتي أضفين على عرضه، كما العادة، كثيرا من البريق وفلاشات الكاميرا، زينت الأزهار كثيرا من القطع. 
تعتبر هذه التشكيلة الـ 12 للمصمم الشاب، الذي بدأ بمجموعة «تي - شيرتات» تحمل رسائل ذكية مستقاة من ثقافة الشارع البريطاني، وتطور لتقديم أزياء تقبل عليها نجمات مثل ريهانا من دون تعداد لائحة فتيات المجتمع اللاتي يعشقنها.
فهي دائما تتضمن كثيرا من الشقاوة والمرح مثل هذه التشكيلة التي وصفها بأنها مزيج من أسلوب «الغرانج» الذي ظهر في التسعينات والغضب. وهو غضب أقرب إلى التمرد من قبل مراهقة تريد أن تثبت شخصيتها واستقلاليتها للعالم. لكن تبين أنها مراهقة تحب الأناقة كثيرا ولا تريد أن تتنازل عنها بأي شكل من الأشكال.
فالتمرد تجسد في تصاميم منسابة ومتحررة تشمل فساتين واسعة تلامس الأرض وأخرى تلامس الركبة فضلا عن «شورتات» قصيرة وتايورات مفصلة. القاسم المشترك بينها أنها كلها تميزت بلمسات راقية مثل الدانتيل الذي زين كثيرا من الحواشي والأطراف. حتى القبعات تميزت بلمسة راقية بترصيعاتها وشكلها الحداثي البسيط.
جون روشا (John Rocha) الذي عودنا في السابق على اللون الأسود إلى حد أنه أصبح ماركته المسجلة، لم يطلقه في عرضه لربيع وشتاء 2013 بالثلاث، لكنه اكتفى به في مجموعة مكونة من أقل من عشر قطع تفتحت هي الأخرى على شكل ورود.
باقي العرض غلبت عليه ألوان الأحمر القرنفلي والوردي والأخضر النعناعي والبنفسجي بدرجات اللافندر، سواء في قبعات من التول أو في فساتين أو تنورات منفوخة غطتها ثنيات وكشاكش من الأورغنزا أو التول. 
في الوقت الذي ظلت فيه الخطوط بسيطة، فإن التقنيات التي استعملها هذا المخضرم الصيني الأصل، تؤكد هندسية تحاكي الهوت كوتير، وكأنه يريد أن يقول إن سنواته في هذا المجال تخول له أن يقدم ما هو أكثر من مجرد أزياء جاهزة. والعجيب أنه بهذه التقنيات جعل حتى اللون الأسود يبدو متفتحا، أو بالأصح، يفتح النفس عليه في صيف ساخن جدا.
دانييلا هيلايل، مؤسسة ماركة «إيسا» (Issa) التي انطلقت إلى العالمية بعد ظهور كايت ميدلتون بفستان أزرق من تصميمها في خطبتها على الأمير البريطاني ويليام، لا تزال تلعب على الرومانسية التي ارتبطت باسمها منذ ذلك الحين.
في تشكيلتها لربيع وصيف 2013، قالت إنها تحلم بجنة عدن التي ترجمتها في ألوان زاهية ونقوشات تجسد كائنات حية من طيور وورود على أقمشة خفيفة مثل الساتان والموسلين والقطن.
إلى جانب الفساتين والبنطلونات الواسعة التي اتحفتنا بها «إيسا»، فإن التايورات المستلهمة من الـ «بيجاما» كانت من أقوى القطع في هذه التشكيلة.
وعلى الرغم من أنها جاءت مزدحمة ومتضاربة بصور النمور والطيور، إلا أنها لم تصب بالتخمة أو تجعل العين تعزف عنها. بالعكس بعد يوم طويل، كانت أجمل نهاية لأجمل يوم في الأسبوع حتى الآن، على الرغم من أن الآت أكبر، إذا أخذنا بعين الاعتبار عروض كل من فيفيان ويستوود، بول سميث، مالبوري، ماريا كاترانزاو وطبعا «بيربيري».