منزل .. معظم أثاثه من الخردة الرفيعة

حب إنقاذ القطع القديمة والتاريخ وراء عمليات توسيع لا نهاية لها، وفي الصورة غرفة الموسيقى، التي تتسع لـ125 فردا وتستعمل لتنظيم الحفلات التي تقام بها باستمرار صممت لتحتوي على بيانو ماسون أند هاملين. 
باب آخر رممه آرتشر من بيت قديم آيل للسقوط وباب ضخم من القرن التاسع عشر مأخوذ من عنبر مصحة نفسية يزعم السيد آرتشر أنه كان مخصصا للمرضى الذين يعانون من هوس جنسي والتكلفة الإجمالية لإضافات غرفة الطعام تقدر بحوالي 35 ألف دولار، وتتميز بأربعة مستويات من النوافذ الزجاجية المأخوذة من منزل في غلوستر وكرسي خشبي طويل أخذه آرتشر من كنيسة.
عندما يعثر معظم الناس على قطعة معمارية أثرية - مثل نافذة زجاجية قديمة أو قطعة من الطوب البرتغالي ترجع إلى القرن الثامن عشر - فإنهم قد يبذلون جهدهم لإيجاد مكان صغير لها في المنزل. لكن عندما يجد السيد جون آرتشر (62 عاما) شيئا مماثلا، فإنه يخصص له جناحا كاملا.
كانت مساحة منزله، الذي اشتراه منذ 30 عاما بمبلغ 135 ألف دولار، تبلغ 3 آلاف قدم مربع، وكان مكونا من دورين، أما الآن فتبلغ مساحته ما بين 11 ألف و13 ألف قدم مربع، تمتد فيه الأجنحة في كل اتجاه، وكأنه زاحف مجنح من القطع المعمارية.
من بين مكونات المنزل يوجد برج يرجع إلى عنبر مصحة نفسية من القرن التاسع عشر يزعم السيد آرتشر أنه كان مخصصا للمرضى الذين يعانون من هوس جنسي، وأربع مستويات من النوافذ الزجاجية المأخوذة من منزل في غلوستر تشكل جدارا في غرفة الطعام.
وتم توسيع المكتبة لاحتواء مدفأة ومزيد من النوافذ الزجاجية وثريا، وجميعها ترجع إلى منزل في مانشستر. كانت الثريا التي اشتراها مقابل 2500 دولار سوداء اللون بسبب الأوساخ العالقة بها بفعل الزمن، فيما صممت غرفة الموسيقى، التي تتسع لـ 125 فرد وتستعمل لتنظيم الحفلات التي تقام بها باستمرار، لتحتوي على بيانو ماسون أند هاملين، الذي دفع السيد آرتشر 40 ألف دولار من أجل إصلاحه. لكن تجدر الإشارة إلى أن قدرته على تذكر المبالغ التي دفعها مقابل أي قطعة ليست قوية.
عندما كان عضوا في لجنة المحافظة في دانفرز، سعى السيد آرتشر، الذي له أيادٍ بيضاء في الكثير من الجهود الفنية والمعمارية في البلدة، من أجل إنقاذ مستشفى دانفرز الحكومي. وهو مستشفى أمراض عقلية أنشئ في السبعينات من القرن التاسع عشر، ولم يكن مجرد مبنى أثري على طراز قوطي، ولكنه كان «دليلا على أن الحالة البشرية لا تقل روعة عن الارميتاج أو قصر باكنغهام».
فشلت محاولة إنقاذ المبنى وانهار معظمه، ولكن آرتشر سدد 6 آلاف دولار من أجل إزالة البرج ونقله إلى منزل، بالإضافة إلى الطوب وقطع كبيرة من الغرانيت وإطارات النوافذ، وأشياء أخرى. يقول إن هناك شائعة غير صحيحة بأنه حاول إنقاذ آلة إجراء جراحات المخ، التي كانت تجرى باستخدام الإبر، ولكنه بالفعل يملك بعضا منها.
