يوم المرأة العالمي وسلامة الطرق .. عناوين أسبوع باريس للموضة

مهرجان من الألوان من أونغارو.. وكوكتيل من التصميمات الشابة من لاكروا ولاغرفيلد وريكييل
مهرجان من الألوان من أونغارو.. وكوكتيل من التصميمات الشابة من لاكروا ولاغرفيلد وريكييل

في الوقت الذي كان فيه العالم يحتفل بيوم المرأة العالمي، كانت باريس تحتفل به بإهدائها أجمل الأزياء، بدءا من التركي حسين تشالايان إلى سونيا ريكييل، مرورا بكريستيان لاكروا، وإيمانويل أونغارو، وكارل لاغرفيلد، وغيرهم.


فالأنوثة وطرح أزياء معقولة يمكن أن تلبي كل احتياجاتها، كانت موضوع اليوم عند غالبيتهم، مع اختلاف في التفاصيل، ونوع المرأة التي يتوجهون إليها.

في دار «إيمانويل أونغارو»، مثلا، التي عانت لسنوات من عدم توفر مصمم شاب يمكن أن يملأ الفراغ الذي تركه المؤسس بتقاعده، وجدت أخيرا من يفهمها، أو على الأقل متحمسا لفهمها، في شخص الكولومبي الشاب إستيبان كورتزار، الذي أعطى ـ من خلال تشكيلته ـ الانطباع بأن الأزمة المالية العالمية كانت آخر همه، وأن جل اهتمامه منصبّ على حفر اسمه ومكانته وإرضاء امرأته الشابة. اقتراحه لخريف وشتاء العام المقبل كان عبارة عن مهرجان من الألوان، وبعد أن توالت القطع، ولم يترك أدنى شك أن عملية التجميل التي أخضع لها الدار قد أتت بنتيجة مرضية، لأنها أعادت الشباب والحيوية لها.

 مهرجانه المتفجر بالألوان تميز أيضا بالنقوش المنقطة في تصميمات قصيرة بطيات متعددة وبليسيهات متقنة.

ويبدو أن المصمم الشاب غرف الكثير من إرث الدار، حيث ذكرنا بأن المؤسس إيمانويل أونغارو كان يعشق اللعب على المتناقضات، ويعمل على تنسيقها بشكل جديد.. قد يصدم للحظات، لكنه سرعان ما يسر العين، ويؤكد أنه فنان يعرف أدواته، وأنه لو كان رساما؛ لأتحفنا بلوحات خالدة.

خليفته أيضا تلاعب على الفوشيا مع والبرتقالي والبنفسجي مع الأزرق، ليخلق توليفة تتفتح لها نفس الشابات، خصوصا أن تصميماته تخاطبهن في المقام الأول، فهي قصيرة وضيقة على الجسم في أغلب الحالات، باستثناء قطع من الصوف، وأخرى بطيات، أو تتميز بالانسياب.

وربما حان الوقت للدار اليوم أن تتنفس الصعداء، لأنها حققت أخيرا ما كانت تصبو إليه منذ سنوات، وهو التخلص من الإيحاءات القديمة التي جعلتها تبدو وكأنها لا تناسب سوى الجدات، بعد أن تعلمت لغة العصر.

كورتزار قد لا يرقى إلى مستوى المؤسس، أو غيره من المصممين الكبار، لكن ما يشفع له أنه مجتهد، والأهم من هذا أنه أصغر مصمم على الساحة، حيث لا يتعدى عمره 24 عاما، وبالتالي من حقه أن يلعب ويجرب، وليس ببعيد أن يضمن بقاءه طويلا مع الدار، على شرط أن يقدم تشكيلة تبيع.

وحسب ما رأينا، فإنها حتما ستجد طريقها إلى خزانات رشيقات في العشرينات والثلاثينات من العمر. كريستيان لاكروا، عاشق آخر للألوان، حتى إن البعض في الوسط يطلق عليه لقب رسام الموضة، كما أنه معلم متمكن في خلق الأحجام الكبيرة والأكمام المنفوخة بتوازن.

 هذه المرة استبدل الألوان الصارخة والمتضاربة في القطعة الواحدة بالأسود والأزرق النيلي، وركز على التصميم نفسه، مع خلق تناغم بين ألوان من الصعب تصور التزاوج بينها من قبل.

أقام عرضه في مكان غريب وجديد في الوقت ذاته. فقد استعاض عن مركز بومبيدو، الذي تعود عليه، إما اختيارا أو اضطرارا لأسباب مادية، بمرآب كبير في منطقة «لوماريه» الحية والمنتعشة بالمقاهي والمتاحف المتراصة.

صحيح أن المرآب قد لا يكون الخيار المفضل للمصمم، ولا يعكس فنيته، لكونه باردا وعمليا، إلا أن المكان هنا ليس هو المهم، بل الأزياء التي نجحت في أن تغطي على كل شيء، وأكدت أن الكبير يبقى كبيرا أينما عرض وكيفما كان.

