أذا اردت خبزا صحيا.. عليك بالـ «مُقمّر» والـ «أسمر»

عند الاعتراف بما هو واقع على أرض «مائدة الطعام» لدى غالبية شعوب العالم، فإن الخبز المصنوع من دقيق القمح هو «صنف الطعام» الأكثر وجوداً وحضوراً، وهو الأكثر تناولاً والتهاماً. ولا تجري المنافسة الحقيقية على هذه المكانة «الغذائية» إلا بين خبز القمح وبين الأرز.


ولئن كان «الأرز» يجتاح بوتيرة متصاعدة أطباق الطعام في موائد غالبية شعوب العالم، فإن «دقيق القمح» قد سبقه في اكتساح صناعة وإعداد الخبز والمعكرونة والمعجنات والبيتزا والسندوتشات والحلويات والكيك والبسكويت.

ولأن الحكمة تفرض الاهتمام بتوفير الصحة والفائدة للناس من خلال أكثر الأغذية التي يستهلكونها، وذلك من باب «خاطبوا الناس في شأن صحة غذائهم على قدر ما يتوفر في موائدهم»، فإن من العبث الاستطراد في شرح وعرض فوائد تناول فاكهة «الكشمش» أو مكسرات «المكاديميا» أو بيض «الكافيار» وترك الحديث عن كيفية نيل الفائدة الصحية من تناول خبز«القمح» أو«الأرز» أو«التمر» أو «الزيتون» أو«الفستق الحلبي».

خبز أفضل
والباحثون الطبيون والأطباء واختصاصيو التغذية، وغيرهم من المعنيين بشأن إبداء النصائح الطبية للناس في جانب تغذيتهم، اقترحوا العديد من الطرق التي تجعل من تناول خبز دقيق القمح «أكثر» و«أعلى» فائدة صحية.

ولذا نسمعهم يقولون: إن تناول خبز «البُر»، المُعد من طحين الحبوب غير المُقشّرة للقمح whole wheat flour، أي من دقيق الحبوب الكاملة والعامرة بالخير والفائدة، أفضل من تناول الخبز الأبيض، المُعد من دقيق حبوب قمح قد أُنهكت بعمليات التقشير وإزالة كافة ما فيها من معادن وفيتامينات وألياف. وأيضاً نسمعهم يقولون: إن إعداد الخبز بأقل كمية ممكنة من إضافات الملح أو الخميرة أو مسحوق الخبز أو الدهون، هو أكثر فائدة صحية من إغراقها بمواد كيميائية ودهون وملح.

وهذه الإضافات، وإن كانت ستُكسب الخبز، أو المعجنات أو البيتزا أو البسكويت أو غيرها، طعماً أكثر جاذبية إلا أنها ستُحمله بأشياء قد ترهق الجسم وتربك الجهاز الهضمي. وأيضاً نسمع عن تلك النصائح الطبية بفائدة تناول الخبز المُضاف إليه شيءٌ قليل من بذور الحبة السوداء أو السمسم أو المكسرات أو نخالة القمح. أو تعزيز دقيق القمح بالمعادن والفيتامينات كوسائل لرفع مستوى ونوعية استفادتنا من تناول الخبز أو الأطعمة الأخرى التي نُعدها من ذلك الدقيق القمحي.

وما يُلفت النظر أن ثمة سلوكاً يقوم به البعض عند تناول الخبز، وهو اقتصارهم على تناول القشرة الخارجية «المقمّرة» للخبز وتركهم تناول «اللب» الأبيض غير المقرمش. كما يعشق آخرون تناول تلك الأطراف الجافة لقرص البيتزا المخبوز.

والسؤال، هل هذا سلوك صحي مفيد، أم أنه لا داع لذلك؟. بمعنى هل هؤلاء القوم يُدركون أنهم بفعلهم هذا يكسبون تناول الأجزاء الأكثر فائدة في الخبز، أم أن الأمر لديهم له علاقة مباشرة بالطعم ومزاج «القرمشة» لـ «المقمّر»؟.

