موسم رائع للموضة الإيطالية في أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2011

جوتشي تستوحي عرضها من الديكور القبلي البربري والأزتيك .. على أنغام الموسيقى الكلاسيكية
جوتشي تستوحي عرضها من الديكور القبلي البربري والأزتيك .. على أنغام الموسيقى الكلاسيكية

منذ انطلاقه يوم الأربعاء الماضي، وأسبوع ميلانو للموضة يلعب على التناقضات، ما بين تصميمات البريطاني جون ريتشموند المفعمة بالحيوية والتي تعود بنا إلى ستينات القرن الماضي، وتصميمات غوتشي التي أخذتنا إلى أجواء مدينة مراكش، وألبيرتا فيريتي التي نسجت أغنية رومانسية بكل المقاييس. لكن القاسم المشترك بين معظم العروض هو صخب الألوان المستوحاة من الطبيعة. بدأ ريتشموند عرضه على نغمات موسيقى فريق البيتلز البريطاني، وأرسل العارضات في بنطلونات جينز مقلمة وضيقة عند الخصر واسعة من أسفل ومفتوحة عند الساق، بينما غلب الأبيض والأسود على الألوان التي لم يكسر هدوءها سوى ألوان الأحذية العالية من أحمر وأخضر.


ضم العرض مفاجآت كثيرة تمثلت في جاكيتات بزر واحد، أو صدري مفتوح بطريقة قد تكون أكثر من واضحة بالنسبة للبعض، أو بنطلون جينز تغطيه قطعة من الجلد من الخلف، في مقابل قمصان من الشيفون الأسود الشفاف تناغمت بشكل رائع مع تنورات مستقيمة. أما بالنسبة لأزياء المساء والسهرة، فقد غلب عليها الحرير واعتمدت على الطيات والثنيات والبليسيهات، التي أضفت على العارضات أنوثة بالغة، خصوصا عندما تظهر من تحتها أجزاء من السيقان أو الأكتاف.

واختتم العرض بفستان سهرة أخضر زمردي بياقة باللونين الفضي والأسود أثار إعجاب الجمهور الذي أخذ يصفق مع تصاعد نغمات أغنية الخلفية «ماي سويت لورد» لمغني فريق البيتلز السابق جورج هاريسون.

«غوتشي» في المقابل فضلت الموسيقى الكلاسيكية لتصاحب عرضا صاخبا بالألوان مثل الزمردي الأخضر المائل للزرقة والنحاسي، تراقصت فيه الأزياء مع الإكسسوارات ذات الألوان الذهبية.

افتتحت غوتشي أسبوع الموضة في ميلانو موسم ربيع/ صيف 2011 بعرض من طراز الفروسية، ذي الألوان الزاهية المستوحاة من الديكور القبائلي التي تجمع بين تأثيرات البربر والأزتيك. وقد أخذت التشكيلة الجديدة الزينة الفاخرة لحدود جديدة من البذخ والخيال، حيث زينت الجاكيتات والبنطلونات المصنوعة من الجلد نقوشات ومشغولات يدوية معقدة وامتلأت الملابس بالسلاسل والخواتم والأزرار المعدنية. وجاءت البنطلونات الطويلة والقصيرة مصنوعة من الحرير، والتنورات ضيقة بألوان الأخضر الزمردي أو الفوشيا منسقة مع جاكيتات واسعة بالبرتقالي أو الأزرق، وقمصان بنفسجية.

وتعزز تصادم الألوان مع أحذية بكعوب ذهبية، وأحزمة وحقائب يد مصنوعة من جلد الثعبان. ولم تخرج فساتين السهرة عن الجو العام، وتميزت هي الأخرى بكون ألوانها مثل مهرجان مشع وصاخب، بعضها مطرز يدويا بالريش والبلورات والخرز ونقوشات الحرير والمشغولات المعدنية. الماكياج أيضا كان لافتا، حيث لفت العارضات شعورهن إلى الخلف على شكل شينيون وطلاء شفاه أحمر فاقع. الانطباع الذي خلفه العرض كان لأناقة معقدة بتنوعها وأنوثتها، خصوصا أن اللعب كان جزءا مهما فيها.

من القطع التي أثارت الانتباه تايور باللون الأسود مكون من جاكيت بياقة مفتوحة وبنطلون واسع منخفض الخصر. كان التفصيل متقنا إلى حد الصرامة، على العكس من العرض الذي قدمته إيلينا مورينو، الذي كان منطلقا وخفيفا يخاطب كالعادة المرأة الممتلئة. وقد دخلت عارضاتها إلى منصة العرض مظهرات أجسادهن الممتلئة وكن يبتسمن ابتسامات فاتنة وهن يسرن على خلفية من الديكور لمقهى رومانسي يغلب عليه اللونان الأبيض والأسود ومزين بعدد من الزهور.

