معطف هذا الشتاء .. بين الكلاسيكية والالوان الشهية

تصاميم متنوعة وألوان شهية تحتاج إلى وقفة صادقة لاختيار المناسب منها
تصاميم متنوعة وألوان شهية تحتاج إلى وقفة صادقة لاختيار المناسب منها

من الحكم التي تتداولها عاشقات الموضة دائما، أنه من دون تغير المواسم، تصبح الحياة مملة وروتينية. فكما يصعب علينا تصور الحياة بالأبيض والأسود، لا يمكننا تصور سنة كاملة من دون تغير الفصول أو تفتح الألوان.
لهذا عندما نقول إن الموضة موسمية فهذا لا يعني فقط أنها متغيرة وغير وفية، بقدر ما يعني أنه أصبح علينا أن نعيد النظر في الخامات والألوان التي يجب أن نتبناها بحلول كل فصل جديد.
وبما أننا دخلنا فصل الشتاء، فإن بعض القطع الأساسية تحضر إلى الذهن وعلى رأسها المعطف الشتوي. فهو أهم قطعة في فصل الشتاء، مما يجعله قطعة تستحق الاستثمار فيها من دون تردد أو مساومة. ما علينا أن نتذكره، أن أول ما يلفت النظر عند دخول أي مكان، وآخر صورة تبقى في الذاكرة عند مغادرته بحيث يغني عن الفستان ويغطي عليه.
لهذا من الخطأ اعتباره مجرد قطعة عملية تحمي الجسم من البرد ولا تحتاج منك إلى جهد وتفكير عند اختياره. فهو لمدة لا تقل عن شهرين سيكون رفيقك الدافئ والقطعة الأهم في خزانتك، كما سيكون سلاحك ليس ضد قتامة الطقس وبرودته فحسب، بل أيضا ضد ما قد ينتج عن هذه القتامة من اكتئاب.
فأناقته وفخامته سيكون لهما مفعول السحر على مزاجك ومعنوياتك. لحسن الحظ أن الخيارات كثيرة ومتنوعة تخاطب كل الميزانيات، إلى حد أن التصاميم التي طرحها المصممون في المواسم الأخيرة، تصيب بالحيرة وتحتاج إلى وقفة صادقة مع النفس لاختيار المناسب منها لأسلوبك الشخصي ومقاس جسمك عوض الانسياق وراء الصور المبهرة التي تطالعنا من على منصات عروض الأزياء أو من على صفحات المجلات البراقة.
بعضها للأسف غير مناسب لأرض الواقع، أو مناسب لكل الأجسام والأحجام، وما علينا سوى أن نتذكر آخر تشكيلة قدمها راف سيمونز لدار «جيل ساندرز» قبل أن يغادرها إلى «ديور».
فقد كانت المعاطف فيها رائعة بتصميمها الواسع المتميز بأكتاف غير محددة وطول يكاد يلامس الكاحل، سرعان ما تم تقليدها وطرحها في تشكيلات كثيرة لا تزال أصداؤها تتردد هذا الموسم بالنظر إلى المعاطف الواسعة التي تطالعنا في كل المحلات.
في عرض الأزياء أو على صفحات المجلات كانت متعة للعين بكل المقاييس، لكنها من الناحية العملية، تناسب امرأة بمقاييس عارضات الأزياء وليست امرأة عادية بمقاس 16 أو طول لا يتعدى الخمسة أقدام.
لحسن الحظ أن بيوت أزياء أخرى تداركت هذا الأمر وأضفت عليه تحسينات أكثر واقعية جعلته أكثر عملية. من «سيلين»، «ديور»، «ماكسمارا»، «بويتغا فينيتا» إلى «توب شوب» و«زارا» يمكن أن يجد أي واحد منا مطلبه بالسعر المقدور عليه، سواء كان 3000 جنيه إسترليني أو 129 جنيها إسترلينيا.
