موت ألكسندر ماكوين يلقي بظلال حزينة على أسبوع نيويورك للموضة

أسبوع نيويورك للموضة هذا الموسم ليس ككل الأسابيع الماضية، فهو لم يودع المصمم البريطاني ألكسندر ماكوين فحسب، الذي تزامن موته مع أول يوم لانطلاقة الأسبوع، بل يودع فيه أيضا الخيمة الضخمة التي تعودنا أن تنصب أربع مرات في السنة في «براينت بارك» متسببة في كثير من الازدحام في التفاحة الكبيرة متوجها إلى مركز لينكولن في الموسم المقبل.


أما الجانب الإيجابي لهذا الأسبوع فهو أنه بدأ يخرج من الأزمة التي ألمت به في العام الماضي وأصابته بالضعف والوهن، إلى حد أن عددا من مصمميه اقتصروا في المواسم السابقة، على عروض استبدلوا فيها العارضات بالدمى.

وهذا معناه أننا على موعد مع وليمة دسمة سيعلن فيها عن عهد جديد من الانتعاش في الخريف والشتاء المقبلين.

بعبارة أخرى فهو سيفتح النفس على المزيد من الاستهلاك للمنتجات المترفة بالنظر إلى ما سيطرحه من ألوان وتصميمات من جهة، وعلى أساس أن صرف مبالغ كبيرة أمر لا يخدش الذوق العام، من جهة ثانية.

افتتحت الأسبوع النجمة غوين ستيفاني بتشكيلة عصرية وحيوية، غلبت عليها القمصان و«التي-شيرتات» المتعددة الطبقات وذات الطيات الكثيرة التي نسقتها مع بنطلونات ضيقة وحقائب يد كبيرة الحجم.

لكن على الرغم كل الحيوية التي حاولت أن تبثها في عرضها، فإن سحابة موت المصمم البريطاني ألكسندر ماكوين، خيمت على جميع من حضر العرض، بمن فيهم النجمة التي قالت إنها لم تقابله شخصيا في حياتها، لكنها تلقت منه عدة قطع أزياء وإكسسوارات كهدايا، وبالتالي لن تنسى كرمه.

ماركة «ماكس أزريا» كان عرضها أيضا في اليوم الأول للأسبوع، مما يعني أنها هي الأخرى خيمت عليها هذه السحابة الحزينة، وإن حاولت تجاوز قتامة الخبر بتشكيلة تضج بالألوان وبالأنثوية والعملية، لاسيما فيما يتعلق بفساتين تلف على الجسم بأكمام شفافة، يمكن أن تناسب أماكن العمل أو حفلة خاصة، بألوان تباينت بين الأسود والرمادي والأزرق والأصفر.

فكما صرح المصممان وراء الماركة، ماكس ولوبوف أزريا، فإنهما استلهما التشكيلة من إيقاع العصر، وهو ما ترجماه من خلال بليسيهات شفافة وخطوط مستقيمة وتقنية الدرابيه التي حرصا أن تكون على طبقات مشدودة بحزام لإضفاء المزيد من الأناقة والشبابية عليها.

من جهتها، قدمت فيكتوريا بيكام، التي عانت لسنوات طويلة وهي تبحث عن وظيفة تليق بمكانتها واسمها، بعد أن انفرط عقد فريق «سبايس جيرلز» الذي كانت عضوا فيه، تشكيلة موفقة جدا.

فقد استطاعت من خلالها إقناع أوساط الموضة بأخذها محمل الجد كمصممة، على أساس أن في جعبتها ما يمكن أن تقدمه في مجال الأزياء.

يوم أول من أمس قدمت تشكيلتها الرابعة في نيويورك، وبالفعل أكدت فيها أنها تعرف كيف تفصل فساتين منحوتة تعانق الجسم بشكل أنيق ويبيع في الوقت ذاته.

