«اضطراب الشخصية النرجسية» .. يصيب الرجال أكثر من النساء

يقود إلى تعذر إبداء المشاعر العاطفية وانعدام التعاطف مع الآخرين
يقود إلى تعذر إبداء المشاعر العاطفية وانعدام التعاطف مع الآخرين

رغم أن بعض السمات النرجسية تظهر على الكثير من الناس، فإن «اضطراب الشخصية النرجسية» narcissistic personality disorder يصيب قرابة 8 في المائة من الرجال ونحو 5 في المائة من النساء.
 
ومع أن الزواج من شخصية نرجسية تجربة صعبة، فإن الانفصال عنها أصعب.
 
هنا تحديدًا يأتي دور كاريل مكبرايد، اختصاصية العلاقات الأسرية، التي ألفت مرشدًا للأشخاص الراغبين في إنقاذ أنفسهم من براثن العلاقات مع الشخصية النرجسية.
 
ويحمل كتابها عنوان «هل سأتحرر يومًا منك؟ كيفية المرور عبر طلاق مشحون بالنزاعات، من شخص نرجسي، وتضميد جراح الأسرة»، والمقرر صدوره من «ويل بوك كلوب».
 
وفيما يلي مقابلة أجريناها مع الكاتبة:
هل يمكن أن نبدأ بطرح تفسير للشخصية النرجسية؟
- أعتقد أن النظرة الشائعة عن الشخصية النرجسية هي أنها مجرد شخص كثير التباهي وصلف مليء بالإعجاب لنفسه.
 
وفي الواقع، عندما يكون شخص ما مفعما بإعجابه لذاته وكثير التباهي ويتحدث كثيرًا عن نفسه، فإن هذا لا يضر أحدا.
 
أما ما يهمني حقًا عند التعامل مع اضطراب الشخصية النرجسية، فإننا حينئذ نتعامل مع شخص غير قادر على التعاطف مع الآخرين أو الاستجابة عاطفيًا للشريك أو الأطفال.
 
إنهم عادة ما يبدأون العلاقات بأسلوب ساحر ومغر، لكن سرعان ما يتحول الأمر إلى حرب عاطفية.
 
إن النرجسيين هم أولئك الذين يفتقدون القدرة على التعاطف مع الآخرين، والذين لا يحاسبون أنفسهم على سلوكياتهم.
 
إنهم يؤسسون عالمهم الخاص الذي يدور حولهم فحسب. كما أنهم يعمدون لاستغلال الآخرين لمصلحتهم.
 
وإذا كنت في علاقة مع شخص نرجسي، فإنك ستكتشف نهاية الأمر أن دورك في هذه العلاقة هو الدوران في فلكهم وخدمتهم فحسب.
 
وبمقدورك تخيل حجم الصدمة التي يشعر بها الأشخاص الذين يسقطون في شرك ما اعتبروه الشيء الأجمل في حياتهم ليكتشفوا أنه في حقيقته على تلك الصورة.
 
ما سر أهمية تأليف كتاب موجه للأشخاص الساعين في الطلاق من أشخاص نرجسيين؟
- عندما يدخل الناس علاقة مع شخصيات نرجسية تمامًا أو حتى أفراد يتسمون بالكثير من السمات النرجسية، فإن العلاقة تتحول لتجربة مريرة للغاية بالنسبة لهم ولأطفالهم. وعندما يتقدمون بدعوى للحصول على الطلاق ويتخذون قرارًا بالرحيل عن هذا الشريك، فإن الكابوس يزداد بشاعة. 
 
في هذه الحالة، يصبح لزامًا عليهم التعامل مع قوانين الأسرة ومسؤولي تقييم الحضانة والمعالجين النفسيين والقضاة والمحاكم.
 
وعندما تخوض تجربة طلاق من شخص نرجسي، فإن هذا لن يشبه الطلاق العادي، لأن تلك الشخصيات لا تستسلم أبدًا، فهم يسعون للانتقام، وتعتبر المحاكم بيئة مثالية للنرجسيين، حيث يمكنهم خلالها المضي في معركة مع الشريك والسعي باستمرار للانتقام منه، وهذا ما يحدث بالفعل.
 
