يوم المرأة العالمي .. «بات موضع اهتمام الرجل»

المصرية تريد رئاسة الجمهورية .. واللبنانية القضاء على التمييز .. والفلسطينية إنهاء الانقسام والاحتلال
المصرية تريد رئاسة الجمهورية .. واللبنانية القضاء على التمييز .. والفلسطينية إنهاء الانقسام والاحتلال

منذ سنوات قليلة فقط بدأ بعض الرجال العرب، يحتفلون مع النساء بـ«يوم المرأة العالمي» بحلول 8 مارس (آذار) من كل عام، إما بتوجيه التهاني إلى حبيباتهم أو زميلاتهم في العمل، أو بإعلان بعض المسؤولين الرجال عن قرارات رسمية أو توجهات سياسية لتحسين وضع المرأة، ولتسجيل شعبية لدى الجنس اللطيف.


وأمس أعلن الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في لبنان نجيب ميقاتي أنه «سيعمل من خلال الحكومة المقبلة، وبالتعاون مع المجلس النيابي، على تنفيذ القرارات والتشريعات كافة التي سبق للبنان أن وقعها في ما يتعلق بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة». كما شدد ميقاتي على «ضرورة العمل داخل المجلس النيابي على إقرار مشروع القانون الخاص بحماية المرأة من العنف المنزلي، وتعزيز دورها في الحياة العامة». وهو ما تطالب به الحركات النسائية منذ سنوات عديدة. كما ارتفعت الأصوات في مصر بهذه المناسبة تطالب بحق المرأة في رئاسة الجمهورية وسط تأييد رجالي أبرزه كان قد جاء من المستشار حاتم بجاتو؛ نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا، ومقرر لجنة التعديلات الدستورية، معتبرا أن «الدستور المصري يحتاج إلى تغيير وليس مجرد تعديل لأنه كان معبرا عن المرحلة التي تم وضعه فيها والمناخ الذي كان سائدا آنذاك، وأنه عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) لم يعد صالحا لتنظيم القوى السياسية وتحقيق آمال وطموحات الشعب المصري».

وهكذا احتفى كل بلد عربي على طريقته بيوم المرأة، وتبعا لانشغالاته وهمومه؛ فشاركت مئات النساء الفلسطينيات أمس في مسيرة كبيرة دعا إليها الاتحاد العام للمرأة على حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة لمناسبة يوم المرأة العالمي. وعززت قوات الاحتلال وجودها العسكري على الحاجز منذ ساعات الصباح ومنعت عشرات النساء المقدسيات من عبور الحاجز للمشاركة في المسيرة. ورفعت المشاركات العلم الوطني الفلسطيني إلى جانب لافتات تدعو إلى إنهاء الانقسام وإنهاء الاحتلال.

وفي دبي، نظمت البلدية فعاليات ركزت على سلامة المواد الاستهلاكية وإجراء فحوصات على كريمات التبييض لاختبار مدى سلامتها للاستهلاك الآدمي وتأثيرها على صحة المرأة. وأكد خالد محمد بدري مدير إدارة التسويق المؤسسي والعلاقات العامة في بلدية دبي أن يوم المرأة العالمي يعد مناسبة مهمة تستحق التقدير والاهتمام والاستثمار لخدمة القطاعات النسائية والأسرة بشكل عام. هذا إضافة إلى احتفالات أخرى في بعض الكليات الجامعية.

وهكذا يكتسب يوم المرأة العالمي، سنة بعد أخرى مكانة إضافية في العالم العربي، خاصة بعد صعود نجم الثورات المتلاحقة، حيث اعتبرت المرأة شريكة للرجل في التغيير، ومتضامنة معه في التظاهر وتقديم التضحيات.

وبقي العالم العربي يقاوم طويلا الاحتفال بهذا اليوم، كما خصص يوم مختلف هو 1 فبراير (شباط) للمرأة العربية، أقرته «منظمة المرأة العربية» وروجت له صفحات على «فيس بوك» إلا أن يوم 8 مارس، يلقى صدى أكبر بسبب امتداده العالمي، وجذوره التاريخية، المرتبطة بنضال المرأة العاملة وكفاحها. وإذ تختلف الروايات حول أصول هذا اليوم، والتطورات التي أدت إلى الاحتفال به، فإن كل الروايات تجمع على أن تاريخ هذا الاحتفال السنوي، يعود إلى القرن التاسع عشر، وتغير لمرات عديدة، كما أنه ارتبط باحتجاجات نسائية متوالية كان أبرزها في الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، ليستقر الحال في نهاية المطاف على 8 مارس الذي أقرته الأمم المتحدة، بعد نضال نسائي طويل. فقد دعت الجمعية العامة الدول إلى إعلان يوم من أيام السنة، يوما للأمم المتحدة لحقوق المرأة والسلام الدولي، وذلك وفقا لتقاليدها وأعرافها التاريخية والوطنية.

