موضة الـ«ريترو» .. تدخل الديكور من باب الإنترنت

في بداية عام 2008، اشترى ستيفن إدواردز شقة في حي بالم سبرينغز بولاية كاليفورنيا، وتمكن فيها من تجديد الحمام خلال أربعة أشهر باستخدام مواد تعود إلى عام 1958، وهو عام تشييد المبنى.


عندما انتهى من بنائه، أرسل صورا فوتوغرافية إلى أحد الأشخاص الذي يعلم جيدا أنه سيقدر مجهوداته، وهي بام كويبر على الموقع الإلكتروني retrorenovation.com.

نفس الشيء قامت به هيلين ستيكلر، التي قضت عامين في محاولة تجميع مجموعة من الخزانات القديمة المصنوعة من الصلب لمطبخ منزلها الذي يعود تاريخ بنائه إلى الخمسينات، وبعد أن يئست من أن تجد ضالتها، اتصلت ببام، التي أرسلت طلبا باسمها من موقع retrorenovation.com.

جودي فورستون، التي لم يكن لديها هي وزوجها أي فكرة عن شكل الحمام الوردي عندما اشتريا بيتهما في ليكسينغتون بولاية كنتاكي، الذي يعود تاريخ بنائه إلى منتصف القرن، 1959، أيضا وجدت طلبها بنفس الطريقة.

الموقع الإلكتروني الذي دشنته بام كويبر عام 2007 يضم مجموعة من المتحمسين لتصميمات منتصف القرن، وأصبح مقصد أصحاب المنازل الذين يرفضون طرازات الديكور الحديثة ويفضلون إعادة تجديد جدران الحمامات بقطع الفسيفساء فيروزية اللون من عهد أيزنهاور أو خزانات مطابخ بأسلوب تلك الفترة.

يعيش الكثير من أتباع بام في منازل تنتمي إلى «منتصف القرن» الماضي. تتكون في الغالب من طابق واحد أو على طراز «كاب كود» التي شيدت خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

ويريد هؤلاء إعادة تجديد منازلهم بشكل يحاكي شكلها الأصلي لأنهم نشأوا في تلك الفترة أو يقدرون قيمها الجمالية. القيام بذلك ليس بالأمر السهل، فقد تغيرت الأدوات والأجهزة والأثاث بشكل كبير خلال الستين سنة الأخيرة، لكن «ريترو إنوفيشين» بفضل معلوماتها الدقيقة والوفيرة عن الديكور القديم تعتبر مصدرا عمليا للقيام بما هو غير عملي، بفضل الإعلانات عن أرضيات لمكان الاستحمام ونصائح تنظيف خاصة، ودليل أماكن شراء الأدوات الصحية القديمة. ويعتبر تصفح الموقع بمثابة رحلة عبر الزمن.

تقدم فيه بام، البالغة من العمر 52 عاما، أخبار المنتجات والنصائح والتشجيع بطريقة تجعلك تشعر بتعاونها معك في تصميم بيتك. فقد دعت في مايو (أيار) لإنقاذ هيلين ستيكلر التي لم تستطع استكمال مطبخها بسبب حاجتها إلى خزانة واحدة مصنوعة من الصلب، قائلة: «فلنساعد هيلين في العثور على خزانة المطبخ التي تحتاجها» وأعطت مواصفاتها.

دشنت بام الموقع بعد إعادة تجديد منزلها الذي يعود تاريخ إنشائه إلى منتصف القرن في لينوكس بولاية ماساتشوستس. استغرقها ديكوره خمس سنوات، قبل أن تكمله بعد أن توفقت بمجموعة من خزانات المطبخ المصنوعة من الصلب تعود إلى فترة الستينات في «إي باي». بحوثها وقراءاتها عن بناء المنازل القديمة ألهمتها أن تطلق مدونة بمصادر حقيقية لإنجاز العمل.

وقالت بام إن الموقع يتلقى آراء في 450 ألف صفحة أو يزيد شهريا وجذب عددا من الجهات المعلنة، منها شركات تبيع منتجات يقبل عليها محبو الأشياء القديمة.

