عودة دار «بيربيري» أسبوع لندن للموضة تغير ملامحه للأبد

دار «بيربيري» تضيئ أسبوع لندن للموضة نجوما وجمالا في آخر ايامه، وحضور عدد كبير من نجوم السياسة والفن والصحافة يؤكد أن لهذا الأسم بريقة وقوته في عالم الموضة
دار «بيربيري» تضيئ أسبوع لندن للموضة نجوما وجمالا في آخر ايامه، وحضور عدد كبير من نجوم السياسة والفن والصحافة يؤكد أن لهذا الأسم بريقة وقوته في عالم الموضة

بالنظر إلى طوابير المصورين المصطفين في الخارج، وباقة النجوم التي توزع الابتسامات يمينا وشمالا، يتهيأ لك أنك في نيويورك، وبالنظر إلى ما رأته العين على منصات العرض، تشعر بأنك في باريس، لكن الواقع أنك في لندن، عاصمة الابتكار التي تخلت أخيرا عن الجنون لصالح الفنون، والمناسبة كانت عرض دار «بيربيري» الذي انتظرته أوساط الموضة بشوق.


فهذه هي المرة الأولى التي تعرض فيها الدار خطها «برورسم» مدفوعة ببريطانيتها وإحساسها بضرورة مشاركة أسبوع لندن احتفاله بمرور ربع قرن على ميلاده، لهذا كان عرض الدار البريطانية العريقة مساء يوم الثلاثاء حديث الساعة وأهم حدث عرفه الأسبوع، ولم يخيب الآمال والتوقعات، فقد خلف دويا سيظل صداه يتردد طويلا في عالم الموضة.

ما لا يختلف عليه اثنان أن دار «بيريري» لا يستهان بها حاليا على كل المستويات، وبالتالي ما إن أعلنت قرارها العودة لعرض خطها الراقي «برورسم» في العاصمة البريطانية لأول مرة بعد نحو عقد في ميلانو، حتى تغير وجه الأسبوع تماما.

فعدا أن العديد من الأسماء حذت حذوها مثل ماثيو ويليامسون، جوناثان سوندرز، أنطونيو بيراردي، دار «برينجل» وغيرهم ممن قدموا تشكيلاتهم للربيع والصيف المقبل فيها، فإنها أيضا استقطبت أسماء عالمية لا يمكن أن تراها سوى في أسبوع باريس أو نيويورك، وعلى رأسهم أنا وينتور عرّابة صناعة الموضة ورئيسة تحرير مجلة «فوج».

العرض كان مقررا على الساعة السادسة والنصف، وهذا يعني في لغة الموضة السابعة وما فوق، إلا أنه، ومنذ الساعة الرابعة طوقت المنطقة المحيطة بـ«تشيلسي كوليدج للفن والتصميم» مكان العرض، بالحرس ورجال الشرطة لمنع أي متطفل من دخول المنطقة.

وسري الحظر على كل من لا يلبس كعوب مانولو بلانيك أو كريستيان لوبوتان، أو لم يكن من نجوم السينما والسياسة والإعلام.

في الساعة الخامسة والنصف، بدأ الحضور يتوافدون، ليشكلوا عرضا غير رسمي، لا يقل ترفا وأناقة، في حفل استقبال خارج الخيمة المنصوبة، مما جعله دسما للمصورين الذي كان همهم التقاط صورة لمثيلات كارين رويتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوج» النسخة الفرنسية وهي تتحدث إلى غليندا بايلي من مجلة «هاربرز بازار» أو فكتوريا بيكهام، في حديث جانبي مع اللورد بيتر ماندلسون، وزير التجارة والصناعة، أو سامنثا زوجة ديفيد كاميرون، زعيم حزب المحافظين ومصممة دار «سميثسون» وهي تتهامس مع كارولين راش الرئيس التنفيذي للأسبوع، أو جوينيث بالترو مع ليف تايلور وهلم جرا من الأسماء المعروفة، تشعر وأنت تراقب ما يدور حولك، أنك في مناسبة وطنية واجتماعية في الوقت ذاته.

شعوره يفرضه عليك وجود سياسيين في مناسبة تتعلق بالموضة، وأنه ليس هناك أكثر من «بيربيري» لتجسيد كل ما هو بريطاني بحت، سواء تعلق الأمر بتاريخها مع الجنود البريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى الذي كانت ثمرته ولادة المعطف الممطر الشهير، أو بروحها المعتقة بروح الريف وأجوائه الذي نفخه فيها مصممها الشاب، كريستوفر بايلي منذ التحاقه بها في عام 2001.

بداخل الخيمة التي نُصبت خصيصا للعرض بخلفية بيضاء مطبوعة بنقوشات الدار الشهيرة أيضا باللون الأبيض وكراسي بلون التراب، تستنتج أن كل ما في التنظيم وما في العرض من إخراج وأزياء يقول إن الدار وأسبوع لندن على حد سواء يسعيان لكتابة صفحة جديدة في تاريخ الموضة البريطانية.