كل ما عليك هو أن تطرحي على نفسك السؤال ما إذا كنت ستشترينه واسعا بمقاس سخي أو بتصميم مفصل، وما إذا كنت ستنضمين إلى لائحة الأنيقات اللواتي سيعانقن لونه الوردي الهادئ أم ستبقين وفية للألوان الداكنة مثل الأزرق النيلي والأسود؟. 
وهنا نعيد نفس النصيحة وهي أن تتجنبيه واسعا إلا إذا كنت برشاقة العارضات، في المقابل هناك التصميم المستوحى من السترة الرجالية الذي رغم أنه يميل إلى الاتساع ومخاصمة الخصر، فإن طوله الذي لا يتعدى الركبة، يجعله مناسبا لكل المقاييس والأشكال الجسمانية. هناك أيضا التصميم العسكري، الذي لا يغيب، فهو يوفر الدفء والأناقة في الوقت ذاته، بياقته العالية وأزراره الذهبية. الجميل فيه أنه ملائم لمناسبات النهار والمساء، حسب نوعية الأزرار وشكلها.

قد يصيبك تنوع التصاميم ببعض الحيرة عند اختياره، لهذا لا بأس من أخذ بعض النقاط بعين الاعتبار قبل الإقدام على خطوة الشراء:

- محلات الموضة الشعبية دخلت المنافسة بقوة وتطرحه بنوعيات لا بأس بها وبأسعار معقولة، إلا أن اهتمامها ينصب في الغالب على التصاميم وليس على جودة الخامات أو التفاصيل النهائية حتى تحقق الربح. لذا، وبما أن موسم التنزيلات على الأبواب، وسيبدأ في غضون شهر أو شهر ونصف على أكثر تقدير، فهذه فرصة ذهبية للحصول على معطف راق بنصف السعر، شرط عدم الانسياق وراء الصرعات الموسمية، مهما كانت نسبة التخفيض. يفضل اختياره هنا بتصميم كلاسيكي عصري ولون حيادي وخامة مترفة. فهذه ثلاثة عناصر مهمة تحميه من تأثيرات الزمن وتقلبات الموضة.
- لا يختلف اثنان أن التصميم من أهم العناصر التي يجب الانتباه إليها عند اختياره. وعلى الرغم من أن الخيارات كثيرة من الواسع إلى المفصل أو المستوحى من البدلات العسكرية أو السترات الرجالية، فإن الأهم أن يكون على مقاسك حتى يمنحك الأناقة والراحة في الوقت ذاته.
السر يعتمد على فكرة النسبة والتناسب لخلق التوازن المطلوب والتمويه على بعض العيوب. مثلا، إذا كنت ممتلئة عند منطقة الوركين، تجنبيه بحزام يحدد الخصر ويتسع من تحت، وفي حالة كنت تتمتعين بصدر كبير، فتجنبي التفاصيل الكثيرة عن الياقة ومنطقة الصدر حتى لا تلفتي الانتباه إلى هذا الجزء. أما إذا كنت قصيرة، فتجنبيه بطول قصير جدا أو طويل إلى الكاحل، وتذكري دائما أن خير الأمور أوسطها.
- إذا جذب انتباهك معطف بأكمام تصل إلى الكوع فقط، فإن قفازات طويلة هي الحل، الذي يمكن أن يعوض عن الأكمام في الأيام الباردة، إضافة إلى أنها تبدو رائعة إذا كانت بألوان زاهية تضفي على معطفك الكلاسيكي حيوية.
- إذا كان محددا على الجسم، يجب الأخذ بعين الاعتبار ألا يكون ضيقا بدرجة تعيق الحركة، أو لا تسمح بارتداء كنزات صوفية سميكة تحته. فقد تحتاجين هنا إلى مقاس سخي بعض الشيء، خصوصا عند الأكمام شرط أن يكون مفصلا عند الأكتاف حتى لا يبدو كبيرا عليك.