وضع البرج على العشب الأخضر في منزله منذ أعوام وحتى بداية الصيف الحالي، عندما استطاع أخيرا، بمساعدة المهندس المعماري روبرت دي فارلي من ايبسويتش في ماساشوستس، أن يحوله إلى ما يطلق عليه جناح دانفرز. تكلف الأمر نحو 225 ألف دولار، مشتملا على تكاليف إقامة ممشى يؤدي إلى غرفة الموسيقى.
وعند سؤاله عن تقديره لما أنفقه من أجل إضافة خمسة أشياء أو أكثر إلى المنزل، بعد أن أثارت غرفة الموسيقى إعجاب المحررة حيث تحتوي على سقف وشرفة من طابقين، أجاب قائلا: «ربما تكلف ذلك 200 ألف دولار».
أعادت المحررة السؤال وهي تنظر إلى السقف منحنية، حيث يتطلب ذلك الانحناء قليلا إذ يبلغ ارتفاعه 25 قدما، ليجيب السيد آرتشر في إجابة غير مقنعة: «مليون». ليس من المفاجئ أن نعرف أن السقف فوق سرير السيد آرتشر مكون من مرآة، على الرغم من أن الإضاءة بمصابيح نيون المحيطة بالمرآة تحمل طابعا معماريا هو الأول من نوعه.
كما يتضح قبل أن يصطحبك آرتشر لتناول الغداء في «سايلم كنتري كلوب» في سيارته ماركة بورش، بأنه يستمتع بإنقاذ الكنوز التي يعثر عليها في القمامة، ولكنه لا يفعل ذلك لأغراض مالية.
في غرفة المطبخ، تناول قدحا ذا طرف مذهب ليشرح: «هذه الأقداح من البندقية. يبلغ ثمن القطعة منها 300 دولار، ولكنها الأفضل. لذا أعتقد أنني أنفقت كل ما كان معي. وحصلت على دستة منها أو أكثر. ربما تكون ثلاث دستات، بثلاثة أحجام تتناسب مع المائدة. وتتناسب تماما مع أطباقي الذهبية، فقد بلغت التكلفة نحو 10800 دولار».
 
يبرر حبه للاقتناء بقوله: «أنا وحيد وليس لدي أبناء. أمضي كثيرا من الوقت في التسلية وأحب ذلك، ولكني أقتصد في أشياء أخرى كثيرة. أحب الانتقاء من المهملات، وإذا أعجبني شيء اقتنيه».
أما عن البرج الذي يرجع إلى عنبر المرضى بالهوس الجنسي، وكيف يعرف أنه حقيقي فيجيب: «حسنا ربما أكون اختلقت هذه القصة - أختلق أحيانا بعض القصص - ولكني متأكد أن شخصا ما أخبرني بذلك». ويبقى أصعب ما يمكن تصديقه هو أن هناك شخصا يمكنه الإقامة في منزل دائما قيد الإنشاء، الأمر الذي يعيده آرتشر إلى حبه للقطع القديمة، والرغبة في إنقاذها، بالإضافة إلى إعجابه بالتاريخ.
يشرح: «يأتي الناس إلى منزلي ويقولون، (لم يعودوا يبنون مثلما كانوا)، وأنا أقول: (هذه الغرفة عمرها خمس سنوات)، نحن نعيش في عالم يبخس الأشياء. ولكن بالنسبة لي من المنطقي أن ننقذ تاريخنا».
هذه الرغبة في إنقاذ التاريخ هي التي أعطته دفعة قوية للقيام بعملية إنقاذ مبنى مدرسي قديم من الهدم وتحويله إلى جمعية دانفرز للفنون، وهي المؤسسة التي يرأسها، علما أن اهتماماته لا تقتصر على المحافظة على الفن المعماري وترميمه.
فهو أيضا عضو في ريفر هاوس، التي توفر ملاذا للرجال المشردين في منطقة بيفرلي المجاورة، ويعزف في بعض الأحيان على البيانو مع فرقته الموسيقية في حفلات خيرية، حيث يؤدي عزفا ارتجاليا.
تعيش عائلة السيد آرتشر في ماساشوستس منذ القرن السابع عشر. كان والده يملك شركة تأمين، وعلى الرغم من أن السيد آرتشر حاصل على درجة في الأدب، فإنه عندما كان عمره 30 عاما توفي والده، فقام بما كان متوقعا منه وهو تولي إدارة شركة والده.