صفحة سيرسم معالمها منذ الآن دور أزياء كبيرة، تعتز بإرثها وبتاريخها، من منطلق أنه إذا كان لباريس داري «شانيل» و«ديور»، ولميلانو «فرساتشي» و«جيورجيو أرماني» ولنيويورك «رالف لورين» و«كالفن كلاين»، فلم لا يكون للندن «برينجل» و«بيربيري»؟ .. وإذا كانت كل واحدة منهما ستجلب معها أسماء كبيرة، فهذا هو المنى والطلب.

ولا شك أن دار «بيربيري»، بالنظر إلى عرضها أول من أمس، هي أكثر ما يضمن حضور شخصيات مهمة ووسائل إعلامية عالمية، نظرا لجبروتها الإعلاني وقوتها في السوق، وليس أدل على ذلك من أنه في الوقت الذي تعاني منه العديد من بيوت الأزياء من تراجع مبيعاتها، تعرف هي هذه الأيام ارتفاعا في أسعار أسهمها في أسواق البورصة.

ولا شك أن نجاح عرضها أول من أمس سيؤجج الرغبة في هذه الأسهم ويزيد من شعبية مصممها كريستوفر بايلي، الذي من حقه أن يحتفل بنفسه ويفخر بما حققه حتى الآن، فهو الذي بدأ خط «بيربيري برورسم» بمساعدة الرئيس التنفيذي للدار آنذاك، روز ماري برافو، التي كانت أول من رأت أنها، لكي تنقذ اسم الدار وسمعتها التي كانت قد بدأت تتأثر بسبب حديثي النعمة ومشاغبي ملاعب كرة القدم وغيرهم، عليها أن ترفعها إلى مرتبة جديدة من الأسعار والتصميمات.

ومن هنا وُلد خط «برورسم» ووُلدت معه فكرة العرض في ميلانو. نجحت الفكرة، وولدت دار «بيربيري» من جديد، بدليل أنها اليوم من أهم الأسماء العالمية، ورغم كل الانتقادات التي وجهت لها بسبب استعمالها للفرو تارة، ولنقلها معاملها إلى الصين تارة أخرى، إلا أن مسيرتها لم تتأثر ولا تزال تنتقل من نجاح إلى آخر، على المستويين الفني والتجاري على حد سواء.

فإيراداتها اليوم تقدر بـ1.2 مليار جنيه إسترليني، كما أن عودتها إلى لندن رسالة واضحة تؤكد من خلالها وطنيتها وروحها البريطانية، خصوصا وأن المعطف الممطر، الذي لا يزال يصنع في «يوركشاير» لا يزال هو النجم دائما في عروضها.

وعلى ما يبدو فإن ربيع وصيف 2010، سيكون نقلة نوعية للدار، فكريستوفر نظم عرضا أقرب إلى قصيدة شعر بألوان ترابية وألوان الطبيعة لكن بدرجات هادئة تمنح النفس سكينة تجعلك تريد اقتناء كل قطعة تمر من أمامك، ليس لألوانها فحسب، بل لأنها كانت مطبوعة بلمسات راقية تناسب النهار والمساء على حد سواء.

فماركتها المسجلة، مثلا، المعطف الممطر، لا يزال البصمة التي لا يمكن أن تستغني عنها، نضج بشكل عصري بعد أن خضع لعمليات تجميل ناجحة، سترفعه من مجرد معطف للأيام الممطرة، إلى قطعة في غاية الأناقة يمكن أن تتألق فيها المرأة في أجمل سهرة، خصوصا وأنه من السهل أن يقوم أيضا بمهمة فستان ما إن يضاف إليه حزام مبتكر، وإن كان كريستوفر بايلي، فضله بحزام بني عملي ليشير إلى علاقته بالحرب العالمية وما كانت تتطلبه من عملية.

الأقمشة أيضا ساعدته على هذه النقلة، فهي خفيفة وطيعة من حرير الشيفون، كما أن بعضها يتمتع بلمعة الساتان، إلى جانب التصميم الضيق والأكتاف المبتكرة تبدو كأنها ضفائر مجدولة أو متشابكة في كرمشة محسوبة، وهي نفس التقنية التي ظهرت في الكثير من التنورات القصيرة وجوانب بعض البنطلونات.

نقوشاتها المربعة التي كانت نعمة ونقمة عليها في وقت من الأوقات، والتي غيبها بايلي لسنوات حتى تتخلص من إيحاءاتها السلبية، عادت هذه المرة قوية لكن بهدوء شديد، باستثناء بعض حقائب اليد، في نهاية العرض أدلى الكل بدلوه في المجموعة، حتى قبل أن تسألهم.

اللورد بيتر ماندلسون مثلا قال: «كان عرضا أنيقا، تجديدا رائعا لأسلوب بيربيري»، بينما قالت النجمة جوينيث بالترو: «لندن هي المكان الذي تريد أن توجد فيه الآن، فهي التي تلهم العالم».

أما الكلمة القاطعة فكانت لرئيسة تحرير مجلة «فوج» آنا وينتور، التي لخصت كل الأسبوع في: «هذه ليلة عظيمة بالنسبة إلى لندن».