بكتيريا «إي كولاي» مهندسة وراثيا تحول السكريات لوقود البيوتانول الحيوي بكفاءة 10 مرات

يسهم في تنويع مصادر الطاقة البديلة وتقليل تكلفة المواد الخام وخفض تكلفة الإنتاج وعمليات التشغيل
يسهم في تنويع مصادر الطاقة البديلة وتقليل تكلفة المواد الخام وخفض تكلفة الإنتاج وعمليات التشغيل

تعد بكتيريا «إي كولاي (E. coli - Escherichia coli)» من أكثر من أنواع البكتيريا المتاحة ، التي توجد في الأمعاء الغليظة (القولون) للإنسان والحيوان ، وسميت بهذا الاسم نسبة لاسم مكتشفها طبيب الأطفال الألماني النمساوي ثيودور إيشيرش


وهناك اعتقاد شائع لدى البعض أن البكتيريا بجميع أنواعها ما هي إلا كائنات حية دقيقة ضارة عديمة الفائدة ، ولكن حقائق العلم واكتشافات العلماء أثبتت أن هناك أنواعا من البكتيريا الصديقة والنافعة للإنسان والبيئة ، إذًا تقاوم الأمراض وتزيل السموم وتقوي الجهاز المناعي لجسم الإنسان ، كما أن البكتيريا تلعب دورا مهمّا وحيويا في البيئة والصناعة ، حيث تعمل على تحويل المركبات المعقدة إلى مركبات بسيطة يستفيد منها النبات لصنع مواد غذائية جديدة ، كما أن هناك بكتيريا بحرية تخلص من المياه من كوارث تلوث البيئة بآثار النفط وخاصة في البحار والمحيطات ، من خلال قدرتها على التغذية على بقع الزيت ، كما أن معالجة مياه الصرف الصحي تعتمد على العمليات التخمرية التي تقوم بها البكتيريا.

وتحقيق بكتيريا «إي. كولاي - E. coli (Escherichia coli) »من أكثر من أنواع البكتيريا ، وتوجد في الأمعاء الغليظة (القولون) للإنسان والحيوان ، وسميت بهذا الاسم نسبة لاسم مكتشفها طبيب الأطفال الألماني النمساوي ثيودور إيشيرش (1857 - 1911).

وقد تسبب انتشار بعض السلالات المرضية لهذه البكتيريا ، خلال شهر مايو (أيار) الماضي في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية ، في وفاة وإصابة الكثير من الأفراد ، بلغ 45 حالة وفاة ، معظمها في ألمانيا (43 حالة) ، وإصابة 3836 حالة ، وذلك وفقًا لتقرير صادر في 24 يونيو (حزيران) الماضي عن منظمة الصحة العالمية.

ولكن مؤخرا خلال شهر أغسطس (آب) الحالي تمكن فريق بحثي من جامعة رايس الأمريكية من الهندسة الجينية لبكتيريا «إي. كولاي »والاستفادة منها في تحويل السكريات إلى وقود البيوتانول الحيوي ، وبكفاءة 10 مرات عن الميكروبات الأخرى ، الأمر الذي يفيد في تقليل المواد الخام الناتجة وخفض التكلفة وعمليات التشغيل ، تنتج وقود حيوي رخيص ، يمكن أن يسهم في التنويع في مصادر الطاقة البديلة ، الخاصة في ظل أزمات الطاقة المقبلة ، وقد نشرت نتائج هذه الدراسة في عدد 10 أغسطس (آب) الحالي من مجلة «نيتشر» (الطبيعة) العلمية الشهيرة.

يذكر أن الوقود الحيوي ، من مصادر الطاقة المتجددة أو البديلة للنفط ، التي تحظى حاليًا باهتمام من بعض الدول والحكومات ، لمواجهة الاعتماد على النفط المستورد ، الذي يمثل أسعاره في السنوات الأخيرة ، ومصدر هذا الوقود كائنات حية نباتية أو حيوانية ، وهناك مصدران للوقود الحيوي السائل ، هما: النباتات المحتوية على السكر والنشويات مثل قصب السكر والذرة ، ويستخرج منها الإيثانول الذي ينطلق عند تخمر السكريات المستخلصة من هذه النباتات ، والنباتات المحتوية على الزيوت مثل الصويا وعباد الشمس والقطن ، ويستخرج منها الزيوت التي تعالج كيماويا للحصول على الديزل الحيوي. وقد قدمت التقدم الحادث في مجالي هندسة الاحتراق والتقنية الحيوية (البيوتكنولوجي) إلى جعل عملية تحويل المواد النباتية إلى وقود سائل أو غازي عملية اقتصادية.

وهذا البيوتانول (بيوتانول) من مصادر الوقود الحيوي البديل الواعد ، الذي يتم الحصول عليه عن طريق تخمير السكريات ، ويمكن استخدامه في المحركات دون الحاجة إلى تحويرها ، ويمكن أن يكون بديلا للبنزين ، وهو جزيء قصير نسبيا ، يتكون من 4 ذرات من الكربون ، وتحاول الآن الكثير من الشركات تسويقه ، وخاصة بعد استخدام بكتيريا «إي. كولاي »الجديدة المهندسة جينيا ، لتحفيز التفاعلات الكيميائية اللازمة للمادة الخام إلى وقود ، التي تعمل بشكل أسرع من الميكروبات الأخرى لإنتاج للوقود ، حيث يتم إنتاج من 5 إلى 10 مرات وقود من نفس كمية السكر ، وهذا يعني أنها تتطلب كميات أقل من السكر ، والمواد الخام التي يمكن زراعتها ، كما تعمل على خفض تكلفة الإنتاج وعمليات التشغيل.