تجدر الإشارة إلى أن عرض ميرو كان مستقلا وخارج البرنامج الرسمي للأسبوع، الأمر الذي أثار عدة تساؤلات، خصوصا أن عرضها كان دائما يفتتح أسبوع ميلانو، أو على الأقل في الخمس سنوات الماضية، لهذا كان استبعادها غريبا، قابلته المصممة بالتحدي وبالمزيد من الاحتفال بالمرأة الممتلئة. قالت المصممة في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية إن عرضها يذكر بالخمسينات من القرن الماضي «عندما كان جمال المرأة وقوامها الملفوف والرقيق» ضرورة من ضروريات المشاركة في عروض الموضة.

وقالت المصممة، واسمها الحقيقي إيلنا ميروغليو: «يجب أن يكون كل نوع من النساء ممثل على منصة العرض. هذا النوع من السيدات يريد أيضا أن يرتدي أزياء أنيقة». وتعترف ميروغليو، وهي صغيرة الحجم ونحيفة الجسد، بأن التصميم للنساء الممتلئات القوام أصعب من التصميم للنساء النحيفات، لكنها أشارت إلى أنها بعد 25 عاما من العمل في هذا المجال أصبح لديها الخبرة و«الدراية حول الأبعاد والأشكال».

وقد اكتسب الاتجاه نحو التصميم للنساء ذوات القوام الممتلئ زخما منذ وفاة عارضة الأزياء البرازيلية آنا كارولينا ريستون من فقدان الشهية عام 2006، وهو الحادث الذي هز عالم الموضة، وأثار جدلا كاد أن يغير شكل الموضة، لولا المقاومة التي أطلقها المصممون والعارضات، وأدت إلى تراجع الجهات المسؤولة واقتصارها على التحذير. لكن لا أحد يتجاهل الآن قوة المرأة ذات المقاس العادي أو الكبير، فهي امرأة عاملة وقوية ولها إمكانيات عالية يمكن أن تؤثر على سوق الشراء وتزعزعه أيضا. وفي انعكاس لتوسع سوقهن، فإن مبيعات مجلة الأزياء «إيل» ارتفعت بشكل كبير عندما أصدرت عددا خاصا في مارس (آذار) عن أزياء السيدات ممتلئات القوام. هذا وصرحت إحدى عارضات الأزياء في مجموعة ميروغليو، بأن عارضة الأزياء النحيلة ذات الجسد المثالي في عالم الموضة «مريضة بعض الشيء».

أما المصممة البرتا فيريتي، وبأسلوبها الناعم والمنساب، فقدمت مجموعة مطبوعة بنقوشات من وحي الطبيعة على غرار تلك التي رأيناها في نيويورك في عرض كل من مايكل كورس والأختين رودارت وغيرهم، إلا أن ما قدمته فيريتي كان أكثر ميلا إلى الرومانسية، بفضل استعمالها طبقات الشيفون ورسومات السرخس والزهور والطيور التي تذكرنا بالحدائق الساحرة.

موسم رائع للموضة الإيطالية وميلانو تنتقل إلى المقدمة
ربما سيستحوذ جورجيو أرماني على العناوين الرئيسية في الصحف الصادرة اليوم، حيث نجح في اجتذاب جورج كلوني وميغان فوكس في مقدمة صفوف مشاهدي عرضه، يوم الاثنين، ومن المتوقع أن يسهم هذا الحضور اللافت من جانب نجوم هوليوود في تعزيز مكانة أزياء روبرتو كافالي التي تحتفل بالذكرى الـ40 لانطلاقها. المعروف أن المصممين الإيطاليين يعشقون المرح، ولدى أرماني مجموعة جيدة له الحق في أن يسعد بها.

لقد كان هذا الموسم رائعا بالنسبة للموضة الإيطالية، وذكر الجميع بأن ميلانو بإمكانها أن تتحول إلى معقل للتصميمات الجديدة المثيرة، وليس مجرد تابع لباريس. ومن العسير أن يتذكر المرء موسما للموضة هنا على مدار العقد الماضي شكلت فيه المجموعات الممتازة القاعدة لا الاستثناء.