عَجْن وخَبْز صحي
وكانت أقراص البيتزا محل بحث لدى المتخصصين في التغذية الصحية. وما أثار شهيتهم للبحث فيها ليس مجرد كيفية جعل طعمها أفضل مذاقاً، بل كيفية جعل تناولها أفضل جدوى للجسم من الناحية الصحية. ذلك أن الباحثين في الولايات المتحدة لاحظوا أنهم يعيشون في بيئة من «حُمى بيتزا»، حيث يُستهلك في تلك الدولة يومياً أكثر من 30 مليون قرص بيتزا. واستهلاك الخبز بكافة أشكاله وأحجامه، لسندوتشات الهمبرغر وغيرها، يتجاوز هناك أضعاف هذا الرقم بكثير جداً. ناهيك عن تخيل العدد الإجمالي في كافة أنحاء العالم لاستهلاك الخبز أو البيتزا أو البسكويت أو غيرها من الأطعمة المُعدة من دقيق القمح.

واحتياج البشر بديهي ومنطقي ومُبرر بدرجة امتياز، إلى توفر دراسات وبحوث تحاول التعرف الى أفضل ما يُمكن فعله لرفع مستوى استفادتنا الصحية من الخبز أو مشتقاته. وفي جانب مُهم للموضوع من الناحية الصحية، أجاب الباحثون من جامعة ميريلاند عن كيفية جعل الخبز مصدراً لتقديم أكبر كمية ممكنة من تلك المواد المضادة للأكسدة.

وما قاله خبراء كيمياء الغذاء Food Chemists: ان جعل عجينة قرص البيتزا من دقيق حبوب القمح الكاملة، وخبزها لمدة أطول، هما أفضل ما يُمكن فعله لإعطاء متناولي البيتزا أكبر كمية ممكنة من المواد المضادة للأكسدة المتوفرة في القمح.

وحسب ما قاله الباحث جيفري مور، المُشارك في الدراسة، اتجه الباحثون إلى دراسة عجينة البيتزا، لأنها، وعلى حد قولهم أحد أكثر الأطعمة، التي يُستخدم في إعدادها دقيق القمح، انتشاراً في الولايات المتحدة. وأضاف ان جعل الأطعمة الأكثر شيوعاً تتمتع بمزايا صحية أعلى، بفضل وسائل كيمياء الغذاء، سيكون له تأثير أكبر في مستوى صحة عامة الناس. وعرض الباحثون من جامعة ميريلاند نتائج دراستهم ضمن فعاليات المؤتمر رقم 233 لمجمع الكيمياء الأميركي الذي عُقد في مارس من العام الماضي.

وقارن الباحثون بين عدة ظروف في العجن والخَبْز من ناحية تأثيرها على كمية المواد المضادة للأكسدة لعجينة أقراص البيتزا، مثل استخدام الدقيق الأبيض والأسمر، والخَبْز في درجة حرارة 200 و290 درجة مئوية، ولمدة 7 و14 دقيقة.

وعلى الرغم من اعتراف الباحثين بعدم معرفتهم السبب وراء اختلاف كمية المواد المضادة للأكسدة عند خَبْز العجين في ظروف حرارة أعلى ولمدة طويلة، من دون حرق العجين، إلا أن ذلك كان ملاحظة واضحة جداً.

كما قارنوا بين مدة تخمير العجين، ووجدوا أن ترك العجين لمدة أطول، كي يهدأ ويرتاح ويتخمر، يوفر لنا بنسبة مهمة كمية المواد المضادة للأكسدة. وتحديداً، ترك العجين يتخمر لمدة 48 ساعة يرفع بنسبة 100% كمية المواد المضادة للأكسدة، مقارنة بعجن العجين ثم خبزه مباشرة. أي ترك العجينة ترتاح وتنفش لمدة يومين قبل خبزها وعللوا ذلك بالتأثير المُحتمل لفطريات الخميرة على تحرير المزيد من المواد المضادة للأكسدة داخل الطحين.

وتدل الدراسات الطبية في الولايات المتحدة وغيرها على أن تناول الخبز المضاف إلى عجينته خميرة الخبز، أفضل من الخبز الخالي من الخميرة، أو ما يُسمى بـ «خبز الفطير». وأحد جوانب الأفضلية لخبز الخميرة، إضافة إلى ارتفاع محتواه من المواد المضادة للأكسدة، هو أنه أقل محتوى من مادة «فايتيت» phytate. ومن المفيد صحياً أن تكون هذه المادة الكيميائية قليلة في الخبز، لأنها مادة تُعيق امتصاص الكالسيوم والحديد والنحاس والزنك.

قشرة صحية «مُقمّرة».
وقالت الدكتورة لينغيولا ليو، المتخصصة في كيمياء الطعام بجامعة ماريلاند، ان الرسالة المهمة هي أن الاهتمام بأشياء صغيرة في مطبخ البيت، وخلال إعداد الطعام، يُؤدي إلى الحصول على تغذية أفضل، من الناحية الصحية. في إشارة إلى ضبط طريقة كل من عجن الطحين وخبز العجينة.

