بيتسي جونسون .. رغم أعلان إفلاسها واصابتها بالسرطان مازالت تحبها الموضة

إذا كانت لبريطانيا مصممة متمردة اسمها فيفيان ويستوود، فإن للولايات المتحدة مصممة مثلها اسمها بيتسي جونسون. فهناك قواسم عديدة مشتركة بينهما بدءا من سنهما التي تعدت الـ 70 وحبهما للحياة وعدم اعترافهما بالعمر إلى ميلهما إلى صبغ شعرهن بألوان غريبة تستحضر موضة البانك، التي كانت ويستوود أول من أطلقتها في السبعينات من القرن الماضي وربما بيتسي جونسون أول من عانقتها في الجهة الأخرى من الأطلنطي. 
هذه الأخيرة مرت بتجارب كثيرة في حياتها، فقد شهدت نجاحات وإفلاسا وتعرضت لمرض السرطان، ومع ذلك لم تفقد في يوم تفاؤلها الذي ينعكس على أزيائها. عروضها أيضا أقرب إلى لقطات مسرحية تحرص على كتابة سيناريوهاتها بنفسها.
فالعارضات فيها إما يرقصن وإما يقفزن في الهواء بحركات رياضية أو بهلوانية حسب المزاج وإما يمثلن دورا كتبت نصه لإضفاء جو من المرح وعدم الجدية، والشعر يشع إما بالبنفسجي أو الوردي وهكذا. بيد أنها دائما تفوز بالرضا والقبول مما جعلها شبه أسطورة في عالم الأزياء. 
بالنسبة لأي مصمم فإن إشهار الإفلاس قد يكون النهاية، لكنه لم يكن بالنسبة لهذه المصممة سوى بداية جديدة. فعندما أشهرت إفلاسها منذ بضع سنوات، نتج عن الأمر إغلاق كل متاجرها البالغ عددها 63 متجرا من بينها المتجر الرئيس في سوهو وفصل 350 موظفا.
وهو ما كان وضعا قاسيا على مصممة كانت في أوج نجاحها في منتصف العقد الماضي، تحقق مبيعاتها السنوية نحو 150 مليون دولار، وكان يعمل لديها 400 شخص، كما أبرمت صفقات مربحة في مجال الأحذية والحقائب ونظارات الشمس والعطور. 
للأسف لم يستمر هذا النجاح، ففي إطار سعيها عام 2007 لتطوير اسمها التجاري، باعت حصتها الأكبر إلى شركة الأسهم الخاصة «كاستينيا بارتنرز» في بوسطن. وسرعان ما جرى افتتاح عدد كبير من المتاجر في سان فرانسيسكو وشيكاغو وأوستن وتكساس وغيرها من الأماكن.
لم يكن هذا التوسع السريع في صالحها، بسبب الأزمة المالية في عام 2008 وبسبب تراجع المبيعات، لتجد الشركة نفسها عاجزة عن سداد قرض بمبلغ 48 مليون دولار. بيتسي تعيد سبب الانهيار إلى المتاجر التي بدأت تبيع فساتينها بأسعار لا تتعدى الـ 49 دولارا عوضا عن 250 دولارا. 
وأيا كان الوضع، فقد انخفضت الأرباح بمقدار النصف وتجاوز حجم ديونها أربعة ملايين دولار كما لم تتمكن من العثور على مشتر، مما اضطرها إلى إشهار إفلاسها. تقول فيرن ماليس، وهي خبيرة أزياء: «لقد أصيبوا بحمى التوسع.
لم يكن هناك نوع إلا ويحمل اسمها، في ظل عدم وجود أساس لإدارة الأمور بحرص وعناية». في عام 2010 تدخل ستيف مادين، مصمم الأحذية والأزياء الشهير واشترى الدين ومعه اسم «بيتسي جونسون» التجاري.
