ساعة الفيل.. اختراع إسلامي من العصور الوسطى ونموذج جامع للحضارات

ساعة الفيل تمثل الحضارة الهندية والأسيوية ويوجد بها دلوان علوي وسفلي العلوي متصل بآلية تحديد الوقت والسفلي متصل بمنظم عملية التدفق
ساعة الفيل تمثل الحضارة الهندية والأسيوية ويوجد بها دلوان علوي وسفلي العلوي متصل بآلية تحديد الوقت والسفلي متصل بمنظم عملية التدفق

 ساعة الفيل هي عبارة عن اختراع إسلامي من العصور الوسطى بواسطة العالم "الجزري"- اسمه بالكامل:
أَبُو اَلْعِزِ بن إسْماعِيلِ بن الرِّزاز الجزري- وهي عبارة عن ساعة مائية على شكل فيل ضخم بالإضافة إلى عناصر أخرى موزعة أعلى الفيل في بيت صغير، تصدر الساعة صوتاً و حركة كل نصف ساعة، بالإضافة إلى الابتكار الميكانيكي الذي يقدمه هذا الاختراع.
 
تعتبر ساعة الفيل مثالاً قديماً على التنوع الحضاري المتمثل في التكنولوجيا؛ فالفيل يمثل الحضارة الهندية والأسيوية، والتنين يمثل الحضارة الصينية، والعنقاء (طائر أسطوري كبير) يمثل الحضارة المصرية القديمة، والعمامة تمثل الحضارة الإسلامية.
 
تعتمد آلية التوقيت في الساعة على دلو مملوء بالماء داخل الفيل، بداخله وعاء يطفو على سطح الماء وبه فتحة صغيرة من الوسط. يحتاج الوعاء إلى نصف ساعة ليمتلئ عبر هذه الفتحة، وأثناء التعبئة يسحب الوعاء معه خيطاً متصلاً بالبرج أعلى الفيل على مبدأ “السي سو” و هذا يؤدي إلى إفلات كرة تسقط في فم الأفعى مما يجعل الافعى تنحني للأمام ساحبة معها الوعاء المملوء بالماء داخل الفيل عن طريق خيوط.
 
في نفس الوقت، وعن طريق مجموعة من الخيوط تقوم إحدى الشخصيات في البيت بتحريك يدها اليمنى أو اليسرى، ثم يقوم سائق الفيل بقرع الطبل وهذه العملية كاملة تحتاج إلى نصف ساعة من الوقت قبل أن تعود الأفعى للخلف.
 
هناك ميزة ابتكارية أخرى في هذه الساعة وهي أنها تسجل التغير في طول الساعة الخاص بكل يوم، هذا يعني أن معدل التدفق يتغير يوميا ليناسب الاختلاف في طول الأيام خلال السنة، ولتحقيق ذلك يوجد في الساعة دلوان (علوي وسفلي)؛ العلوي متصل بآلية تحديد الوقت، والسفلي متصل بمنظم عملية التدفق.
 
يوجد نسختان مماثلتان من ساعة الفيل في العالم؛ أحدها في مول "ابن بطوطة" في دبي- الإمارات العربية المتحدة (وهو مول خاص يحتوي على أهم المعالم للمناطق التي جالها الرحالة الشهير ابن بطوطة) والأخرى في أحد المتاحف في سويسرا.. صور للساعة من المول في دبي:
 
 
 
حري بنا أن نذكر شيئا عن هذا المخترع المسلم العظيم وبعض إنجازاته، الجزري هو عالم مخترع، مهندس، ميكانيكي، حرفي، فنان، وعالم الرياضيات والفلك من العراق، عاش في جزيرة "ابن عمر" على ضفاف نهر دجلة في العصر الذهبي للإسلام وهي العصور الوسطى.
 
وصف الجزري أكثر من 50 اختراعا ميكانيكيا في كتابه المزود برسومات توضيحية كتاب “الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل” نظرا لأهمية الكتاب يوجد نسخ منه في عدد من المتاحف والمكتبات العالمية مثل متحف اللوفر ومكتبة أكسفورد، وقد تمت ترجمته إلى الألمانية و الإنجليزية.
 
أحد أروع اختراعاته آلة موسيقية روبوتية وهي عبارة عن قارب عليه موسيقيين أوتوماتيكيين تطفو على الماء وتعزف الموسيقي لتسلية الحاضرين في الحفلات الملكية في ذلك الوقت، وتقوم بعمل أكثر من 50 حركة في الوجه والجسم أثناء عزف الموسيقى، صورة الاختراع في الأسفل.