لكن ما الذي يدفع أي شخص للقيام برحلة بحث عن خزانات مطبخ، مثلا، من إنتاج شركة توقفت عن العمل منذ أربعين عاما؟ توضح بام: «أعتقد أنه يمكن مقارنة محبي الأشياء القديمة بمحبي الصيد. هناك جانب يتعلق بالتكلفة، فهناك عدد كبير من القراء الذين يريدون تجميع أجزاء مطبخ بسعر رخيص ويقتنصون الفرص».

رغم أن بام هي الخبيرة الأساسية في المدونة، فإنها تتقاسم الشهرة مع القراء، حيث تخلق نوعا من التواصل الاجتماعي. فهم يرسلون لها صورا لمطابخهم المصنوعة من خشب الصنوبر المليء بالعقد وغرف المعيشة المستلهمة من النسق الدنماركي وهي تنشرها وعليها أسماء المصادر التي يذكرونها.

هناك شيء ما في موقع بام يجعله يبدو ودودا بشكل أكبر بكثير من المواقع الإلكترونية، على حد قول جودي فورستون. هذه الأخيرة وجدت حلا لمشكلة واجهتها في تصميم غرفة سفرة من الصعب فرشها بالأثاث، لها ثلاثة أبواب ومدفأة.

وأدركت بعد رؤية صور في مجلات تعود إلى الخمسينات والستينات على المدونة أن ما تحتاجه هو منضدة أصغر تتماشى مع طراز هذه الفترة. وقالت «ربما كنا سنقوم بهذه التغييرات على أي حال. لكنني استلهمت هذه الفكرة مما نشرته بام».

من جهتها، اكتشفت سيندي بيغراس «ريترو رينوفيشين» عندما اشترت منزلا من طابق واحد يعود تاريخ بنائه إلى الستينات في هوليوك بولاية ماساتشوستس ولم تستطع الحصول على قرميد جديد يناسب الحمام، أو الشخص المناسب الذي يستطيع القيام بهذه المهمة.

تقول «لقد نصحني الكثيرون أن أغير الطراز وأجعله عصريا»، لكني عثرت من خلال «ريترو رينوفيشين على بنّاء فهم جيدا تصميم الباحة الأصلية التي كانت في خيالي».

فكثيرا ما يشكو القراء من صعوبة العثور على العمال والمواد الخام، حيث لا يستطيع أصحاب المنازل التوجه إلى متجر للأجهزة والحصول على ما يريدونه من أشياء قديمة.

نفس الشيء حصل مع هيلين، التي كانت سعيدة بحصولها على صفقة عندما دفعت 500 دولار لشراء مجموعة مكونة من 20 خزانة مصنوعة من الصلب من منزل في حي بالم سبرينغز.

عندما عادت إلى المنزل أدركت أن المجموعة لا تناسب مطبخها. وبعد البحث جمعت مجموعة عملية شبه كاملة من بائعين من ست مدن. وهي الآن تعرف مصنعي خزائن المطبخ التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الثانية كما يميز الرجال بين السيارات القديمة.

تذكر أنها واجهت مشكلة أخرى بعد شراء حوض استحمام فيروزي اللون، لأنه جعل حوض الاستحمام يبدو نشازا، وكان يحتاج أن يصنع بحسب الطلب. لتسهيل مهمة البحث عما تريده هيلين، أنشأت بام منتدى للشراء والبيع وأصبح من أشهر الملامح المميزة للمدونة.

تقول إنه كثيرا ما يجد الناس الذين يرثون أو يشترون منزلا قديما ويريدون التخلص من محتوياته خاصة الخزائن المصنوعة من الصلب بغيتهم عن طريق البحث على شبكة الإنترنت.

فعلى سبيل المثال يمكن لقراء «ريترو ريونفيشين» في لوس أنجليس جذب الانتباه إلى إعلانات محلية مبوبة لن يستطيع أن يطالعها شخص في كليفلاند.