هل هناك مساعدة يمكن تقديمها للنرجسيين؟
- ينبغي أن تنظر إلى النرجسية باعتبارها اضطرابا طيفيا، في أحد أطرافه اضطراب نرجسي كامل بالشخصية.
 
أما الطرف الآخر فبه بعض السمات العادية النرجسية الموجودة لدينا جميعًا التي تجعلنا ننغمس داخل أنفسنا أحيانًا. وكلما كان لدى شخص ما سمات نرجسية، زادت المشكلات التي يواجهها في علاقاته.
 
إن أصحاب اضطراب الشخصية النرجسية الكامل لا يسعون لطلب المساعدة، علاوة على افتقارهم إلى القدرة على التواصل مع مشاعرهم وميلهم لإلقاء اللوم على الجميع فيما عداهم. من الصعب علاجهم، علاوة على عدم سعيهم لتلقي العلاج.
 
وإذا فعلوا ذلك، فإن هذا يكون فقط بهدف أن يثبتوا للآخرين أنهم على خطأ.
 
هل هناك نصائح يمكن أن تعين المرء على تجنب الدخول في علاقة مع شخص نرجسي؟
- من الصعب تحديد ذلك، ودائمًا ما أنصح الناس بأن يطيلوا فترة التعارف في كل الأحوال حتى لا يفاجأوا بهذه الخصال لاحقًا.
 
من بين الأمور التي ينبغي التركيز عليها، هل هذا الشخص يرغب حقًا في التعرف عليك كشخص؟ هل يريد حقًا أن يصبح جزءًا من حياتك ونشاطاتك وأسرتك وأصدقائك؟ أم أن الأمر كله متعلق به وبعالمه؟ أعتقد أن بإمكانك التعرف على الفور على ما إذا كان شخص ما يملك القدرة على التعاطف مع الآخرين والقدرة على الحديث بصدق عن مشاعرك ومشاعره.
 
أثناء الطلاق، يشعر الطرفان بالغضب والألم، فكيف يختلف الطلاق من شخص نرجسي؟
- النرجسي لا يتجاوز المواقف المؤلمة وينساها. وبينما يشعر الآخرون بالألم والغضب ويمرون بمرحلة تكيف مع وضع ما بعد الطلاق، فإنهم نهاية الأمر يمضون في حياتهم ويتجاوزون هذه التجربة. 
 
أما النرجسي فسيستمر في محاولة إلقاء اللوم على الشريك وإيلامه. ويعمل على تحقيق ذلك من خلال إطالة أمد عملية الطلاق بحيث تبلغ تكلفتها مئات الآلاف من الدولارات.
 
في الواقع، إننا بحاجة لمزيد من التثقيف ومزيد من المهنيين بمجال الطلاق بحيث يعي مسؤولو التقييم والمعنيون بقوانين الأسرة مع أي نمط من الشخصيات يتعاملون، فهم أيضًا عرضة للوقوع في شرك الشخص النرجسي.
 
بجانب تكاليف عملية الطلاق الطويلة، ما المخاوف الأخرى المرتبطة بالانفصال عن شخص نرجسي؟
- يتركز قلقي الأساسي من تعرض الأطفال لإيذاء بالغ مما يحدث، حيث يمرون بفترة عصيبة في حالات الطلاق العادية، فما بالنا بالطلاق المشحون بالصراعات والخصام.
 
في الحقيقة، النرجسيون يعجزون عن الاضطلاع بدور الأب أو الأم بصورة مناسبة، لكنهم يعمدون إلى استغلال الأطفال مثل البيادق في لعبة شطرنج لأنهم يدركون أنهم أغلى ما في حياة شركائهم. إنهم يعتبرون الأطفال السبيل الأمثل للانتقام من خلاله من شركائهم.
 
هل الطلاق من الشخص النرجسي أسوأ من الاستمرار معه؟
- إن ما يدفع الأشخاص للانفصال ما يعايشونه من علاقات زوجية مشحونة بالصراعات تسبب ضررًا عاطفيًا لأطفالهم. وغالبًا ما ينبع قرار الطلاق من خوفهم على أطفالهم وما يرونه من أذى يلحق بهم. كما أن الشركاء في هذا النمط من العلاقات يمرضون بدنيًا وينهكون من اضطرارهم للدوران في فلك الشريك النرجسي، ويشعرون وكأنهم عاجزون عن القيام بأي أمر صائب.