الحلول المثلى لإنهاء العراك المستمر بين أطفالك

ماما أخي يضربني
ماما أختي أخذت لعبتي.
بكاء وعراك وشكوى مستمرة، هكذا تعاني كل أم لديها أكثر من طفل واحد فمثل هذه المشكلات تعتبر شيئاً معتاداص يحدث في اليوم الواحد مرات عديدة ويصبح بها المنزل مثل ساحة حرب لا مكان للاسترخاء والمتعة، وذلك يرجع بالطبع إلى الوالدين وخاصة الأم ومدى قدرتهما على صنع روح من التآلف والتواصل الودي بين أفراد الأسرة.
عندما تظهر هذه السلوكيات، على الأم إدراك أن هناك قصور في الانسجام والتوافق داخل المنزل، حتى تتساءل الأم إذا كان في الإمكان وجود أطفال بدون عراك، هل يستطيع أبناؤها التعامل واللعب والتعاون بدون مشاكسات مع بعضهم البعض؟
الإجابة "نعم" يمكن للوالدين تحقيق ذلك ويجب عليهم العمل على خلق علاقات تعتمد على الاحترام والحب المتبادل بين الأشقاء، ورغم ذلك هناك العديد من الصعوبات والمواقف المزعجة التي سيكون على أطفالنا مواجهتها في العالم الكبير خلال فترة النمو، لهذا يجب على الأسرة أن تمثل بالنسبة لهم مصدراً للهدوء والأمان الذي يمكنهم الاعتماد عليه.
وكون الأطفال قادرين على إقامة علاقات جيدة وقوية ليس فقط مع والديهم، لكن أيضا مع أخوتهم وأخواتهم يمثل عاملاً أساسياً لتنمية الإحساس بالأمن واحترام الذات والتطور العاطفي.
ربما تعتقدين عزيزتي الأم أن هناك فارق عمري كبير بين أطفالك أو أنهم مختلفون جدا في نوع الشخصية مما يصعب عليهم التواصل معا، لكن هذا الاعتقاد خاطيء فالواقع أن الأخوة يمكنهم إقامة علاقات رائعة حتى إذا ظهر عدم وجود شيء مشترك بينهم أو من هم متضادون تماما في كل شيء.
ومع ذلك عليك بذل الجهد والتخطيط الذكي لتحقيق فكرة الاحترام والتوافق، وهنا بعض المباديء التي يجب على الوالدين اتباعها لمساعدة الأشقاء على التواصل الفعال المثمر والتخلص من العراك فيما بينهم.
قضاء كثير من الوقت مع كل طفل على حدة:
يمكنك التقليل من مشاعر المنافسة والتحدي السلبي بين الأشقاء من خلال الانتباه إلى كل طفل منهم بشكل فردي، فهذه خطوة شديدة الأهمية ويحفز علماء النفس الوالدين على ممارسة نشاط معين مع كل طفل كوسيلة لمشاركته في وقت مخصص له وحده.
مع الحرص على أن لا تتركي هذا العمل على حسب الظروف والصدف، إنما يجب وضع خطة وجدول منتظم لقضاء وقت معين مع كل طفل حيث تسمحين له بمشاركتك في إنجاز عمل معين مثل الخبز أو إعداد الطعام ولو مرة كل أسبوع، ركوب الدراجات في صباح يوم الإجازة أو الذهاب معه إلى الحديقة أو السينما أو النادي ولو كل شهر.
وضع قواعد ثابتة لاحترام الأسرة:
على الوالدين تأسيس قانون أسري يعتمد على احترام كل فرد للآخر، ويتطلب ذلك وضع توقعات واضحة لتصرفات الأطفال في سن مبكرة ليكون عليهم التصرف والتوجيه الصحيح لها، وتتضمن هذه القواعد ما يلي:
- لا للتدافع.
- لا للضرب.
- لا للطعن.
- لا للركل.
- لا للإيذاء البدني من أي نوع.
- استخدام الكلمات الجارحة أو البذيئة غير مقبول.
إذا لم تكوني قد وضعت مجموعة من القواعد أو القوانين التي تسير عليها أسس العلاقة بين أفراد المنزل الواحد عن كيفية تعامل أبنائك مع بعضهم البعض، عليك تدوينها حالا فوق لوحة كبيرة والصقيها في مكان ظاهر للجميع واجتمعي مع أطفالك للتعرف عليها.
ومن ثم سيكون عليك الالتزام بتطبيقها عليهم ومعهم وعدم السماح لهم بأي سلوك غير مقبول أو كسر لهذه القواعد بينهم، وإذا حدث وخرق أحدهم أي منها يجب أن يكون التصرف الفوري كالآتي:
- تقديم الاعتذار.