وكانت دراسات طبية متعددة قد تحدثت عن أن الأجزاء الـ «مُقمّرة» في الخبز أو البيتزا أو المعجنات المخبوزة، غنية بالمواد المضادة للأكسدة، مقارنة باللب الأبيض لقطعة الخبز تلك.

وكانت دراسة علمية ألمانية متعمقة، قد طرحت هذا الأمر، وبشكل لافت للنظر، ضمن عدد 6 نوفمبر من عام 2002 لمجلة كيمياء الطعام والزراعة، الصادرة عن المجمع الأميركي للكيمياء. وهو ما حمل أخباراً سارة لعشاق تناول القشرة البنية اللون لقطع الخبز وعشاق تحميص شرائح خبز الـ «توست»، وأخباراً أخرى غير سارة لمن يعشقون تناول اللب أو شرائح الـ «توست» دون تحميص.

وسبب إجراء الدراسة كان بحث العلماء الألمان عن مميزات في الخبز، غير وفرة الألياف، كتعليل لدوره في محاربة الإصابة بالأمراض السرطانية. واعتبرت المصادر الطبية آنذاك أن هذه الدراسة للباحثين الألمان من جامعة مينستر هي الأولى في التعرف على المركبات الغذائية المُحاربة للسرطان في الخبز. والموجودة بصفة مُركّزة في طبقة القشرة المُحمصة للخبز.

وباستخدام عجين دقيق القمح الممزوج بالخميرة، قام الدكتور توماس هوفمان بفحص مدى نسبة وجودm، ومستوى نشاط، المواد المضادة للأكسدة في لب الخبز Bread Crumbs، وفي طبقة القشرة الخارجية المُحمصة Bread Crust، وفي الدقيق الخام نفسه.

وتبين للباحثين أن عمليتي العجن والخَبْز، تُنتجان في الخبز فئة جديدة من المواد المضادة للأكسدة من نوع برونيل- ليزين Pronyl-lysine نتيجة لما يُعرف باسم تفاعل «ميلارد». وهذه المواد المضادة للأكسدة تتكون وتتوفر في طبقة قشرة الخبز بكمية تتجاوز 8 أضعاف ما هو موجود منها في لب الخبز!. وهي أيضاً مواد مضادة للأكسدة، لم تكن بالأصل موجودة في دقيق القمح قبل عجنه وخَبْزه!.

وبالدراسة المتعمقة للباحثين حول تأثير هذه النوعية من مضادات الأكسدة، وباستخدام خلايا أمعاء بشرية، تبين لهم أن مضادات الأكسدة من هذه الفئة هي الأقوى في رفع مستوى نشاط أنزيمات ما يُعرف بالمرحلة الثانية Phase II enzymes. وهي المرحلة التي تلعب دوراً مهماً في الوقاية من السرطان.

عجينة الخبز.. مواد بروتينية مطاطة
تختلف كمية البروتينات في دقيق القمح، بحسب نوعية القمح المُستخدم وليس بحسب نوع الدقيق ولونه ومدى احتوائه على قشوره. ويُستخدم دقيق القمح العالي المحتوى من البروتينات في صنع الخبز. أما الأدنى في محتواه من البروتينات، فيُستخدم في صنع البسكويت وأنواع من المعجنات.

وثمة أسباب وراء ذلك، أهمها أنه كلما زادت كمية البروتينات في دقيق القمح، كان المُنتج الغذائي المُعد من ذلك الدقيق أكثر ليونة، كالخبز مثلاً. وكلما قلّت نسبة البروتينات في دقيق القمح، أصبحت هيئة المُنتج الغذائي منه أكثر قسوة، كالبسكويت أو غيره.

وتعليل هذا التمايز في ليونة ما يُعد باستخدام أنواع مختلفة من الدقيق، في نسبة محتواها من البروتينات، هو أن ثمة نوعين من البروتينات في دقيق القمح. ويتفاعلان مع الماء، عند إضافته إلى الدقيق لصنع العجين، لتكوين ما يُعرف بمادة «غلوتين». وهي مادة مطاطية تعمل على تكوين شبكة مترابطة ومتشعبة في العجينة.

وإذا ما أُضيفت الخميرة، وأنتجت ثاني أوكسيد الكربون، حبست مادة «غلوتين» المطاطية كميات من فقاعات الغاز بين أجزاء شبكتها. وما يزيد من تكوين هذه المادة المطاطية، تكرار عملية العجن أو إضافة الملح، وما يُخفف من تكوينها السمن والسكر.

