أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2010.. جورج شقرا يتألق وفيكتوريا بيكام تنجح

في أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2010 .. شعاره البحث عن الرومانسية في كتب التاريخ والكبار يلتزمون بأسلوبهم
في أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2010 .. شعاره البحث عن الرومانسية في كتب التاريخ والكبار يلتزمون بأسلوبهم

عندما انطلق أسبوع نيويورك لربيع وصيف 2010، أعلن عدد لا بأس به من المصممين المشاركين فيه معانقتهم الرومانسية لمواجهة قتامة الأحوال المالية، ووعدوا بأزياء منسابة وحالمة ترفع المعنويات وتدعو للتفاؤل، لكن سرعان ما تسللت التصميمات الهندسية ذات التفاصيل المعمارية والإيحاءات التاريخية إلى منصات العرض، وإن كان يحسب لها أنها لا تقل أناقة وحلما.


المصمم ديريك لام التزم بوعده الأول وقدم تشكيلة مفعمة بالأنوثة غلبت عليها تنورات بخصور عالية وقمصان بتقنية الدرابية ونقوش على أقمشة من حرير الكريب، على العكس من تشكيلة الكسندر وانغ التي استقت الكثير من الأفكار من ثقافة الشارع، التي ترجمت في قطع كلاسيكية مثل قميص البولو أو الجاكيت الممطر.

هذه الثقافة تجلت أيضا في بنطلونات بخصر منخفض، الأمر الذي تمنينا لو يختفي دون رجعة دون فائدة. وكما عودنا المصممون النييوركيون دائما، فإن السفر إلى وجهات بعيدة أو ثقافات قديمة كان سمة قوية في الكثير من التشكيلات التي قدمت هذا الأسبوع. ماركة «برين» البريطانية، والتي يصممها كل من جاستين ثورنتو وثيا بريغازي، أخذتنا إلى العصر الفيكتوري باستعمالها الكثير من الدانتيل والباتشوورك، فضلا عن طيات وكشاكش أعطت الأكتاف أبعادا جديدة خصوصا عندما استعملت مع قطع من الشيفون.

السفر إلى وجهات بعيدة، جغرافيا وتاريخيا، كان أيضا قويا في عرض دايان فون فورستنبورغ، التي اعترفت بأنها عادت إلى عهد الإغريق والفراعنة هذه المرة. وترجمت هذه العودة في الكثير من الدرابية وألوان حقبة ما قبل الرسام رافائيل الرومانسية. ورغم أن هذا الكم من الإيحاءات يمكن أن يصيب المصمم بالضياع ومن تم يُضيع فكرته، فإن دايان جالت في هذا التاريخ بخفة وثقة، مرة تسرق صورة هيروغليفية تطبعها في تنورة، ومرة نقوشات من نمر وقع فريسة صياد بابلي في معطف، أو فستان مستوحى من رداء «التوغا» وغيرها من التصميمات التي مزجتها بطريقة ذكية تتراقص فيها الألوان الصاخبة على مسرح بخلفية تشبه معبد أبو سمبل، الذي شيده رمسيس الـ11 في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.

لكن رغم هذه الخلفية القديمة قدم التاريخ، فإن الأزياء كانت جد عصرية منسابة على أقمشة مثل الشيفون والحرير واللاميه وألوان تستقي درجاتها من الأحجار الكريمة والطبيعة المتفتحة وتليق بكليوباترا أو نفرتيتي من زمننا، خصوصا فيما يتعلق بفساتين السهرة الطويلة، التي لم تخل أيضا من تأثير أميرات طروادة من خلال التطريزات الذهبية، أو محاربيها من خلال الجلود. أما للنهار، فهناك العديد من القطع التي ستجد صدى طيبا لدى أي أنيقة، مثل السروال الحريمي الفضفاض وتنورات السارونغ التي تخفي الكثير من العيوب والمعاطف وغيرها.

خلاصة الأمر أنها تشكيلة متنوعة أكدت من خلالها رئيسة غرفة الموضة الأميركية ديان، أنها تعرف كيف تمزج المرح والشقاوة بالأناقة والعملية. من جهتها، استوحت المخضرمة كارولينا هيريرا تشكيلتها للموسمين القادمين من تقنية مستعملة قديما في اليابان في نسج السلال، سواء فيما يتعلق بالأزياء أو الإكسسوارات، حيث غلبت عليها الألوان الطبيعية مثل العاجي والبيج والتراكوتا والذهبي والوردي. ولم تنج أي من القطع من درجات هذه الألوان، سواء الجاكيتات المنسوجة على شكل قنب من الحرير، أو الفساتين المحددة عند الخصر بأحزمة من الجلد المجدول أو المشدود بخيوط، أيضا منسوجة أو مجدولة، عند الأكتاف.

للمساء أكدت كارولينا أنها تعرف ما تريده المرأة للتألق في المناسبات الكبيرة، ومن هنا تخايلت العارضات في فساتين طويلة، تتباين بين الفخم والرومانسي خصوصا الفساتين التي تميزت بذيل طويل أو مرصعة بأحجار الكريستال أو بتطريزات ناعمة. تشكيلة زاك بوسن، بدورها، كانت متوهجة بالألوان وكأنها تدعو الحضور إلى الرقص والاستمتاع بالحياة، فقد مزج مثلا الوردي بالبرتقالي، والفوشيا بالليموني، واتبعها بنقوش صاخبة مستوحاة من كائنات الغاب والبرية.