يعلق على ذلك قائلا: «لم أكن أحلم بأعمال التأمين، ولكني كنت أعلم أن علي الذهاب إلى العمل».
كان آرتشر يحب القطع الأثرية واقتناءها منذ طفولته، ولفترة قصيرة عمل كسمسار عقارات، لذلك عندما عرض هذا المنزل، الذي شُيد في نهاية القرن التاسع عشر، للبيع، اشتراه مع صديق له في البداية ثم اشتراه منه بعد ذلك.
كان يريد المنزل لحاجته إلى مكان يضع فيه البيانو، الذي يقول إنه يرجع إلى هارولد باور، عازف البيانو الذي قام بجولة به في روسيا في القرن التاسع عشر. يقدم السيد آرتشر صورة كإثبات، على الرغم من أنك قد تحتاج إلى عازف بيانو متخصص ليثبت صحة حديثه.
لا يضم المنزل أي قطع فنية شهيرة، لذلك لا يشعر السيد آرتشر بالندم على إضافة أي شيء يرغب به. على مساحة فدانين، توجد فرصة لمزيد من التوسعات.
جاءت بعض القطع الأثرية، مثل الجدار الزجاجي القديم الذي يفصل بين غرفة نومه والحمام، من تجار القطع المعمارية القديمة؛ بينما حصل على قطع أخرى من قصور قديمة كبرى في المنطقة التي علم أنها ستهدم من خلال عمله في لجنة المحافظة في دانفرز.
ألا يعني ذلك أنه حصل على ميزة غير عادلة؟
يجيب آرتشر: «نعم، أرجو ذلك».
هناك قصة خلف كل قطعة، مثال نوافذ غرفة الطعام الزجاجية الأثرية، التي عثر عليها منذ 20 عاما. يروي قصتها وهو يقف في غرفة الطعام، التي تدخلها أشعة الشمس عبر النوافذ مما جعل فكرة تدميرها تبدو إجرامية: «اتصل بي المهندس المعماري من منزل في غلوستر وقال إنهم سيهدمونه وكان يقول لي خذ ما تريده .. لا أحتاج إليه».
«قال لي، (إذا كان لديك عامل بناء لديه منشار يمكنك أن تأخذها قبل أن يتم هدمها). وقمت بتخزينها لمدة ثلاثة أعوام في مرأب السيارات. ولم يتم مشروع غلوستر، وبعد أن قمت بتركيب النوافذ تلقيت اتصالا من المالكة الجديدة للبيت تقول لي: (علمت أن لديك نوافذي وأود أن أستعيدها). فقلت لها لا إنها نوافذي أنا، وقد سددت نحو 1500 دولار مقابلها. وبعد عدة ساعات تلقيت اتصالا ثانيا منها تعتذر لي».
ويظهر أيضا أن السرير الذي عثر عليه وسط القمامة عندما كان في طريقه إلى دفن كلبه ليس قطعة الأثاث الوحيدة التي فككها وأدخلها إلى منزله. تشكل لوحة مفاتيح من جهاز قديم وأعمدة منضدة طعام جزءا من كوة في سقف البيت، وتشكل واجهة درج مكتب والده جزءا من أحد الجدران في حين يظل مقبضه المعدني جديدا.
أما الأبواب الأمامية لمستشفى دانفرز، والتي ظهرت في عدد من الأفلام، فقد أصبحت الأبواب الخلفية لجناح دانفرز. يتفاخر السيد آرتشر بأن جين سيمسونز دخلت عبر هذه الأبواب في فيلم «العودة قبل الظلام» عام 1958.
يملك أيضا الكثير من المقاعد الكبيرة في الدور العلوي أو الحظيرة أو المرأب، يمكنه أن يضعها في خيمة ليعيد طلاءها. لكن هل توجد مساحة لمزيد من الإضافات؟ بالطبع، هناك مساحة للمزيد. ما زال في إمكان السيد آرتشر التوسع خلف المكتبة، وهو ما يعلق عليه بالقول: «لا أعتقد أن أي شيء يمكن أن ينتهي على الإطلاق. إنه أمر ممل».