والإشكالية الطبية في بروتينات دقيق القمح، في حساسية البعض، بالغين أو أطفالا، لمادة «غلوتين»، وهو ما يُعرف بمرض «سيليك» الذي يتسبب في ضعف النمو والإسهال وآلام البطن وغيرها، نظراً لحصول التهابات في الأمعاء جراء تعرضها لهذا البروتين.

وإحدى أهم خطوات معالجة المُصابين، وقف تعرض الأمعاء لمادة «غلوتين» عبر عدم تناولها مطلقاً وبأي كمية كانت. وهذا ما يتم إما بالامتناع عن تناول دقيق القمح، أو تناول أنواع مخصوصة منه تعرض فيها دقيق القمح خلال عملية إنتاجه وطحنه لإزالة كامل محتواه من مادة «غلوتين».

وكان الباحثون الاسبان قد أعلنوا في ديسمبر 2006 عن تحقيقهم إنتاج خبز خال تماماً من مادة «غلوتين». وهو ما حصل لأول مرة.

اللون البني لقشرة الخبز.. تفاعل بين البروتينات والسكريات الفرن
نحتاج أن نفهم تأثيرات عملية طهي الطعام على مكوناته، سواء الضار منها أو النافع. واحتياجنا لهذا الفهم له مبرراته المنطقية، والتي من أهمها أننا نأكل الطعام كي تستفيد صحة أجسامنا منه. وعملية الخَبْز إحدى وسائل الطهي، وهي التي تُحول لنا كتلة عجين دقيق القمح إلى أقراص أو رقائق من الخبز الجاهز للأكل.

ومن السهل إدراك مراحل ما يحصل للطبقة الخارجية من عجينة الخبز خلال تعرضها لحرارة الفرن. والذي يجري داخل الفرن، هو أن الحرارة الجافة تُغير تركيبة النشويات لأصناف الأطعمة المخبوزة. وهو ما يُؤدي إلى ظهور طبقة خارجية بنية اللون. وهذه التغيرات في النشويات تحصل نتيجة لعملية تكوين الكراميل من السكريات Caramelization، وأيضاً لعملية تُعرف باسم تفاعل «ميلارد» Maillard Reaction.

وتفاعل «ميلارد» هو تفاعل كيميائي، يحصل بفعل تأثير الحرارة، ويجري فيما بين البروتينات وبين السكريات، الموجودين ضمن مكونات عجينة دقيق القمح. وتفاعل تكوين الكراميل هو تفاعل كيميائي، يحصل بفعل تأثير الحرارة، ويجري فيما بين سكريات وسكريات. ونتيجة كل من هذين التفاعلين تكوين مادة كيميائية بنية اللون.

وكلاهما تفاعل لا يتطلب حصوله أي أنزيمات. ونتيجة لحصول كل تفاعل منهما، تنشأ مئات المركبات الكيميائية ذات النكهة والطعم المتميزين والجديدين. ومع استمرار التفاعل، نتيجة استمرار التعرض للحرارة، يتوالى نشوء مركبات جديدة ومطورة للنكهة والطعم، وهكذا دواليك.

وكأي تفاعل كيميائي، فإن مركبات النكهة والطعم الناجمة عن عملية ميلارد لمنتج غذائي معين تختلف عن تلك الخاصة بمنتج غذائي آخر. ونفس المنتج الغذائي تختلف نكهات المواد المتكونة فيه نتيجة التفاعل، باختلاف الإضافات التي نضعها فيه. بمعنى أن خَبْز دقيق القمح يُعطي نكهة مختلفة عن خبز البطاطا. وخَبْز عجين دقيق قمح صاف يختلف عن خبز دقيق قمح ممزوج بالشوكولاته أو الزبيب أو غيرهما.

أما تفاعل تكوين الكراميل، فيختلف جذرياً عن تفاعل «ميلارد». وهما وإن كانا سيكونان مادة وطبقة بنية اللون، إلا أن الكراميل هو تفاعل بين سكريات فقط، ولا علاقة فيه للبروتينات. وقد يحصل في خَبْز طعام معين كلا نوعي التفاعل.

ولأن اللحوم لا تحتوي إلا على كميات ضئيلة جداً من السكريات، فإن تغير لون اللحوم إلى اللون البني نتيجة الشواء بالحرارة، لا علاقة له بهذين التفاعلين. بل هو نتيجة للتغيرات التي تطال مركبات بروتينية معينة في مكونات العضلات.

