في هذه المدينة يستر الرجل وجهه والمرأة تكشفه..

من المعروف للجميع أن المرأة في المقام الأول هي التي تضطر إلى ستر وجهها بارتداء الحجاب أو النقاب فيما يشكف الرجل وجهه دون أي مشاكل، إلا أن هناك مدينة تقع في الجزائر عكست هذه النظرية على غير العادة.


في مفارقة عجيبة تقع خارج المألوف يضطر الرجال في مدينة تامنراست أو تامنغست واختصاراً تام، وهي ولاية جزائرية في أقصى جنوب البلاد، تبعد عن العاصمة الجزائر بـ 2200 كلم، لتغطية وجوههم عكس الناس في نفس المدينة، وهكذا تقتضي العادات والأعراف وقانون "العيب الاجتماعي"  منذ آلاف السنين.

ففي هذه المدينة تجد النساء يرتدين لباساً اسمه "التيسغنس" زاهي الألوان ووجوهن مكشوفة، فيما يرتدي الرجال "البازان" وبعضهم مكشوف الوجه أما أغلبهم فيخضعون لـ"حرمة التقاليد" التي تضطرهم  لتغطية الوجوه.

وتقول بعض الروايات الأسطورية إن "تين هينان" ملكة الطوارق الأولى والأم الروحية للعرق الأزرق حكمت هنا في القرن الرابع الميلادي كل الأجناس الطارقية بوصفات القوة والجمال والحكمة وبنت مملكة الصحراء العظيمة، وأن رجال جيشها عادوا منهزمين من معركة فاضطروا لتغطية وجوههم خشية العار ومنذ تلك اللحظة صارت تلك العادة لازمة رجالية خالصة، إن هذه الأسطورة منتشرة تقريباً ولو بصور مختلفة في الهقار كما في الطاسيلي،  ففي الولاية المجاورة إيليزي ومدينة جانت تتردد ذات الرواية بشكل مغاير، فقد انهزم الرجال  وانتصرت النساء في معركة رسخت الطابع الأمومي لعرق الطوارق أو "الطماشاق" باللغة المحلية.

ويبدو المجتمع هنا أكثر حداثة في موضوع المرأة عن غيره من المجتمعات الأخرى، إذ لا تبدو أن هناك مشكلة للمرأة في فضائها الخاص أو العام، فهي تعيش وتتحرك بسلاسة غير مفتعلة طبقاً للتقاليد الألفية ضاربة الأطناب في القدم، كما أن لفظة الاختلاط مع الجنس الآخر لا تعترضه عوازل نفسية، ففي العادة يرقص الرجال والنساء معاً في حوارات جسدية لا توحي بوجود مشكلة نفسية أو جنسية أو دينية، فلا تتفاجأ إن دخلت مطعماً شعبياً كي تتناول أكلة المايناما الشهيرة المشكلة من لحم دجاج وغنم مطهي في فرن تقليدي إن وجدت امرأة عامرة الجسد مستلقية بلباسها التقليدي أمامك غير آبهة بجسدها أو بك أو بوجودك.

كما تحتكر المرأة هناك فن "الإمزاد" لوحدها، وهو عزف على هذه الآلة الوترية مصحوب بضرب الدف المبلل بالماء، تروي فيه العازفة المغنية أغاني الوجد والفراق والانتظار.