وكذلك كان الحال بالنسبة لـ«برادا» و«فندي» و«فيرساتشي»، عند بداية عروض موسم ربيع 2011 في إيطاليا، مرورا بجيل ساندر، وراف سيمونز وتصوراته الرائعة للتصميمات الكلاسيكية، وصولا إلى بوتيغا فينيتا وفساتينه المستوحاة من زهرة المغنوليا، وحتى بوتشي وتصميماته الأنيقة ذات الطابع الشبابي المتحرر.

حتى كافالي عجز عن كبح جماح نفسه، حيث افتقرت مجموعته إلى أدنى صلة بالواقع مع خروج عارضيه إلى منصة العرض وهم يرتدون تصميمات تحمل شكل جلد الثعبان ورقعا من الشيفون. وكانت تصميماته بمثابة إيجاز لرؤيته.

بعيدا عن الألوان المتلألئة وترتيبات «الفوتوشوب» لصور الأزهار، جاءت تصميمات جيل ساندر لافتة للانتباه، مثل التنورة الطويلة ذات الأهداب المتحركة بحرية أو الفستان الطويل العمودي الذي يبدو أقرب إلى إبداعات المصور الشهير ريتشارد أفيدون. ومع ذلك، يصر ساندر على أن هذه الملابس يمكن ارتداؤها في الشارع.

أما سيمونز، فقد نجح في تجنب التساؤلات التي تثير قلقا متزايدا في عالم ما يطلق عليه الموضة الفاخرة، مثل تراجع مستوى الجودة والحرفية. بدلا من الاعتماد على منسوجات تقليدية مثل غزار والتفتة، علاوة على اعتماده على منسوجات يابانية صناعية تتميز بروعة مماثلة، لكن بإمكانها في الوقت ذاته الحفاظ على الصبغات المتلألئة. وتبدو تصميمات سيمونز بوجه عام أنيقة، الأمر الذي يرجع سبب من أسبابه إلى أن هذه التصميمات مطبوعة في ذاكرتنا جميعا. إلا أنها تتميز في الوقت ذاته بمظهر يوحي بالحرية ويحمل طابعا عصريا. ويمكن لأي امرأة أن ترتدي الكثير من التنورات التي تضمنها العرض مع حذاء رياضي أو صندل. الملاحظ أن التصميمات الافتتاحية تمثلت في قمصان بيضاء.

وعند إمعان النظر يتضح أن تصميمات سيمونز ليست تقليدا للتصميمات الكلاسيكية، وإنما هي أمر جديد تماما. والمؤكد أن الأميركيين من عشاق الموضة سيقدرون فكرة ارتداء قميص على تنورة أنيقة أو بنطال بالغ الاتساع. يذكر أن أوسكار دي لا رنتا دأب على فعل الأمر ذاته لسنوات، وكذلك الحال مع بيل بلاس. لكن سيمونز فعل ما هو أكبر من مجرد الاهتمام بالمظهر الخارجي، رغم أن الأساليب التي انتهجها تميزت ببساطة شديدة. ومن خلال تحويل مسار المناقشات بعيدا عن الزخارف والأناقة المثالية، نجح سيمونز في بث روح جديدة في تصميم الأزياء.

من ناحية أخرى، لم يكن للألوان أثر في تصميمات بوتيغا فينيتا، حيث اعتمد توماس مايير على ظلال الرمادي الفضي والرمادي الداكن والأبيض. ورغم ذلك، ظلت الكثير من الفساتين التي عرضها متميزة - بنسيجها المصنوع من الحرير والكتان - وتألقت خلال العرض. وقد حملت الفساتين الفضفاضة التي صممها إشارات للجسد الكامن تحتها، لكنها لا يمكن وصفها بأنها «مغرية».

ومن بين الإنجازات الصائبة التي حققها مايير أيضا التوازن بين الملابس ذات الطابع الرياضي التي يمكن ارتداؤها عند ممارسة الرياضة أو التسوق، وحجم ملكة التصميم التي يتعين استغلالها.

في المقابل، جاءت مجموعة أرماني بأكملها باللون الأزرق الداكن، الذي تنوع ما بين المعدني واللامع والشفاف. ورغم أن هذا اللون بدا في بعض الأحيان رهانا آمنا، فإنه لم يكن ملائما تماما للربيع.

بالنسبة لبيتر دنداس، فلم يغير وتيرته في بوتشي، لكن مجموعته حملت طابعا جذابا ومغريا بالقفطانات المزخرفة والتنورات اللافتة والفساتين ذات الأهداب. وتميز خط أكويلانو ريموندي برسوم نباتية وألوان حية مشرقة أضفت على العارضات مظهرا عصريا وجريئا أكثر من أي موسم سابق.