العلاج بالأستروجين .. الفوائد تكمن في توقيته

معالجة اعراض سن اليأس المزعجة بأقل جرعة فعالة وبأقل زمن ممكن
معالجة اعراض سن اليأس المزعجة بأقل جرعة فعالة وبأقل زمن ممكن

الأبحاث الجديدة تفترض سلامة توظيف الأستروجين في الاستخدامات القصيرة المدى لتخفيف أعراض سن اليأس (انقطاع الطمث).


هل الأستروجين estrogen جيد أم سيء لقلب النساء؟
هذا سؤال بسيط إلا أن إجابته معقدة ولا تزال غير مكتملة الجوانب. وهذه الإجابة تعتمد بكل تأكيد، تقريبا، على عمر المرأة وعلى منبع الأستروجين، الهرمون الأنثوي الرئيسي.

الأستروجين الذي يفرزه جسم المرأة طبيعيا، جيد للقلب. ومع ذلك فإن سمعة مكملات الأستروجين تماثل كرة الطاولة ping pong، فقد تراوحت بين (توليدها) لينبوع الشباب، وبين إحداثها لكارثة صحية.

ضربة مباشرة ping:
في الستينات من القرن الماضي، أشار واحد من أكثر الكتب مبيعا وعنوانه «أنثى الى الأبد»، الى ان تناول الأستروجين لن يؤدي الى تخفيف الهبّات الساخنة والأعراض الأخرى لسن اليأس فحسب، بل انه سيؤمن للمرأة الحفاظ على زهرة شبابها ويدرأ عنها الأمراض المزمنة. وكان أن ارتفعت مبيعات الأستروجين.

ضربة مرتدة pong:
في السبعينات من القرن الماضي، ظهرت دلائل على ان تناول الأستروجين لوحده يزيد من فرص ظهور سرطان بطانة الرحم، الأمر الذي ادى الى تجنب النساء وأطبائهن العلاج بالاستروجين.

ضربة مباشرة:
في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضين اظهر عدد من الدراسات الكبيرة، ان النساء اللواتي اخترن تناول الأستروجين بعد انقطاع الطمث لديهن، كانوا اقل عرضة للنوبات القلبية مقارنة بالأخريات اللواتي لم يتناولن الهرمون. وبدأ الأطباء يأخذون زمام المبادرة ويوصون بالعلاج بالأستروجين (اضافة الى البروجستيرون progesterone) عند الحاجة، لدرء سرطان بطانة الرحم، بوصفه احد طرق حماية القلب لدى النساء الأكبر سنا.

ضربة مرتدة:
عام 2002، ادى نشر نتائج دراسة «مبادرة المرأة الصحية» Women"s Health Initiative (WHI) الى إحداث صدمة كبرى في المجتمع الطبي. ففي هذه الدراسة العشوائية الكبيرة، وضع آلاف النساء من دون أي تحديد مسبق في قائمة متناولي الأستروجين (أو الأستروجين زائدا البروجستيرون)، وأعطيت الأخريات حبوبا وهمية.

وبعد اربعة اعوام، فان المخاطر الناجمة عن العلاج الهرموني (النوبات القلبية، السكتات الدماغية، والخثرات الدموية) ألقت بظلالها الثقيلة مغطية على الفوائد (تقوية العظام، واحتمال الحماية من سرطان القولون والمستقيم). وقد هزّت هذه النتائج الكثير من النساء اللواتي كنّ يتناولن الاستروجين لحماية قلوبهن.

ضربة مباشرة؟:
يفيد بحث جديد اجري منذ ذلك التاريخ، بأن تناول الاستروجين يمكن ان يكون مفيدا للنساء في الخمسينات من اعمارهن، وليس في الاعمار الاكبر من ذلك.

تغيرات الهرمون
في وقت ما من حياة المرأة، تبدأ مبايضها في التوقف عن العمل تماما، استجابة لجملة من الاشارات الوراثية والبيئية. وتبدأ الدورة الشهرية لنمو البويضات وافراز الاستروجين بالاضمحلال، ثم التوقف نهائيا. وغالبية الاميركيات يمررن بهذه المرحلة العابرة المسماة انقطاع الطمث او سن اليأس، بين اعمار 48 و55 عاما، الا ان العمر قد يكون اكثر تقدما او تأخرا.