- في الشرق الأوسط لا تكون الحاجة ماسة إلى معطف شتوي سميك مثلما هو الحال في الغرب، لذا عوض معطف من الصوف أو الكشمير، يمكن الاقتصار على معطف ممطر مثل ذلك الذي طرحته دار «بيربيري» منذ أكثر من قرن ولا يزال كلاسيكيا عصريا يترجم في كل موسم بشكل ولون من دون أن يفقد وهجه أو تألقه.
الجميل فيه أنه أصبح يأتي بعدة ألوان وخامات، ويناسب كل الأجواء والمناسبات، بما فيها مناسبات المساء والسهرة إذا كان من القماش المقصب مثلا. في هذه المناسبات لم يعد معطف الفرو الأصلي هو الوحيد الذي يرمز للأناقة والفخامة، فالحرير المقصب والساتان المبطن والمخمل الملون من الأقمشة التي دخلت المنافسة وحققت الكثير من النجاح. فهي أرخص من الفرو من جهة، ولا تتعارض مع مبادئ البعض المناهضة لاستعمال جلود الحيوانات الطبيعية من جهة ثانية.
- الجلد يشهد هذا الموسم إقبالا كبيرا، حيث ظهر في الكثير من القطع بما فيها الفساتين والتنورات والبنطلونات والجاكيتات. ولأن المعطف الجلدي الطويل لم يتخلص بعد من إيحاءاته الثمانينية فإن الجاكيت الجلدي أخذ محله هذا الموسم ويعتبر البديل المفضل. فقد طرحه المصممون بتصاميم «سبور» ترقص على إيقاعات «الروك أند رول» حسب الطريقة التي يتم تنسيقه بها.
- التويد، أيضا قوي هذا الموسم، خصوصا بتصاميمه التي تستحضر أناقة الخمسينات. وعلى الرغم من أن «شانيل» أكثر من أتقنته ولا تفوت فرصة لطرحه بأشكال مغرية بعد أن تغزله بأسلوبها الجذاب الذي تدخل فيه أحيانا خيوط ذهبية بشتى الألوان، فإن بيوتا أخرى لم تقبل الخروج من المنافسة مما خلق نوعا من المنافسة التي تصب في صالح المستهلك.
- اللون عنصر مهم في عملية اختيار معطفك، والقاعدة الذهبية أنه بألوان الأسود، وكل درجات الرمادي والبني أو الأزرق النيلي يكون كلاسيكيا ومضمونا، أما إذا كان بألوان الموضة المتوهجة، مثل البرتقالي أو البنفجسي أو الأصفر أو الوردي أو الأخضر، فهو أكثر حيوية كذلك إذا كان مطبوعا نقوشات هندسية، إما على شكل مربعات أو خطوط. وتجدر الإشارة هنا إلى أن اللون الوردي هو الدارج هذا الموسم، وعلى الرغم من أنه أنيق، فإن الخوف أن الكل سيظهر به مما سيجرده من عنصر التفرد والخصوصية التي تحرص عليها بعض الأنيقات. في هذه الحالة يفضل اختياره بلون رمادي فاتح أو «بيج» حتى يبقى معك مدة أطول.
ولا شك أنك لاحظت خلال عروض الأزياء الموجهة لخريف وشتاء لهذا العام، 2013، أن الألوان الفاتحة كانت الأقوى، من الوردي إلى الأزرق السماوي أو البرتقالي المائل أحيانا إلى المرجاني مرورا بالأخضر والأصفر، وعندما عرضت هذه الألوان في شهر مارس (آذار) الماضي، بدت طبيعية وعادية لأن الجو كان ربيعيا، لكنها في أجواء الشتاء وعندما تبدئين في البحث عن معاطف أو أي قطع دافئة، فإنها تبدو صعبة وتحتاج إلى تفكير. القاعدة الذهبية ألا يكون تنسيقها مع اللون الأسود هو خيار الوحيد على أساس التخفيف من توهجها، بل العكس، يفضل تنسيقها مع قطع بألوان هادئة وخفيفة مثل البيج، أو الرمادي الخفيف، بل وحتى الأبيض.