احتياطات صحية وتجميلية .. قبل إجراء عمليات «تاتو المكياج»

الجمال غاية المرأة وسلاحها، وسبب ثقتها بنفسها ومفتاح نجاحها. ربما يكون هذا الكلام صحيحاً، وربما يكون مبالغاً في بعض منه، لكن أياً كانت أهمية الحفاظ على الجمال الطبيعي أو تعديل بعض مما تغير منه مع الوقت أو لأسباب أخرى، فإن صناعة إضفاء الجمال والعمليات التجميلية، تُعد اليوم تجارة مزدهرة. ولئن كان مفهوماً دواعي التخلص من الشعر الزائد في مناطق شتى من الجسم أو البقع الداكنة في الجلد أو آثار ندبات الحروق، فربما ليس من المفهوم أن تلجأ الكثيرات إلى الوشم بـ«التاتو» ليس فقط لرسم خط الحاجبين حينما لا يكونان بالأصل موجودين، بل لرسم حُمرة للشفاه دائمة تُغني عن وضع «الروج» من آن لآخر. وإن كان حتى هذا مفهوم دواعيه للقلة من الناس، فإن من النادر أن تجد منْ يُقتنع بجدوى رسم اللوحات السريالية أو النقوش الهيروغلوفية بالتاتو على مناطق ظاهرة أو خافية من جلد الجسم، لتغدو نقوشاً ثابتة ودائمة لا يُمكن إزالتها بسهولة.


تاتو المكياج
ووفق ما تقوله الأكاديمية الأميركية للصبغ الدقيق، فإن عمليات وشم التجميل الدائم أو وشم المكياج، تتضمن حقن صبغات في الطبقات العميقة من الجلد تحت البشرة، التي تُسمى بطبقة الأدمة. والمعلوم أن طبقة البشرة هي طبقة الجلد التي نراها عادة. وهي طبقة خارجية يتم سلخها باستمرار كي يتم تجديدها. أما طبقة الأدمة فهي أعمق وتبقى ثابتة، ولذا فإن أي صبغ لها لا يزول. وعمليات الوشم المكياجي تطال إيصال الصبغات إلى هذه الأعماق في الجلد حتى لا تزول مطلقاً. والسبب في زوال صبغات الحناء مقارنة بالصبغ بالوشم، هو أن الحناء لا تصل مطلقاً، في حال سلامة الجلد، إلي طبقة الأدمة، بل تظل في طبقات خلايا البشرة الخارجية. ولذا تزول الحناء مع مرور الوقت.

ويقول الباحثون من مايو كلينك إن الوشم، أو التاتو، هو شكل أو علامة ثابتة تُصنع في الجلد عبر إدخال صبغات من خلال وخز عميق فوق الجلد. وخلال العملية يتم تكرار وخز الجلد بإبرة أنبوبية تحتوي بداخلها مادة الحبر الملونة، كي تُدخل قطراتها عميقاً في طبقات الجلد. وتتسبب هذه العملية، التي قد تستغرق دقائق أو ساعات حسب مساحة النقش، بقليل من نزف الدم وبدرجات متفاوتة من الإحساس بالألم الموضعي.

وترى الأكاديمية الأميركية للصبغ الدقيق أن ثمة عدة دواع لاختيار الناس إجراء مكياج وشمي دائم، أهمها اختصار الوقت المستغرق في وضع أصباغ أنواع المكياج للشفاه أو غيرها، أو أن تكون المرأة غير متقنة لوضع المكياج بالأصل، أو لتحديد الشفاه أو لترقيق الحواجب أو زيادة عرض خطها، أو لتحديد خط داكن في الجفن بدلاً من وضع الـ«ماسكرا»، وغير ذلك من تفرعات وضع المكياج.

وسواء كان الأمر مفهوماً أو غير ذلك، فهو اختيار شخصي، لكن ثمة من الأمور المهمة التي يجب إدراكها للحفاظ على الصحة والسلامة من الأمراض التي قد تنجم عن سلوكيات كتلك.

ومن غير المعروف على وجه الدقة كم من عمليات الوشم تتم كل عام في مناطق شتى من العالم. وحتى في الولايات المتحدة المتقدمة في مجال الإحصائيات فإن المصادر الطبية تُؤكد أن ذلك من غير المعروف على وجه الدقة، لأن عمليات الوشم تتم في صالونات أو دور التاتو، التي يتم تنظيم عملها وشؤونها من قبل السلطات المحلية وليس إدارة الغذاء والدواء، والتي قد لا تتجاوز صلاحيات إشرافها التأكيد على سلامة الحبر المستخدم في تلك العمليات، مثل ما حصل حينما لاحظت الإدارة ارتفاع نسبة حالات الإصابة بالتفاعلات العكسية فيما بعد عام 2003، لأن زيادة حصول تلك التفاعلات العكسية فيما بعد يونيو من عام 2003 وبين الفترة ما بين عام 1988 إلى عام 2003 كانت 30 ضعفاً! وقد عرف السبب في عام 2004 بعد دراسة مركز السيطرة والوقاية من الأمراض قامت بها الدكتورة الألمانية ماسيا سترايتيمانس إبان عملها آنذاك في المراكز المذكورة. وكان نتيجة استخدام تلك الصالونات لأحد أنواع الحبر المُصنع في ولاية تكساس، والمتسبب بالحساسية وغيرها من التفاعلات العكسية. والذي تم سحبه من الأسواق حين معرفة ذلك الأمر في سبتمبر (ايلول) من ذلك العام.