صحيح أنها فساتين لا تحمل جديدا من ناحية الإبداع، بمعنى أنها تستقي أفكارها من مصممين يخاطبون أسلوبها، لكنها على الأقل تتقن ترجمتها لامرأة تريد أسلوبها.

فقد قدمت مجموعة من التصميمات المحددة على الجسم، رشيقة وتحتاج إلى رشاقة للتألق فيها. الجميل فيها أيضا أنها ليست فاضحة أو تعتمد على كشف المستور للإغراء، مما يشير إلى أنها أصبحت تفهم المرأة وما تحتاجه.

فمعظم الفساتين ومع أنها محددة على الجسم، فإنها تتمتع بثنيات وطيات في أجزاء مهمة تمنح الراحة وسهولة الحركة، والأهم من كل شيء، أنها تخفي بعض العيوب التي لا تريد أي منا إبرازها أو تتذكر أنها تعانيها.

إلى جانب هذا العنصر، يحسب لها انتباهها للتفاصيل سواء جاءت هذه التفاصيل على شكل كورسيه أو على شكل سحاب يتماوج على طول فستان سهرة.

ما لا يختلف عليه اثنان أن القوة المحركة لفيكتوريا هي رغبتها الجامحة في النجاح. وهذا ما يجعلها لا تترك أي شيء للظروف، إلى حد أنها خلال العرض كانت تشرح كل شيء للحضور من مقعدها في الصف الأمامي.

وهي طريقة كان يتبعها بعض المصممين في بداية القرن الماضي في صالوناتهم الخاصة أمام نخبة منتقاة من الزبونات، وفيكتوريا تريد بها أن تضرب عصفورين بحجر واحد.

الأول: أن تضفي على عرضها جمالية أيام زمان، لاسيما وأن الفساتين تعبق بهذه الجمالية الرومانسية، التي قالت إنها استلهمتها من حقبة الأربعينات.

والثاني: أن تشرح للحضور ما يمكن أن يخفى عليهم وما لا تراه العين المجردة حتى تضمن أنهم فهموا الدرس واستوعبوا مدى الجهد الذي بذلته لتطل عليهم بهذه التشكيلة.

ولأنها أيضا سيدة أعمال يشار لها بالبنان، فقد استغلت الفرصة وأرسلت كل العارضات، وبلا استثناء، بنظارات شمسية بتوقيعها.

المصممة النيوزيلندية الأصل، ريبيكا تايلور، المعروفة بأسلوبها الأنثوي الناعم وقمصانها الحريرية، التي أصبحت من الوجوه المألوفة في أسبوع التفاحة الكبيرة، قدمت يوم الأحد، تشكيلة لعبت فيها على مكمن قوتها، أي الأنوثة لكن بلمسات رجالية واضحة.

كانت هناك الكثير من القطع بالأزرق النيلي والرمادي والأخضر الزيتوني والأسود مزجت فيها الحرير بالتويد، والموهير بالشيفون، مثلا، فيما جاءت الكنزات الصوفية التي تستحضر أسلوب الأجداد والشيوخ، بترجمة عصرية سواء من حيث طولها القصير بالمقارنة مع القديمة والياقات المظفورة أو المفتوحة من الخلف على شكل حرف V عوض من الأمام.

وزاد الإحساس بقوتها الرجالية في القمصان الخاصة بالتوكسيدو والبنطلونات الصوفية الضيقة، لكن سرعان ما اختفى العنصر الرجالي في فساتين السهرة التي تميزت بالبريق والرومانسية الحالمة.

ويبدو أن هذه الازدواجية بين الأنثوي والرجالي لم يكن حكرا على ريبيكا تايلور، بل كان قاسما مشتركا في عدد من العروض، منها عروض دونا كاران، ودايان فون فورستنبورغ، وبيتسي جونسون.

هذه الأخيرة ذهبت إلى أبعد من هذا بإظهار بعض العارضات بشنب.