رسومات ونقوش قال إن الفضل فيها يعود إلى موهبة الفنان الأميركي الشاب، روسون كراو. لم يتقيد بوسن بحقبة واحدة، حيث مزج حوالي أربع حقب مرة واحدة. فالخمسينات تجلت في فساتين طويلة بتنورات من البليسيه ومن دون أكتاف، والستينات في معاطف شفافة فوق فساتين صوفية على شكل كنزات طويلة بخصور ضيقة، والسبعينات في فساتين طويلة «ماكسي» بأهداب عند الحواشي. أما الثمانينات فكانت واضحة في الأكتاف المحددة في جاكيتات عريضة نسقها مع فساتين ضيقة من الحرير ومطبوعة بنقوش كبيرة.

أما للمساء والسهرة، فاكتفى بألوان الأسود وألوان البيج القريب من لون البشرة والفضي مع بعض النقوش والتطريزات الخفيفة. مثل زاك بوسن، قدم البرازيلي كارلوس مييل تشكيلة ترقص على إيقاعات السامبا وتضج بألوان الطبيعة وورودها. تشكيلة غنية بالتفاصيل من حواشي الأكمام إلى الياقات والخصور، فضلا عن الأحجار التي رصع بها بعض القطع الصوفية الخفيفة.

للنهار قدم كارلوس بنطلونات جينز واسعة من أسفل وتنورات مستديرة زادتها البليسيهات أناقة خصوصا وأنه نسقها مع قمصان و«تي ـ شيرتات» من الدانتيل وجاكيتات بأكمام قصيرة بألوان معدنية صارخة، كما كانت هناك فساتين قصيرة جدا من الشيفون بألوان الورد والأكوامارين مع جاكيتات «بوليرو» بأكتاف محددة زادت الخصور نحولا. أما للمساء فكان هناك الكثير من اللاميه والخرز في تصميمات متعرجة تظهر تضاريس الجسم وجماله. الألوان هنا أيضا كانت متوهجة تتباين بين البرتقالي المائل إلى الوردي والأكوامارين الذي يتراقص مع البنفسجي.

وهي نفس الألوان التي ميزت تشكيلة المصمم جورج شقرا، الذي لم يتخلص من أسلوب «الهوت كوتير» الذي تخصص فيها لسنوات طويلة في باريس، قبل أن يتوجه إلى نيويورك منذ عام لتقديم خطه للأزياء الجاهزة. طبعا لن نتذمر أو نشكو لأن هذا في صالح الأناقة دائما، خصوصا وأنه ينجح في أن يحول المرأة إلى أميرة متوجة في كل موسم.

فإذا كانت دايان فورستنبورغ قد جعلت المرأة نسخة عصرية من كليوباترا أو نفرتيتي وكارولينا هيريرا سيدة مجتمع من الطراز الأول، فإن جورج شقرا جعلها نجمة هوليوودية بكل بريقها وتألقها. ولن نستغرب إذا رأينا نجمات من الوزن الثقيل في أحد إبداعاته المعروضة قريبا في المهرجانات السينمائية الكبيرة. فهنا ستجد كل واحدة الكثير من التصميمات التي تعزز الأنوثة وتضفي الكثير من أناقة الزمن الجميل، سواء تعلق الأمر بفساتين اللاميه الطويلة أو فساتين الشيفون المطرزة أو الساتان المرصعة.

لكن قوته هذه المرة كمنت في التفاصيل المدروسة بشكل عبقري، مثل دبوس بجوانب لؤلؤية يشد جانبا من الصدر في فستان سهرة من الشيفون فستقي اللون. وهذا التلاعب بالهندسي والمحدد على أقمشة منسابة وتصميمات مريحة كان قاسما مشتركا في معظم القطع التي عرضها في ثاني تشكيلة له للأزياء الجاهزة، وجعلها كل قطعة تبدو سلسة وفنية في الوقت ذاته، فضلا عن أن درجات ألوانها تدعو إلى التفاؤل.

أما المفاجأة الكبيرة في هذا الأسبوع فكانت نجاح عرض فيكتوريا بيكام، التي شعرت بعده، كما قالت، أنه تم مؤخرا الاعتراف بها كمصممة بعد عدة محاولات سابقة.

فالمعروف عن فيكتوريا أنها تحاول منذ فترة أن تفرض بصمتها على ساحة الموضة بعد فشلها في الغناء، وكانت النتيجة أنها اتهمت من قبل البعض بأنها أقحمت نفسها في مجال متخصص لا تفهم فيه سواء الشراء أو التباهي، وبالتالي لم يأخذها كثيرون محمل الجد، رغم نجاح ماركتها «دي في بي» لبنطلونات الجينز وإقبال الصغيرات على نظاراتها الشمسية.

لكنها الآن تبدو راضية عن نفسها بعد أن أبدت صناعة الموضة النيويوركية رضاها عن تشكيلتها للربيع والصيف المقبلين، على أساس أنها أكثر مرحا من سابقاتها، وبالتالي تعلن بأن فيكتوريا أصبحت أكثر ثقة بنفسها. أهم ما يميز هذه التشكيلة أنها بكل حذافيرها وتفاصيلها تعكس وجهة نظر فيكتوريا فيما يجب أن تكون عليه الأناقة. بمعنى أنها تصمم لنفسها وحسب ذوقها، مما سيجعلها أفضل زبونة لماركاتها إلى جانب المعجبات بها وبأسلوب حياتها وذوقها.

فالفساتين قصيرة جدا والخصور نحيلة والأكتاف محددة، يراد منها بلا شك زيادة الانطباع بنحول الخصر، وهو الأمر الذي يجد له صدى طيبا لدى نجمات شوهدن في الآونة الأخيرة بتصميماتها، من أمثال العارضة إيل ماكفرسون والنجمة كاثرين جنكينز ومادونا وبروك شيلدز.