ومن المهم التنبه إلى أن تكوين قشرة «مُقمرة» للخبز أو شرائح الـ «توست»، عبر تفاعلات «ميلارد» والكراميل، يجب أن لا يصل إلى حد احتراق عجينة دقيق القمح. لأن الاحتراق يُنتج مادة «بينزوبيرين» Benzopyrene التي لا تزال تحوم حولها شكوك طبية، غير مستقرة، في احتمال تسبب تناولها بالسرطان.

بين دقيق أسمر ودقيق أبيض.. فوائد صحية نكسبها أو نخسرها
تقول الحقيقة العلمية ان الدقيق الأسمر لطحين حبوب القمح الكاملة أكثر غنى بالمواد المضادة للأكسدة، وغيرها من العناصر الغذائية المهمة، من ذلك الدقيق لطحين حبوب القمح المقشرة. وذلك نظراً للحفاظ في الدقيق الأسمر، على نخالة طبقة قشرة حبة القمح Bran، وللحفاظ على البذور الصغيرة في داخل لب سويداء حبة القمح Endosperm. وأنواع دقيق القمح، واختلاف نوعية محتواها، مبنيان على نوعية العمليات الإنتاجية التي تخضع لها حبوب القمح. ولذا فإن طحن كامل حبة القمح يُعطي الدقيق الكامل أو ما يُسمى بالدقيق الأسمر أو البُرّ.

وهذا النوع كامل بنسبة 100% لما هو في حبوب القمح من نخالة ولب وبذرة. أما الدقيق الأبيض فهو دقيق مُنقى يحتوي على حوالي 75% من كامل حبة القمح. وذلك بإزالة النخالة المكونة من القشور المغلفة لحبة القمح، وبإزالة جزء البذرة.

وأهمية تناول أطعمة يُستخدم في إعدادها دقيق الحبوب الكاملة، قد لا تتضح للبعض. وكانت دراسة بريطانية صدرت عام 2006 قد أشارت إلى أن 70% ، من البريطانيين البالغين المشمولين في الدراسة، لا يعلمون فوائد تناول الحبوب الكاملة، أو طحينها. وأن 54% لا يعلمون المقصود بالحبوب الكاملة. وأن 15% فقط يتناولون منها شيئاً في وجبات طعامهم اليومي الثلاث. مع أن 77% أبدوا استعدادهم لتناولها لو علموا بفوائدها الصحية.

هذا كله، مع العلم، كما قال الباحثون البريطانيون، ان تناول الحبوب الكاملة يُقلل من احتمالات الإصابة بأمراض شرايين القلب أو السرطان. وتقل الوفيات حال تناول حصة غذائية واحدة يومياً من تلك الحبوب الكاملة، كخبز البُر الأسمر، بنسبة 8%. وبنسبة 35% حال تناول ثلاث حصص يومية منها.

وهو، على حد قول الباحثين البريطانيين، ما أكدته نتائج أكثر من 50 دراسة طبية. ولتوضيح سهولة تحقيق هذا في حياة أحدنا، فإن الحصة الغذائية من الخبز تُعادل شريحة واحده من خبز «التوست» المصنوع من دقيق البُر. وهو ما علق عليه البروفسور روبرت بيكارد، مدير عام المؤسسة البريطانية للتغذية آنذاك، بالقول إن تناول الحبوب الكاملة ذو أثر إيجابي بالغ في تحسين صحة الأمة.

وللعلم بالشيء، فإن المقصود بتناول «الحبوب الكاملة» هو تناول تلك الحبوب بأجزائها الثلاثة، أي كما هي موجودة في الطبيعة. وتلك الأجزاء هي:

- القشرة الخارجية الصلبة، أي ما يُسمى بالنخالة للقمح أو غيره. وهي الغنية بالألياف والمواد المضادة للأكسدة.
 
- لب الحبة، أي مثل سويداء حبة القمح. وهو الجزء الغني بالسكريات المعقدة، أو النشويات، والبروتينات وبه أيضاً شيء يسير من المعادن والفيتامينات.

- البذرة الصغيرة. وهي الجزء الصغير الذي يبدو لأحدنا بوضوح في داخل حبة الذرة. وهي الغنية بالفيتامينات والمعادن.

وحين تناول كامل هذه الأجزاء فإننا لا نُوفر لأجسامنا الألياف فقط، بل الفيتامينات والمعادن