تفاعلات عكسية
وتلخص المؤسسة القومية للصحة بالولايات المتحدة والمجمع الأميركي للجراحة الجلدية ونشرات أطباء مايو كلينك، المخاطر الصحية لعمليات الوشم أو حتى تركيب الحلقات المعدنية في الجسم في مجموعة عناصر رئيسية. ـ تفاعلات الحساسية، خاصة لمادة الأصباغ المستخدمة، ما قد يتسبب بحكة أو صفح جلدي موضعي. وثمة ثلاث نقاط مهمة حول تفاعلات الحساسية، الأولى أنها قد تظهر حتى مع استخدام مواد حبر جيدة الصنع. والثانية أن الحساسية قد تظهر لدى منْ لا يشكون من حساسية جلدية بالأصل. والثالثة أن تفاعلات الحساسية قد يتأخر ظهورها إلى ما بعد أشهر أو سنوات من وضع مواد الحبر داخل طبقات الجلد العميقة. ـ تكون طبقات بارزة من الندبات الجلدية خلال عملية التآم الجروح. وهي عبارة عن تفاعلات في زيادة تكون النسيج الضام الليفي بمنطقة الجروح الدقيقة والعميقة. وهناك أشخاص عُرضة لهذا أكثر من غيرهم، خاصة ذوي البشرة السمراء الداكنة. ـ عدوى الميكروبات، وخاصة عند استخدام أجهزة وإبر غير معقمة بشكل تام بعد استخدامها في أشخاص مُصابين بأحد الأمراض المعدية وهي التي تشمل فيروسات التهابات الكبد من نوعي «بي» و«سي»، والسل والتيتانس (الكزاز)، والإيدز.

ـ التهابات الجلد الميكروبية. عملية الوخز بذاتها، حتى عند استخدام أجهزة وإبر معقمة، يُمكن أن تُسهل دخول ميكروبات، من الطبيعي وجودها على السطح، إلى مناطق عميقة من الجلد، لتسبب التهابات فيها. وهو ما يظهر على هيئة احمرار وحرارة وانتفاخ وظهور الصديد في منطقة الوشم.

ـ تفاعلات سلبية مع جهاز التصوير بالرنين المغنطيسي. وهو وإن كان من النادر، إلا أن ثمة حالات حصلت فيها تفاعلات سلبية في منطقة الوشم عند إجراء التصوير بهذه التقنية المتقدمة من التصوير بالأشعة. وهي ما تبدو على هيئة انتفاخ أو حرقة. أو أن وجود الوشم قد يُؤدي إلى عدم وضوح صور الأشعة نتيجة للتفاعل ما بين المجالات المغنطيسية ومواد الحبر المستخدم في الوشم.

الاهتمام بالعواقب قبل إجراء عمليات التجميل
* تقول الدكتورة إلين مارمير، رئيسة جراحي الجلدية في مركز ماونت سيناي الطبي بمدينة نيويورك، أنها تعتقد أن كثيراً من الناس يُقللون من أهمية مخاطر إجرائهم لهذه العمليات، والتي من أهمها عدم رضاهم عن نتائجها وشكلهم، لأن على الناس إدراك أن كلفة إزالة ما تم صنعه بجلدهم من وشم يفوق كلفة إجراء الوشم نفسه. وعقبت بأن هذا فقط للوشم الذي يُمكن إزالته، لأن كثيراً من الوشم لا يُمكن إزالته بالأصل.

وأضافت بأن ثمة جانبا آخر مهم، وهو احتمالات العدوى بالفيروسات كفيروس الكبد الوبائي أو غيره. وأضافت إن الإنسان قد لا يعلم ما إذا تم استخدام إبر معقمة أو ملوثة يُمكنها إدخال البكتيريا أو الفيروسات إلى الجسم. حتى البكتيريا الطبيعية الموجودة عادة على الجلد يُمكن أن تتسبب بمشكلة إذا لم يتم تعقيم الجلد. وتنصح الدكتورة مارمير السيدة التي تقرر إجراء مكياج تجميلي أن تستفهم عن قائمة مكونات حبر الصبغة المستخدمة فيها، كي تتأكد من طبيب الجلدية حول ما إذا كانت لديها حساسية ضد أي منها. كما وتستفهم من طبيب الجلدية عن أي الأنواع التي يُمكن إزالتها بسهولة لاحقاً إذا ما تبدت لدها رغبة في ذلك. وحذرت من أن ثمة أحبار حمراء تُستخدم في وشم الشفاه باللون الأحمر، بدلاً من الروج، تتحول إلى اللون الأسود عند التفاعل مع مكونات طبقة الأدمة خلال عمليات الإزالة بالليزر، إذا ما أُجريت لاحقاً.

والأهم من كل هذا، على حد وصف الدكتورة مارمير، أن تعلم المرأة أسوء السيناريوهات، أي التفاعلات العكسية أو الآثار الجانبية، وكيف تتصرف حيالها. وكذلك في حال عدم رضاها عن نتائج الوشم ومظهره، أن تعلم كيفية التخلص منه وإمكانية ذلك.