وشجعت الجمعية العامة الدول على المساهمة في تعبئة الظروف اللازمة للقضاء على التمييز ضد المرأة وكفالة مشاركتها في التنمية الاجتماعية مشاركة كاملة وعلى قدم المساواة مع الرجل. واتخذ هذا الإجراء غداة السنة الدولية للمرأة 1975، ليتم إقراره نهائيا عام 1977. وتبعا لإعلان الحزب الاشتراكي الأميركي، وما تنقله مصادر للأمم المتحدة، فإنه تم الاحتفال بأول يوم وطني للمرأة في كل الولايات المتحدة في 28 فبراير من عام 1909، وظلت المرأة تحتفل بهذا اليوم كل آخر أحد من ذلك الشهر حتى عام 1913. وقررت الاشتراكية الدولية التي اجتمعت في كوبنهاغن عام 1910 إعلان يوم دولي للمرأة تكريما للحركة النسائية ودعما لحق المرأة في الاقتراع.

وعملا بقرارات هذا الاجتماع الذي عقد في كوبنهاغن، احتفلت في السنة التي تلتها، أي عام 1911 كل من ألمانيا والدنمارك وسويسرا والنمسا، بهذا اليوم الذي اختير له تاريخ 19 مارس. وما كاد ينقضي أسبوع واحد على هذا الاحتفال حتى أودى حريق مأساوي في مدينة نيويورك في 25 آذار بحياة ما يزيد على 140 فتاة عاملة غالبيتهن من المهاجرات الإيطاليات واليهوديات. وكان لهذا الحدث تأثيرا كبيرا على قوانين العمل في أميركا، وأثيرت ظروف العمل التي أسفرت عن هذه الكارثة خلال الاحتفال باليوم الدولي للمرأة في السنوات التالية.

وعشية الحرب العالمية الأولى عام 1913 احتفلت المرأة الروسية بيوم المرأة في آخر كل أحد من شهر فبراير، في حين نظمت النساء في دول أوروبية عدة تجمعات احتجاجية ضد الحرب في 8 مارس. ومع الخسائر التي تكبدتها روسيا في الحرب، ووصلت إلى مليوني جندي، بقيت المرأة تتظاهر آخر كل أحد من فبراير، إلى أن منحت المرأة حقها في الاقتراع وصادف ذلك يوم 8 مارس عام 1917، ليتخذ يوم المرأة بعدها بعدا عالميا لا سيما في البلدان التي خاضت حربين عالميتين شرستين، وتحملت النساء خلالهما ما لا يطاق.

الظروف الاجتماعية الصعبة في روسيا، كما كانت في أميركا، كانت تدفع النساء للتمرد على الظلم والإجحاف، خاصة في المصانع، بسبب صعوبة ظروف العمل وطول ساعات الدوام، فقامت النساء بإضرابات واحتجاجات متوالية؛ ففي عام 1857 خرجت آلاف النساء للاحتجاج في شوارع نيويورك، وكذلك قامت عاملات النسيج بتظاهرات حاشدة عام 1908 اعتراضا على ظروفهن الصعبة. أميركيات.. روسيات، ومن ثم أوروبيات، كلهن كن من أوائل ضحايا الأزمات الاقتصادية، ودخول العالم الغربي مرحلة صناعية قاسية، حيث عملن في ظروف غير إنسانية حتمت عليهن المطالبة بحقوقهن، بعد أن عوملن كآلات عليها واجبات من دون أن تنال حقوقا.

أما اليوم، فالمرأة العربية بدأت تحتفل بهذا اليوم، وهي لا تزال تطالب بكثير من الحقوق في حين أن الأرقام تظهر أوضاعا صعبة، وتمييزا وإجحافا، مما يؤكد أن الدرب أمامها لا يزال طويلا وشاقا، وأن الاحتفال بهذا اليوم الغربي الجذور ما هو إلا خطوة من ضمن الخطوات الأولى في رحلة الألف ميل.