ويعبر ستيف مادين عن هذا الأمر بصراحة أكبر حين يقول: «لقد أصيبوا بأوهام تأسيس شركة ضخمة وطرح أسهمها في البورصة. لذا اقترضوا الكثير من المال، وافتتحوا عددا كبيرا من المتاجر بإيجارات مرتفعة».
الآن تتوفر تصاميم «بيتسي جونسون» في «مايسيز» ومتاجر تجزئة أخرى منها «نوردستورم» وتتمتع كلها بروح شابة يصعب على المرأة فوق الخمسين أن ترى نفسها فيها إلا إذا كانت تتمتع بنفس روح مصممتها المخضرمة، التي لا تريد أن تعترف بأنها تعدت الـ 70. وهكذا، فعوضا عن أن تستمتع بسن التقاعد، دخلت تحديا جديدا يتمثل في بناء اسمها من جديد وتقديم ابتكاراتها التي تغلب عليها فساتين ذات ألوان مبهجة على نحو جنوني.
في لقاء أجرته معها صحيفة «نيويورك تايمز» اعترفت: «أنا لا أتخلى عن تصاميمي الضيقة فهي سلاحي وسر جاذبيتي. كما أبقيت على سعر الفستان عند مستوى سعر رحلة نهاية أسبوع في بورتوريكو أو أقل.. إنها وصفتي الخاصة». 
وقد ألهمت هذه الوصفة المصممين الشباب ممن عدوها قدوة لهم، مثل هيذريت وجيريمي سكوت وبلوندز، وخصوصا أن عودتها كانت اختبارا لقدرتها على تجاوز المشكلات والبدء من جديد، وأيضا فرصة لمعرفة ما إذا كان المصممون المستقلون الذين نشأوا في أحضان المشهد الإبداعي في نيويورك في الستينات لا يزالون قادرين على التنافس في حقبة الموضة السريعة أم لا.
ولدت بيتسي عام 1942 في أسرة متدينة بويزرسفيلد بولاية كونيتيكت. وكانت ابنة لمهندس ميكانيكي ومستشارة في التعليم صنعت أول تصميم لها وهي في الرابعة من العمر من وحي «مريلة» مطبخ كانت عليها رسومات كلاب، كما تقول.
بعد التخرج في جامعة سيراكوس، توجهت إلى نيويورك وهناك صممت مجموعة من التنورات القصيرة فضية اللون لـ«فيلادلفيا» في ماديسون أفينيو.
في السبعينات بدأت تعمل كمصممة مستقلة حين جمعت مع صديقتها شانتال بيكون، عارضة الأزياء السابقة، مائة ألف دولار لإنشاء علامة «بيتسي جونسون» التجارية. وافتتحا في العام التالي أول متجر في 130 شارع طومسون في سوهو.

تقول بيكون:

«لقد أردنا أن نقدم أزياء لنا ولأصدقائنا تشبه تلك التي كنا نرتديها في النوادي الليلية، لهذا كنا نصمم الكثير من القطع الليكرا المخططة بالوردي والأسود».
وشهدت تصاميمها إقبالا تجسد في ارتفاع المبيعات على مدى عقود، كما كانت عروضها ممتعة أشبه بالحفلات الراقصة التي يخرج منها الحضور وهم منتشون بالسعادة. وحتى عندما أعلنت إفلاسها لم تفقد روحها المرحة والشقية. فبعد خمسة أشهر من إشهار إفلاسها، مثلا، وخلال فعاليات «فاشونز نايت أوت»، أقامت حفلا أمام متجرها المغلق في سوهو.
بعدها تمكنت من عرض مجموعة أزياء في أسبوع نيويورك كان احتفالا بسنوات عملها الطويلة، وأيضا احتفالا بيوم ميلادها السبعين حضرته صديقتها المغنية سيندي لوبر. وفي نهاية الاحتفال قالت بيتسي: «سأشعر بالإحباط فقط عندما لا أستطيع أن أعمل».