ويشعر الكثير من النساء بقوة بتذبذب الاستروجين وهبوط افرازه، على شكل الهبات الساخنة والتعرق الليلي والجفاف المهبلي وتغير المزاج، واضطراب الدورة الشهرية او ظهور بقع بين دورتين، وانعدام الرغبة في مزاولة الجنس، وظهور العدوى في المجريين التناسلي والبولي. وقد اظهر الاستروجين نفسه بانه فعال في تخفيف الاعراض، اكثر من منتجات الصويا Soya، ونبات الكوهوش الأسود Black cohosh ، وخيارات العلاج الاخرى.

الأستروجين والقلب
الدراسات المختبرية، والدراسات على الحيوانات، والدراسات السريرية على النساء تفترض كلها نفس الأمر: أن الأستروجين، على الأقل في بداية الحياة، هو جيد للقلب والاوعية الدموية. وباستطاعته تحسين مستويات الكوليسترول لدى المرأة بخفضه للكوليسترول السيئ LDL وزياته للجيد HDL.

ويساعد الاستروجين الشرايين على البقاء مرنة ويقلل من احتمالات تخثر الدم. وفي الدراسات على الحيوانات فقد قلل الاستروجين بل انه حتى أوقف تقدم حالة تصلب الشرايين عندما تم تناوله في وقت مبكر من الحياة. وبوجود كل هذه المؤثرات الجيدة فقد جاءت نتائج دراسة «مبادرة المرأة الصحية» WHI مثيرة للدهشة.

وأحد عوائق تلك الدراسة ان متوسط اعمار النساء المشاركات فيها كان 63 سنة، الامر الذي يعني انهن بدأن بتناول الاستروجين قبل نحو عقد من الزمن بعد وصولهن الى سن اليأس. وتفترض النتائج اللاحقة من دراسة WHI وغيرها من الدراسات ان تناول الاستروجين، يمكن ـ مع التأكيد بقوة على الكلمة ـ ان تكون له فوائد للقلب والأوعية الدموية للنساء الشابات، ويمكن ان يشكل خطرا على النساء المسنات.

ولكن كيف؟ من المحتمل ان الأستروجين يثير الالتهابات داخل اللويحات المشبعة بالكوليسترول، الموجودة بكثرة لدى النساء الأكبر سنا مقارنة بالنساء الشابات. وهذا ما قد يتسبب في تحطم اللويحات، وتكوين خثرات دموية تقود الى نوبة القلب والسكتة الدماغية.

الفوائد في التوقيت
الفرضيات المسماة التوقيت Timing، اجتذبت الاهتمام وحظيت ببعض الدعم. فبينما هي لا تنعش آمال استخدام الأستروجين لمحاربة امراض القلب، فانها تفترض ان الاستخدام القصير المدى للاستروجين في الوقت القريب من موعد حلول سن اليأس، لا يشكل سوى خطر ضئيل على القلب والأوعية الدموية.

وللوهلة الأولى فان قرار تناول الأستروجين خلال حدوث سن اليأس، قد يبدو اكثر تعقيدا من قرار تناوله نفسه. وفي مقالة افتتاحية نشرت عام 2007 في المجلة الطبية البريطانية، اوردت اثنتان من خبيرات العلاج الهرموني هما الدكتورتان ديبورا غريدي واليزابيث باريت ـ كونر، القواعد التي ينبغي الالتزام بها عند اتخاذ القرار: «بينما تكون بعض التفاصيل غير واضحة او معقدة، فان المنطلق الأساسي لاستخدام العلاج الهرموني لما بعد سن اليأس، واضح وسهل: معالجة أعراض سن اليأس المزعجة بأقل جرعة فعالة من العلاج الهرموني، وبأقل زمن ممكن، بحيث لا يوظف العلاج لدرء الأمراض».