- فصل الأطفال عن بعضهم لفترة.
- إنهاء أي لعبة أو نشاط كانوا يقومون به وتسبب في المشكلة مع حرمانهم منه  لفترة تحددينها أنت لإشعارهم بالخطأ الذي وقعوا به.
تعليم الأطفال كيف يحلون مشكلاتهم بأنفسهم:
من المهم تعليم أطفالك كيف يجدون الحل المناسب لصراعاتهم بطريقة سلمية؛ فالأطفال مثلنا جميعا لديهم أشياء وجوانب خلافية، لكننا نختلف عنهم في أننا قادرون على منع وصول تلك الخلافات إلى مرحلة العراك.
عليك تشجيع أطفالك الدخول في مفاوضات وتوضيح الأدوات اللازمة لحل ما يقابلهم من مشكلات وصراعات، على سبيل المثال.. امنحي كل طفل فرصة لعرض ما يريده وساعديه على التوصل للحلول الممكنة.
فعندما يملك الأطفال تلك الأدوات لحل الجدال الدائر بينهم سيقل تدخل الوالدين في أمورهم ومن هنا يتعلم الأشقاء كيف يتحملون المسؤولية والوصول لقواعد بأسلوب سلمي يخلو من العراك أو الإيذاء اللفظي أو البدني.
عند بدء الجدال الحاد بين أطفالك يمكن لأي من الوالدين قول الآتي:
"أرى أنكم تتجادلون حول من سيلعب بهذه اللعبة، سوف أمنحكم 3 دقائق لأرى إذا كان بإمكانكم الاتفاق على شيء بهدوء وإذا لم تتمكنوا من ذلك سوف آخذ تلك اللعبة بعيدا عنكم لأعطيها لشخص آخر، وفي هذه الحالة ابحثوا عن شيء آخر لتفعلوه معا".
قضاء بعض الوقت للعب المشترك:
اختاري أنواعاً معينة من الأنشطة والهوايات أو المشروعات الصغيرة التي تتطلب عملاً مشترك بين أطفالك لتدعم روابط التعاون بينهم، ومن هذه الأنشطة ما يلي:
- الألعاب بالبطاقات أو فوق الألواح.
- عمل فني مشترك في مناسبات معينة مثل رسم صورة للجدة يوم ميلادها.
- القيام بتجارب علمية.
- حل فوازير أو ألغاز.
- ممارسة الرياضات الترفيهية المشتركة.
- حضور درس معا.
- تأليف أغنيات.
- إقامة عروض معينة مثل عرض بالعرائس المتحركة أمام الوالدين.
فهناك دائما سبل للتعاون بين الأشقاء حتى إذا كان بينهم فارق عمري أو شخصي كبير لأنهم أخوة ومن المؤكد أن لديهم عوامل مشتركة قد لا يكونون على وعي بها، وهنا يكمن دورك أنت لتوضيحها والعمل على تقويتها واستغلالها بشكل فعال.
مثال على عمل تعاوني مشترك:
هذا الأسبوع سيكون به يوم حفل عيد مولد الأب، تقترح الأم على أطفالها ابتكار بطاقة تهنئة من أجله وعلى كل طفل أن يساهم في هذا العمل مستخدما ما لديه من مواهب وإمكانيات فمثلا:
- يقوم الطفل الأصغر سنا بوضع تصميم أو رسومات للغلاف.
- أما الطفل الأكبر يقوم بكتابة الرسالة فوق البطاقة.
وإذا كان لديك أطفال أخرون عليك إيجاد شيء خاص مثل عمل ثنائي لإنجازه معا وبصورة منتظمة ومتكررة.
عندما يتعامل الأطفال الأشقاء معا باحترام ويكون بينهم أهداف أو اهتمامات مشتركة ويميلون إلى قضاء مزيد من الوقت مع بعضهم البعض، حيث أظهرت دراسة أجريت في ولاية بنسلفانيا أنه في المتوسط يقضي الأطفال حوالي ثلث وقت فراغهم مع أشقائهم وهو أطول من الوقت الذي يقضونه مع أي شخص آخر بما في ذلك الوالدين والأصدقاء.
وفي النهاية يجب أن ندرك حقيقة أن العلاقة بين الأشقاء عادة هي أطول وأقوى علاقة يمكن أن يقيمها الشخص في حياته وهي الداعم الأول له على إكمال المسيرة، كما أن الجهد الذي نبذله نحن الوالدان لتعزيز الروابط الإيجابية بين أطفالنا يستحق ما سنجنيه من متعة وحب سيعود علينا من جانبهم.