وعموما يتسم القراء بالكرم حيث يعرضون ما يتوصلون إليه من مصادر بسبب صعوبة العثور على أشياء قديمة وبحالة جيدة. كذلك تعزى بام، التي تخطر القراء بالمنازل المثيرة للاهتمام المعروضة للبيع، من باب الرغبة المشتركة في اقتناص الأشياء التي من الممكن أن يتخلص منها الملاك الجدد.

فقد خصصت مخزنا خاصا بحفظ الأشياء القديمة في قبوها، وحتى وقت قريب كانت تدير «ريترو رينوفيشين» كعمل جانبي، لكنها قللت من الوقت المخصص لعملها الأساسي كمستشارة اتصالات لتوجه جل اهتمامها للموقع.

كان أبريل (نيسان) الماضي من أكثر الشهور التي شهدت ازدهار الموقع، حيث اختار موقع «أورليسك» الثقافي الذي يملكه «هافينغتون بوست» مقطعا مصورا عن حمامها. ويظهر في هذا المقطع حماس بام للتفاصيل الدقيقة لديكور المنازل، فقد أخذت تصف لدقيقتين زر إضاءة.

قبل بضعة أسابيع، زار جايسون فورنييه وزوجته نيكي، اللذان يملكان منزلا يعود تاريخ بنائه إلى التسعينات في هافر دي غريس بولاية ميريلاند، متجرا في سبيرنغ فيلد بنيو جيرسي يسمى «وورلد أوف تايل» يوحي بأنه لم يتم التخلص من أي شيء به منذ خمسين عاما.

وقالت بام التي لم تستطع أن تكبح حماسها «إنه مثل منجم ذهب جديد للأشياء القديمة».

كان لا بد أن تقابل دوروثي سكاربيلي، أحد ملاك المتجر، وهي امرأة سمراء في منتصف العمر بدأت العمل في هذا المجال الذي تعمل فيه عائلتها منذ عام 1968 عندما كانت في سن المراهقة وأصبحت من أصحابه بعد وفاة والدها عام 2006.

قالت إن المخزن خرج إلى الوجود نتيجة ارتفاع تكاليف التخلص من الأشياء، حيث من الأرخص الاحتفاظ بالقرميد القديم. والتقطت بام وهي تقف في مساحة متفرعة من غرفة العرض الأساسية صورا للقرميد لنشرها على مدونتها.

وقالت في إشارة إلى واحدة «إن رؤية اللون الرمادي السادة أمر مثير للاهتمام. إنه قديم يعود إلى الخمسينات».

أوضحت في غرفة أخرى أشكالا سميت على اسمها وأسماء شقيقاتها. اتسعت عينا بام وتساءلت «هل يمكنني شراء بعض منها؟». بدا أنها على وشك الإغماء وهي تسير بين جنبات هذا المخزن الضخم، حيث قالت «من المستحيل أن تستوعب الأمر في الزيارة الأولى. أنت بحاجة إلى تمالك نفسك من فرط المفاجأة».

وأضافت بام فيما بعد «هناك أمر مثير في هذه الأشياء التي تعود إلى حقبة ما بعد الحرب. ليس فقط الجمال البصري، بل إن الناس الذين يديرون هذه المتاجر لا يزالون موجودين».

وأوضحت وهي تفكر في رد الفعل المتوقع من القراء على أحدث اكتشافاتها «أي شخص يفكر في تجديد حمامه، سوف يتجاوز الأرضية، لأنه من الأسهل الحصول على قرميد الجدران، حيث يمكنك شراؤها من شركات مصنعة موجودة. وكانت قطعة القرميد الواحدة الصغيرة تباع مقابل 1.49 دولار وهو سعر منخفض للغاية».

بعد ذلك ببضعة أيام، كانت لا تزال تشعر بالغضب من ذلك، حيث كتبت في رسالة بالبريد الإلكتروني: «(ورلد أوف تايل) هو بدون شك أهم الاكتشافات على المدونة حتى هذه اللحظة.

إنه يذهل العقل ويخلب اللب». وأضافت: «النظر إلى كل هذا القرميد القديم الرائع يسبب عذابا أليما والكثير من الأسى لأنني انتهيت من تجديد منزلي».