يقول البروفسور رامون غونزاليس ، قائد الفريق البحثي وأستاذ الهندسة الكيميائية والجزيئات الحيوية بجامعة رايس الأميركية ، إن الكثير من الشركات أبدت اهتماما بهذه التكنولوجيا ، ويتوقع أن يراها في السوق في غضون السنوات الثلاث المقبلة.

ويقول الباحثون إنه من خلال التلاعب بالجينات بشكل انتقائي ، يمكن برمجة الميكروبات لتخزين أشكال مختلفة من الوقود والكيماويات ، فبالإضافة إلى البيوتانول يمكن لبكتيريا «إي كولاي» إنتاج مختلف الأحماض الدهنية والنسيج التي تنتج من العمليات المختلفة لإنتاج الزيوت النباتية والحيوانية.

فقد تمكن فريق علماء من عكس عملية الأيض (التمثيل الغذائي) وبالتحديد عكس مسار «دورة بيتا للأكسدة» باستخدام بكتيريا «إي.كولاي» ، لإسراع تحويل السكر الجلوكوز إلى وقود حيوي ، حيث قاموا بتعديل 12 جينا في بكتيريا «إي. كولاي »للإسراع في إنتاج الوقود الحيوي.

يقول غونزاليس إن «عكس مسار بيتا للأكسدة للأحماض الدهنية باستخدام بكتيريا (إي. كولاي) المعدلة وراثيا ، وكذلك باستخدام الخميرة والطحالب ، يؤدي إلى تخليق الوقود الحيوي والكيماويات ، الذي قد يجعل من السهل على كثير من الشركات اعتماد هذه التكنولوجيا» ، ويبحث غونزاليس في تعديل كثير من أنواع الكائنات الحية المختلفة ، وذلك بأنها تجعل هذه العملية أرخص وأكثر كفاءة.

والأيض أو الاستقلاب أو التمثيل الغذائي (التمثيل الغذائي) مجموعة من التفاعلات الكيميائية التي تحدث في الكائنات الحية على المواد الغذائية المختلفة سواء كانت كربوهيدرات أو بروتينات أو دهون بواسطة عوامل الإنزيمات (عوامل مساعدة لتسريع التفاعلات) الحصول على الطاقة أو بناء الأنسجة ، وتنقسم هذه العملية ، إلى عمليتين هما: الهدم والبناء. في عملية الهدم يتم تكسير المواد الغذائية بواسطة أساليب مختلفة من التفاعلات الحيوية إلى جزيئات بسيطة للحصول على الطاقة.

أما في عملية البناء فيتم استخدام الجزيئات البسيطة الناتجة من عملية الهدم ، كنواة لبناء مواد معقدة ، من خلال سلسلة من التفاعلات تستهلك طاقة ، وذلك لبناء الأنسجة.

ومسار بيتا للأكسدة (أكسدة بيتا) عملية بيولوجية أساسية موجودة تقريبًا في جميع الكائنات الحية ، واحدة من جميع مسارات الأيض البيولوجية الأساسية الأكثر كفاءة ، والتي يتم من استخدامها تكسير (هدم) الأحماض الدهنية وتوليد الطاقة ، وتستخدم الميكروبات لتكسير الأحماض الدهنية ، التي هي عبارة عن جزيئات الهيدروكربونات التي تجري تكوينها والتي تستخدم كوقود. وتتكون الأحماض الدهنية من سلسلة مستقيمة وطويلة من ذرات الكربون ، وتوجد الأحماض الدهنية في النباتات كمخزون غذائي في الأجسام الدهنية في البذور والعضيات ، وكذلك إلى دورها في الأغشية الخلوية.

يقول غونزاليس: «يمكننا أن نصنع أنواعا متخصصة من الجزيئات لأسواق مختلفة ، ويمكن القيام بذلك في أي كائن حي ، فبعض العضوين يفضلون استخدام الكائنات الأخرى مثل الطحالب أو الخميرة ، بدلا من بكتيريا (إي. كولاي) ، وهذه ميزة أخرى عكس مسار بيتا للأكسدة ».

وعلى صعيد آخر ذي صلة ، يذكر أنه في شهر مارس (آذار) الماضي أعلن فريق بحثي من جامعة ولاية أركنساس الأميركية ، عن تمكنهم من تطوير طريقة لتحويل طحالب شائعة في البيئة ، إلى وقود البيوتانول الحيوي ، وقال البروفسور جيمي هيستكين ، قائد المشروع البحثي ، إن "عملية التحويل فعالة وغير مكلفة ، فالبيوتانول له الكثير من المزايا مقارنة مع الإيثانول ، ولكن أروع شيء حول هذه العملية هو أننا نحقق بالفعل صحة الأنهار والبحيرات ، من خلال زراعة وحصاد المواد الخام» ، ويشير هيستكين إلى أن للبيوتانول عدة مزايا مهمة بالإيثانول ، منها أنه يطلق الكثير من الطاقة لكل وحدة كتلة ، ويمكن خلطه في تركيزات عالية ، كما أنه أقل تآكلا من الإيثانول ، ويمكن نقله عبر خطوط الأنابيب الموجودة حاليا لأغراض التوزيع.