بدأت التشكيلة، وبدا واضحا أنه أدار ظهره للألوان المتضاربة، التي تعتبر ماركته المسجلة، واستبدلها بألوان متناسقة بشكل ناعم، تتباين بين الأزرق النيلي والأسود والأخضر بدرجات متنوعة، في تصميمات زينتها ربطات و«فيونكات» مبتكرة.

 كما أضاف إلى الأكمام المنفوخة طيات متعددة، تبدو وكأنها كرمشات، مثل تلك التي تحدث عندما نشمر الأكمام إلى الكوع، ثم تتجمع عند الكتف بشكل رائع.

فالكتف، كما نعرف، ستكون هي مركز الجذب في الموسم القادم، وبالتالي لم يكن بإمكانه أن يتأخر عن الركب، حتى إذا لم تكن تشكيلته مستوحاة من الثمانينات، العصر الذهبي لهذا الجزء من الجسم.

الجميل عنده أيضا أن تقنية الدرابيه لم تقتصر على أزياء المساء والسهرة، بل شملت فساتين النهار، بما فيها تلك المصنوعة من الصوف، كما جاءت الكثير من القطع تحاكي أزياء «الهوت كوتير» من حيث تقنياتها وتصميماتها، وفي بعض الأحيان حتى في أقمشتها المترفة، الأمر الذي يؤكد أنه رغم كل مشاكل لاكروا المادية، التي عانى منها لسنوات طويلة، ولا شك أنه لا يزال يعاني منها، خصوصا في ظل الظروف الحالية، يرفض أن يقدم تنازلات على حساب الفنية والمرأة، وهذه أجمل هدية يمكن أن يقدمها رجل إلى امرأته.

من جهته، حاول المصمم البريطاني، التركي الأصل، حسين تشالايان أن يهديها أزياء أنثوية، وكانت النتيجة أنه، وعلى غير عادته، أغدق عليها الكثير من الإثارة. تشالايان المعروف بتصميماته الهندسية والفنية، التي يدخل عليها أحيانا تقنيات تكنولوجية متطورة تضفي عليها بعض الغرابة، قدم أزياء ضيقة جدا، وتنورات لا تقل عنها تطرفا في الطول، حتى تظهر الأحذية العالية الساق بحيث تغطي الركبة وما فوق.

أما كارل لاغرفيلد، الذي ظهر منذ فترة قصيرة في إعلان عن ضرورة استعمال سترة السلامة في الطرق السريعة، فأخذ دوره على محمل الجد فعلا، وأتحفنا في عرضه الخاص (الذي يحمل اسمه) بخوذات مثل تلك التي يستعملها سائقو الدراجات النارية، بعد أن زينها بالفرو، وصمم فيها مكانا خاصا لحفظ «أيبود» صغير، حتى تكتمل السلامة مع الأناقة والترفيه.

لاغرفيلد نسق هذه الخوذات مع معاطف وجاكيتات عصرية لم يبخل عليها بالفرو في الياقات، فضلا عن لمسات مبتكرة على الجيوب والحواشي والأكتاف. الأكتاف هنا قد تكون مستوحاة من موضة الثمانينات، مثلما رأينا في أغلب العروض، لكن من الصعب التأكيد على هذا عندما يتعلق الأمر بهذا المخضرم، لأنه ينجح دائما في إضافة تفاصيل خاصة جدا تجعلك تشعر بأنها ابتكرت للتو.

فهو مثلا لم يستعمل «كتافيات»، لكنه صممها على شكل جسر يمتد من أعلى إلى منتصف الظهر، كما زينها بما يشبه الضفائر التي تتدلى بعدة صفوف لتصل إلى الخصر، وتلتف حوله على شكل حزام.

اللون الغالب على التشكيلة هو الأسود مع بعض الرمادي الفضي والأحمر القاني، فيما أدخل على التويد لمعانا خفيفا حتى يلتقط الضوء. مثل مجموعة لاكروا، نجد هنا قطعا كثيرة تحاكي «الهوت كوتير»، لكنها موجهة أساسا إلى مُحِبّات «الروك آند رول» أي أنها تصميمات شبابية نوعا ما، مثل بنطلون ضيق جدا مزين بشريط أحمر قانٍ من الخلف.

أما المخضرمة الثالثة في هذا اليوم، سونيا ريكييل، فقد أقامت عرضها في محلها الواقع ببولفار سان جيرمان الراقي، الأمر الذي خلق نوعا من الحميمية بين الحضور والعارضات، اللواتي كن يتكلمن بصوت عال، أو يضحكن بصوت عال وهن يلقين ببعض النكات غير المفهومة في أغلب الأحيان، وهن يستعرضن إبداعاتها.

في هذه التشكيلة، عادت سونيا إلى أرشيفها وما تتقنه جيدا، الأسلوب الفرنسي السهل الممتنع والصوف المغزول بطريقة خفيفة وبخيوط من الذهب، مع «بيريهات» وقبعات بأشكال أخرى. كان واضحا أنها عادت إلى أرشيف الثمانينات بكل بريقها وأبهتها، الأمر الذي يفسر الأحجار التي رصعت معاطف طويلة وفساتين سهرة من الشيفون ببليسيهات أيضا نسقتها مع قبعات مثيرة.